الاعتقال والابعاد .. وسائل الإحتلال لطرد المسلمين من القدس
"فجأة هجمت عليّ مجندتان احتلاليتان، وبدأت احداهن بمحاولة نزع حجابي، ومزّقت
جزءا من جلبابي، وشرعتا بضربي"، هكذا روت سحر النتشة-44- عاما قصة الاعتداء
عليها –بداية الشهر الجاري-داخل ساحات المسجد الاقصى قبل اعتقالها واحالتها
للمحاكمة، لتُبعد عن المسجد الأقصى شهرين كاملين.التهمة التي وُجهِت للنتشة كانت
عرقلة وصول "الزوار" الى المكان المقدس، والتعرض لهم. سحر تقول أنها لم
تفعل شيئا سوى التكبير عند محاولة عضو الكنيست"شولي معلم" الصعود الى قبة
الصخرة.
"عندما
تم اعتقالي بدأت بالصراخ:"لم أفعل شيئا ، كنت أدافع عن حقي"، قالت
النتشة راويةً ما حدث معها عندها تم تكبيل يديها وتفتيشها بشكل مذل، وعرضها على
محكمة وتأجيل احتجازها لساعات المساء. وأضافت أن المحقق هناك قال لها أن المصلى
القبلي هو للمسلمين، أما باقي ساحات المسجد فهي ساحات عامة، وليس من حق المسلمين
التدخل فيها .
تَعتبر
سلطات الاحتلال ساحات المسجد الأقصى البالغة مساحتها 144 دونما ساحات عامة يحق
لغير المسلمين الوصول اليها ويُمنع المسلمون من التكبير فيها. ولكن هذا الامر
مخالف للحقيقة فليست هناك سيادة للاحتلال الاسرائيلي على المسجد الاقصى، ولا يحق
له اصدار قرارات وقوانينتتعلق في المسجد
الاقصى.
عدد
المبعدين يزيد عن المئة مبعد، وجميع الفئات العمريّة مستهدفة لدى الاحتلال ، لكن اللافت أن عدد
المبعدات من النساء ازداد في الآونة الأخيرة عن الرجال، سعيّا من الاحتلاللتفريغ
المسجد الاقصى من النساء اللواتي يساهمن بشكل كبير في صد الاقتحامات الاسرائيلية اليومية للمسجد.
هذه
الحلقة من سلسة الانتهاكات استمرت على مدار العام برفع وتيرة تنفيذها أو
خفضها حسب اعداد ونوعية الاقتحامات وطريقة تصدي المصلين
لهم ، أو وجود تأييد سياسي من قبل الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) الذي ينتج عنه
اجراءات احتلاليّة جديدة، كما وترتفع هذه الوتيرة بمواسم الاعياد والمناسبات
اليهوديّة.
دوافع
واهداف أوامر الاعتقالات والابعاد تنبع من سعي الاحتلال الحثيث الى تفريغ المسجد
الاقصى وترسيخ فكرة كونه ساحات عامة، فرفع وتيرة وسقف هذه الممارسات يقلل من عدد
المصلين داخل المسجد بحكم الابعاد والتقييد ، أو يساهم في ارهاب بعضهم، كما أن
تجريم ممارسة التكبير داخل المسجد يجعل من كل مصلٍ ينكر وجود اليهود داخل الاقصى
هدفا للاعتقال أو الابعاد. هذا الابعاد الذي قد يصدر من عدة جهات احتلاليّة، فضابط
الشرطة له صلاحية الابعاد 15 يوما-حسب القانون الاسرائيلي-، أما الفترة الاطول
فتصدر من محكمة الصلح، و الجهة الأخرى المخولة لاصدار حكم الابعاد هي" ضابط
الشرطة" بمنطقة القدس.
يوجه
الاحتلال في معظم الاحيان تهما عديدة لمن يتم اعتقاله من داخل المسجد الأقصى منها؛
الاخلال بالنظام العام، عرقلة قيام الشرطة
بعملها، كما أن هنالك بندا جديدا يضاف الى لائحة اتهام المعتقل الا وهو "منع
الاخرين من الدخول الى الاماكن المقدسة"، على اعتبار أن المسجد الاقصى هو مكان مقدس لليهود-حسب زعمهم-.
عدا
عن قرارات الابعاد الخطيّة بحق المصلين في المسجد الاقصى ، فإن هنالك حالات لمصلين
يتم ابعادهم شفويّا بدون أي قرار مكتوب؛ أي ان الضابط المتمركز على ابواب الاقصى
يقوم بمنع المصلي من الدخول حسب هواه، الأمر الذي استهجنه حقوقيون معتبرين أن جميع
قرارات الابعاد شفوية كانت أو خطيّة باطلة قانونيا وتقوّض حق العبادة للمسلمين.
سميحة
شاهين مقدسيّة اعتقلها الاحتلال 5مرات، وابعدها 3 مرات خلال سبعة أشهر فقط، تهمتها
كانت التكبير" وعرقلة وصول الزوار الى الاقصى "، شاهين قبل تسليمها أمرا
خطيّا بالابعاد، كانت تُمنع من دخول المسجد بأمر إبعاد شفوي من الضابط على أبواب
الأقصى.
تقول
شاهين ان الطريقة الأمثل لمواجهة هذه الأوامر هو باستمرار إعمار المسجد الاقصى –لمن
استطاع الوصول اليه-وعدم تراجع المبعدين قيد أنملة عن حقهم في المسجد، وتؤكد أن
معظم بل وجميع المبعدين عادوا بعد انتهاء فترة ابعادهم بقوة وعزيمة أكبر،
وتضيف:"لا نفعل شيئا خاطئا، التكبير هو شعيرة دينية، وحقنا في المسجد الاقصى
حق أزليّ خالص لا تشوبه شائبة، وهذا ما يجعلنا أقوى من اوامر الاعتقالات
والابعاد".
الشمّاعة
التي يعلق عليها الاحتلال اعتداءاته بحق المصلين هي التكبير، فهو يعتبره
"ازعاجا لزوار المسجد" ويصنّفه ضمن الجرائم التي توجب الاعتقال والابعاد.
لكن المصلين يؤكدون أن التكبير هو شعيرة من شعائر الدين ويساهم في إحياء المسجد
والحفاظ على اسلاميته.
-كما
أشرنا سابقا- فإن وتيرة الاعتقالات والابعاد تزداد بشكل ملحوظ تجاه النسوة اللواتي
يتعرضن للاعتقال والضرب والتفتيش المذل، ويتعرضن لضغط نفسيّ ومعاملة سيئة لدى
خضوعهن للتحقيق، وفي أحيان عديدة يتم احتجازهن لفترة تزيد عن يوم –قبل عرضهن على
المحكمة-، والشهر الماضي شاهدٌ على اعتقال سبعة من النساء دفعة واحدة ومبيتهن في
مراكز الشرطة، كما أن سجل الاحتلال مليء بمثل تلك الانتهاكات التي تطال المسنين
أيضا.
بالانتقال
الى الجانب القانوني، فإن هنالك العديد من المؤسسات الفاعلة في قضية المسجد
الاقصى، مثل "محامون لأجل القدس" ومؤسسة الضمير لحقوق الانسان، التي
تدافع عن المعتقلين والمبعدين وتعتبر أن ما يتعرضون له هو مسٌ واضح بحرية العبادة،
حرية الرأي، التنقل وممارسة الشعائر الدينية في دولة تتغنى بالديموقراطيّة .
المحامي
في مؤسسة الميزان الاستاذ "عمر خمايسي" يؤكد أن القانون الدولي ينظر
لمنطقة القدس الشرقية على أنها منطقة محتلة، وبالتالي فجميع الاجراءات التي تقوم
بها دولة الاحتلال داخلها هي غير قانونية وتنتهك القانون الدولي، ولكن الاحتلال
يضرب بهذه القرارات عرض الحائط، مضيفا أن التعويل على القضاء الاسرائيلي غير مجدٍ
لأنه يسعى لشرعنة كل ما من شانه تسريع وتيرة التهويد والاستيلاء على المسجد
الاقصى، وتابعخمايسي:" الدور الحالي الذي يمكننا القيام به قانونيا واعلاميا هو
فضح الانتهاكات والسياسات الاسرائيلية وتقديم تقارير بتلك الانتهاكات للجان حقوق
الانسان العربية والعالميّة".
مما
لا شكَ فيه أن الدعم الذي يحتاجه أهل المسجد الأقصى ضروري ومُلحّ، ويحتاج لجرعات
كبيرة حتى يرقى الى المستوى المطلوب، ولا يخلو الأمر من مبادرات فرديّة على مواقع
التواصل الاجتماعي نصرةً لقضية المعتقلين والمبعدين كصفحة:"كلنا ضد ابعاد
المرابطة زينة عمرو"، ولكن حسب الباحث والمتخصص بعلوم القدس "د. عبد
الله معروف" فإن قضية الاقصى ومبعديه بحاجة لتكاتف جهود عربيّة ودولية حتى
يرتدع الاحتلال، مضيفا:" الدور الاعلامي مهم جدا لنقل معاناة المعتقلين
والمبعدين الى العالم العربي والاسلامي، الضغط القانوني على المؤسسات الدوليّة
ونشر الانتهاكات على نطاق أوسع سيساهم في ردع الاحتلال وثنيه عن هذه
السياسيات".
::
البيان تنشر ملف خاص بعنوان (( قضية فلسطين.. والصراع على القدس))