• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha

" الكرفانات".. معاناة جديدة لنازحي الحرب في غزة

يشعر الفلسطيني محمود البريم بالعجز أمام تألم طفله المريض، كأب لا يستطع توفير العلاج اللازم له، أو تغطية تكاليف مواصلات الذهاب إلى الطبيب لفحص حالة طفله باستمرار.

يعيش محمود البريم وعائلته وابنه حمزة، 4 سنوات، وهو مصاب بمرض ثقب في القلب، داخل "كرفان" أو "ثلاجة البشر" كما أطلق عليها سكان "بلدة خزاعة " الحدودية، في جنوب قطاع غزة.

شن "الاحتلال الإسرائيلي" عدوانًا شرسًا على قطاع غزة، استمر لأكثر من خمسين يومًا، كان لبلدة خزاعة نصيب كبير من التدمير والخراب، فمحمود دُمِر منزله في العدوان، وهو متعطل عن العمل يقول بمرارة:" لا أستطيع أن أوفر لطفلي المريض أي شيء، فلا يوجد مصدر دخل لتغطية تكاليف العلاج، ولا حتى سكن دافئ يقي طفلي وعائلتي برد الشتاء وزحف الصقيع والأمطار للكرفان".

ثلاجات الأحياء

منحت وزارة الأشغال الفلسطينية مجموعة من المواطنين الذين تهدمت بيوتهم في العدوان100 "كرفان" عبارة عن بيوت جاهزة من الفلين تحتوي أكثر من 800 شخص مقسمة على معسكرين بداخل البلدة ، شبهها ساكنيها بثلاجات الأحياء.

وأكد السكان أن كرفاناتهم تعاني العديد من المشاكل أبرزها ارتفاع شديد في درجات الحرارة نهاراً يتبعها انخفاض الحرارة ليلاً داخل الكرفان.

ولم يتلقى السكان سوى مساعدات بسيطة من أغطية وبعض الأغيه في وقت هم بأمس الحاجه له لتوافر المساعدات بكثافه في ظل الظروف الاقتصادية الصعبه وتردي الأوضاع الصحية التي يعاني منها سكان الكرفانات

 أشاروا إلى أن مع كل سقوط للأمطار تتسرب إليهم المياه من جميع أنحاء الكرفانات مما يسبب تلف في الأغطية يتبعها أمراض عديدة في أطفالهم الصغار خاصة أن هناك نسبة مرتفعة من الأطفال حديثي الولادة.

بعد انتهاء العدوان على غزة، أصيب حمزة بحالات تشنج، ما استدعى زيارة الطبيب، ليكتشف انه مصاب بثقب في القلب وحالته صعبة جدا، يقول الوالد بقلب مكلوم" كانت بدايتي مع المعاناة عندما تشنج حمزة بشكل مفاجئ، وقمت بنقلة إلى أقرب مستوصف طبي، كانت هناك مجرد شكوك أن طفلي يعاني من ضعف في عضلات القلب، نصحوني بالتوجه إلى طبيب متخصص بأمراض القلب".

يضيف: " بعد إجراء عدة صور وفحوصات طبية، تم التأكيد بأن حمزة مصاب بثقب في القلب وحياته معرضه للخطر، يجب توفير العلاج بشكل سريع جداً"

يلهو حمزة بقلبه الضعيف، أمام أعين والده التي تجمدت بداخلها الدموع، لا يعلم ماذا حل به من مرض، في مقتبل طفولته التي لم يفرح عليها بعد، ويمكن أن يغادرها لأقل سبب.

يتابع  البريم:" منذ اكتشاف المرض، أواجه صعوبات في توفير العلاج لطفلي الذي يحتاج إلى تكلفة علاجية ضخمة أعجز عن توفير ثمنها بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة".

كذلك أم علاء

الحاجة الخمسينية أم علاء المصابة بارتخاء الصمام الماتيرلي في القلب التي تعيش في كرفان أشبه بثلاجات اللحوم كما لم تسلم من لهيب الحرب التي أفقدها فلذه كبدها علاء.

وتقول:" عانيت من مرضي بالقلب منذ فترة طويلة وكنت أتلقى العلاج بشكل مستمر ولكن مع ذهاب منزلي وفقدي لأبني ساءت حالتي الصحية كثيرا وأصبحت أعاني من مشاكل نفسية".

وتشير إلى أن  وضع العائلة أصبح مزري للغاية خاصة بعد فقد منزلهم الذي كان يحتوي على مشروع تجاري لعلاء دمره العدوان فأصبحت العائلة تحمل على كاهلها ديون إضافة لفقد المنزل والولد.

 ليس المرض فحسب

ليست الأمراض وحدها التي تنهش هموم المواطنين بل هناك مشاكل أخرى تؤثر على المدى البعيد يلخصها المواطن موسى قديح 40 عاما  صاحب أحد الكرفانات قائلاً:" كنت أسكن في منزلي أنا وأطفالي التسعة والتي تستر معاناتنا جدرانه فأتت الحرب أخذتاً معها المنزل الذي كان يسترنا".

ويتابع قديح:" أسكن في كرفان من الصفيح مكون من غرفتين ننام به أنا وجميع أفراد الأسرى ذكور وأناث دون مراعاة لأي خصوصية بسبب ضيق المكان ".ويؤكد أن المساحة ما بين كل كرفان والأخر ضيقة للغاية تتسع فقط لسير وهذا ما يسبب مشاكل اجتماعية بين العائلات التي تسكن بالكر فانات  حيث أصبحت الخصوصية معدومة في جميع الحي.

وترتفع صرخات أصحاب الكرفانات لتصل عنان السماء وتدق ضمائر أصحاب القلوب الرقيقة بأن تلتفت إلى من غدرت بهم الأقدار وعصفت بهم نيران الحروب لتتحول حياتهم إلى مأساة يتجاهلها القريب والبعيد.

أعلى