قطع داعش للرؤوس والرأي العام
من الواضح أن تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" لا يلقي بالاً للرأي العام العربي ولا العالمي، ولا يرى في النظام الدولي ولا رأي شعوبه الا أداة وأُلعوبة بيد القوى المختلفة يهتم بها متى شاء ويتجاهلها متى شاء.
يزيد من حالة اللامبالاة هذه أن التنظيم يرى أنه بمرحلة بناء الدولة والإثخان في الأرض، وعليه يحمل الأفراد مسؤوليات حكوماتهم التي دعمت التحالف الدولي ضده وشاركت به عسكريا ولوجستيا. ولذا لا يجد أنسب من استراتيجية الترهيب واعتبارها أولى أولوياته لتثبيت كيانه الحديث الولادة.
من منظور الرأي العام، فإن ما تثيره سياسة الترهيب وتصوير عملية قطع الرؤوس من رده فعل شعبية سلبية بمختلف أنحاء العالم لن يكون بمصلحة الدين الاسلامي، ولا لمصلحة التنظيم على المدى البعيد من خلال توظيف ردة الفعل الشعبية كمبرر لاستعجال واستخدام القوات البرية ضده و هو لا شك خيار سيقصر من عمر تنظيم الدولة حسب معايير توازن القوى والتجارب والشواهد المعاصرة حتى وإن طالت الحرب ضده لسنوات.
حينما تتبعت اتجاهات الرأي العام الامريكي بعد تصوير ونشر عمليات قطع رؤوس الأمريكيين بدءا من أيام الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية ممارسات تنظيم الدولة الاسلامية الحالي، لاحظت كيف تتغير آراء الشعوب سلبا تجاه الجماعات الاسلامية والاسلام نفسه، ولعل من أبرز مظاهرها بوقتنا الحالي تأييد الأغلبية استخدام القوات الجوية ضد الدولة الاسلامية أو ISIS كما أظهرتها استطلاعات الرأي الأمريكية، وارتفاع نسبة الموافقة على ارسال قوات برية واستخدامها بنسبة وصلت الى النصف! بالرغم من كراهية ورفض الأمريكيين التدخل البري بشكل عام.
وما يعزز تلك الأثار السلبية لمشاهد قطع الرؤوس هو نسبة المتابعة العالية من قبل الرأي العام فمثلا 8 من كل 10 أمريكيين يعرفون عن قطع رؤوس الصحفيين الأمريكيين حسب نتيجة سؤال استطلاع NBC News : " كما تعلمون الآن، فإن جماعة الدولة الإسلامية الإرهابية ISIS في سوريا والعراق قد حازت على مكاسب إقليمية كبيرة في هذه البلدان، وأعلنت قيام دولة إسلامية مستقلة، هل رأيت أو قرأت أو سمعت التغطية الإخبارية عن قطع رؤوس الصحفيين الأمريكيين من قبل المجموعة الإرهابية ISIS؟"
هذا فضلا عن تقصّد الجهات البحثية والإعلامية الاستطلاعية المعادية للإسلام من الاشارة لقطع الرؤوس كما في استطلاع فوكس نيوز Fox News في سبتمبر 2014 والذي كان نصه "هل تعتقد أن على الولايات المتحدة فعل المزيد لوقف الدولة الإسلامية المتطرفة ISIS والمسؤولة عن قطع رؤوس اثنين من المواطنين الأميركيين أو لا تفعل المزيد " وبالطبع رأت نسبة كبيرة ( 78 % ) بأن على الولايات المتحدة فعل المزيد.
وكما جاء في سؤال أخر من نفس الجهة " الى من ينبغي أن نلجأ بعدما قطع المتطرفون الإسلاميون رؤوس اثنين من المواطنين الأميركيين؟ "
وكما تزداد الرؤية السلبية الشعبية المحلية حينما يكون المقتول من ذات الجنسية كما حصل في الرأي العام الأمريكي، وما يتوقع مع الرأي العام الياباني بعد اعدام (هارونا يوكاوا) ، وكما سيحدث مع الرأي العام الأردني في حال تم اعدام الطيار معاذ الكساسبة الاسير عند التنظيم، والذي اتمنى أن لا يحدث حتى لو شارك الاردن بحرب هي ليست حربه.