التصعيد الأردني ضد داعش والرأي العام الأمريكي
يبدو أن ثمة قناعة كبيرة لدى الرأي العام العالمي ومنها الأمريكي بأن هزيمة تنظيم
الدولة الاسلامية " داعش" " ISIS"
لن يتحقق الا بتدخل بري كما بينت استطلاعات فوكس نيوز و CBS في
سبتمبر وأكتوبر 2014 ردا على سؤال " هل تعتقد أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على
إزالة التهديد من قبل الدولة الإسلامية ISIS (في
العراق وسوريا) باستخدام الضربات الجوية وحدها، أم هل تعتقد أن القوات البرية ستكون
ضرورة من أجل إزالة التهديد منهم ؟" حيث أجاب ( 65 % ) بأن القوات البرية ضرورية.
وبذات الوقت، فإن من ملامح الرأي العام الأمريكي - كما هو معروف وبينته في
مقالات سابقة – هو التشدد في الموافقة على استخدام القوات البرية بعيدا عن
أرضه حيث بلغت نسبة الرافضين لتدخل بري ضد تنظيم الدولة (63 %) منذ الارهاصات
الأولى لانطلاق حرب التحالف ضد التنظيم كما في نتائج استطلاع Quinnipiac
University Polling Institute ،
وثم أخذت نسبة الرفض تقل لينقسم الرأي العام مناصفة تقريبا كما جاء في عدة
استطلاعات رأي بعد بدء العمليات والشيطنة الاعلامية المنظمة التي ساهم بها
تنظيم الدولة نفسه من خلال نشر مظاهر قطع الرؤوس وغيره .
انطلاقا من هذه الحالة العامة في التحفظ على استخدام القوات البرية الأمريكية ضد
التنظيم نفى الرئيس أوباما منذ بداية الحرب عن خطته ونيته بأن يستخدم القوات
البرية في هذه الحرب بالرغم من قناعة ثلاثة أرباع الأمريكيين بأن الولايات المتحدة
ستنتهي باستخدام قوات برية كما جاء في استطلاع رأي NBC
News, Wall Street Journal, Annenberg Public Policy Center, Univ. of Pennsylvania في
نهاية سبتمبر 2014 ردا على سؤال " عندما يقول الرئيس باراك أوباما: "أمريكا ليس
لديها نية لاستخدام القوات العسكرية الأمريكية في عمليات برية للقتال ضد جيش ISIS"
- هل تشعر أن أمريكا ستنتهي باستخدام القوات البرية العسكرية الأمريكية أم هل تشعر
أن أمريكا لن تنتهي باستخدام القوات البرية العسكرية الأمريكية؟"
وفي ضوء هذه العلاقة المعقدة الأبعاد، ولضعف فعّالية الضربات الجوية وحدها ، ومع
توقع أن تطول أمد الحرب لسنوات كما صرح الجانب الرسمي الأمريكي، وكما يتوقع
الأمريكيون في استطلاعات الرأي، كان الخيار المفضل لدى الادارة الامريكية هو البحث
عن مبررات وايجاد رأس حربة و وسائل للتدخل البري والتصعيد ، والذي لن يكون الا من
خلال اشراك أطرافا عربية واسلامية، و ربما ما وجدت أفضل من الأردن لهذا الدور ،
وعليه لم يكن لمصلحة الولايات المتحدة أن تصل الأردن الى حل تفاوضي مع تنظيم الدولة
لإطلاق سراح الطيار ، و ربما قصدت افشال المفاوضات بشأنه وشراء الوقت وتأجيل
الخطوات الجدية لإطلاق مبادرة التبادل مع الاسرى وغيرها من الاجراءات الاستباقية مع
تجاوزنا عن القناعة بآراء البعض ممن أشاروا الى فخ اسقاط الطائرة أصلا وتقاعس قوات
التحالف في انقاذه منذ البداية .
الان، وبعد حادثة إحراق الطيار الكساسبة رحمه الله فيجدر الدعوة الى التفكير
بالأسباب ومعالجتها أكثر من ردة الفعل الأنية، و التحذير من أن تأكل الأردن
الطُّعْمُ الأمريكي لنهايته في دفع الاردن للتصعيد وجره لتدخل بري بالإنابة فضلا عن
تحقيق غايات أخرى ليست لمصلحة الأردن بأن يخوض حربا داخلية شرسة وظالمة ضد
المعارضين من الإسلاميين وغيرهم من الرافضين لهذه الحرب ومشاركة الأردن بها وتصفية
حسابات ليس من الحكمة مجرد التفكير بها.