• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الفرنسيون والإسلام

الفرنسيون والإسلام

 

بعد التفجيرات التي هزت العاصمة الفرنسية باريس، يلاحظ – أحيانا - انتشار الأفكار التي تنقل وتعبر عن الرأي العام الفرنسي نحو الاسلام والمسلمين بطريقة غير متزنة وبنظرة جزئية تذم الفرنسيين تارة أو تبجيلهم تارة أخرى.

شأنهم شأن الشعوب الأخرى، تنوعت آراء الفرنسيين نحو الإسلام والمسلمين والقضايا المتعلقة بهم بين مد وجزر، فثمة جوانب مضيئة تبهجنا وأخرى مظلمة تزعجنا، ولذا فمن الظلم اختزال الحديث عن نظرة الفرنسيين وآراءهم وتوجهاتهم بموقف وصورة واحدة كما هو الحال في النظر للحكومات الغربية ومواقفها المزدوجة وكيلها بمكيلين بشؤون المسلمين والعالم العربي، والتي لم تعد خافية حتى على شعوبهم أنفسهم كما بينته العديد من استطلاعات الرأي، وناقشتها في كتابي " كيف ينظرون إلينا؟....الاسلام والمسلمون في استطلاعات الرأي العالمية".

أنقل هنا بعض ما جاء في استطلاعات آراء الفرنسيين بما يتعلق بالإسلام والمسلمين بشكل موجز عسى أن أوفر على القارئ العودة لعشرات استطلاعات الرأي المنفذة منذ سنوات لأقدم صورة عامة عن الرأي العام الفرنسي بطريقة شاملة وحيادية قدر المستطاع وبما يسمح بها المقام.

بداية، يقدر الفرنسيون أن 31٪ من السكان في فرنسا هم مسلمون، بينما النسبة الفعلية للمسلمين هي 8٪ فقط! وتضخيم عدد ونسبة المسلمين عن الواقع الفعلي سمة موجودة عند الكثير من الشعوب الغربية لم يشذ الفرنسيون عنها، ويبقى لها أسبابها وأثارها السلبية والإيجابية فضلا عن طريقة توظيفها.

ومثل العديد من الشعوب الغربية أيضا، احتفظت الأغلبية في فرنسا بآراء إيجابية تجاه المسلمين في فرنسا، كما دلت عليها سلسلة استطلاعات الرأي، حيث ينظر الفرنسيون للمسلمين بصفات ايجابية مثل الكرم والصدق والامانة، والفرنسيون أكثر من لديهم صورة إيجابية عن المسلمين بالمقارنة مع غيرهم من الغربيين؛ حيث وصلت نسبة تفضيل المسلمين ما بين الثلثين إلى الثلاثة أرباع، ولكن هذه النتائج تنطبق على النظرة للمسلمين الفرنسيين كما هو واضح في بعض الاسئلة، أو كما فهمها المستجيبون، وهو ما تؤكده مقارنة هذه النتائج مع نتائج النظرة السلبية العامة عند سؤالهم عن الاسلام، و لا سيما في الأسئلة التي وضعت الاسلام مع الأديان الأخرى وتفضيلها وعلاقتها بالعنف والتطرف.

بالرغم من لوم أغلبية الفرنسيين للمسلمين على أحداث الاحتجاج التي وقعت في العالم الاسلامي بعد نشر الرسوم الكاريكاتورية التي اساءت للرسول – صلى الله عليه وسلم، الا أن أغلبهم –بما يزيد عن النصف بقليل- أعتبر أن عملية نشر الرسوم كانت أصلاً "استفزازاً غير مبرر".

تشدد الفرنسيون في شأن الحجاب، وتحديداً النقاب بشكل يفوق الأمريكيين والبريطانيين وكما تنامي رفض الفرنسيون لرموز الدِّين الإسلامي؛ حيث وصلت نسبة من يعارضون بناء المزيد من المساجد إلى نحو 43%، مقارنة بنسبة 39% عام 2010 كما أشارت بعض استطلاعات المعهد الفرنسي للرأي العام إيفوبIfop لاستطلاعات الرأي، في أكتوبر 2012.

وعلى صعيد العلاقات بين المسلمين والغرب، فقد رأى 6 من 10 فرنسيين أنها سيئة، ولوحظ ارتفاعا في نسبة الاهتمام بنمو ظاهرة الأصولية أو التطرف الإسلامية، حيث كان الفرنسيون من أكثرَ الناس اهتماماً بتنامي ظاهرة الأصولية بنسبة (89%)، وهو ما يفوق نسبة البريطانيين والأمريكيين والإسبانيين والروسين.

وحول دور الاسلام في فرنسا، رأي ثلاثة أرباع الفرنسيين (74%) أن الإسلام لا يتوافق مع نمط الحياة الفرنسية أو المجتمع الفرنسي، وأن أقل من ثلث الفرنسيين فقط يرون أن غالبية المهاجرين المسلمين المستقرِّين في فرنسا مندمجون بالمجتمع الفرنسي.

وأخيراً، أظهرت نتائج مؤسسة إيفوب Ifop عام 2012 بأن أغلبية متزايدة من الفرنسيين (60%) يعتقدون أن الإسلام يلعب دوراً مؤثِّراً أكثر من اللازم في مجتمعهم، في حين كانت هذه النسبة 55% في العام 2010. كما بيّن 50% تقريباً أنهم يرون في المسلمين تهديداً لهويتهم الوطنية، مقابل 17% فقط قالوا إنه يُثري المجتمع، ومع ذلك فهناك حالة تنامي لمن يعتقد أن مجتمعاتهم لا تحترم الاسلام، حتى وصلت هذه النسبة الى الثلث عام 2012، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة جنباً الى جنب مع تنامي الصورة الذهنية السلبية عن الاسلام والمسلمين بسبب تنامي التصرفات الدموية الهوجاء في أطراف العالم.

ملاحظة: توثيق المعلومات والأرقام الواردة في هذا المقال مصدرها كتاب "كيف ينظرون إلينا؟. الاسلام والمسلمون في استطلاعات الرأي العالمية "للمؤلف سامر أبو رمان، ويصدر الشهر القادم بحول الله عن مركز البيان للبحوث والدراسات في الرياض.

 

أعلى