سياسة "الرصاص" في الشرق الأوسط أفلست
السياسة الأميركية في الشرق الأوسط أفلست بكل معنى
الكلمة، وفي الحقيقة ليس من الصحيح وصف سياسة لم تحقق النجاح أبدًا بأنها مفلسة. طريقة
الإدارة الفوضوية للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا جعلت الحياة في المنطقة لا
تطاق. نحن نعيش ثمرات سياسات أيدت الديكتاتوريات والظلم والتنظيمات الإرهابية والعناصر
الطائفية.
ولا نتوقع نتائج مختلفة لسياسة تنظر إلى الشرق
الأوسط عبر فوهة السلاح، فالرصاصة التي تطلق إلى مكان ما يأتي الرد عليها بالمثل. حيث
كل المناطق التي هاجمتها أميركا وزرعت فيها تنظيمات؛ كانت مصيبة على العالم. فهي دعمت
حركة طالبان في أفغانستان، وبعد احتلالها البلاد بدأت تحارب الحركة، دمرت البلاد، ثم
وُلد تنظيم القاعدة.
احتلت العراق وأفغانستان وشلت باكستان؛ سعيًا منها
للقضاء على القاعدة، ثم ما لبثت أن عادت إلى الحرب في المنطقة، وحولتها إلى مستنقع.
ثم أسس "مختار أبو الزبير"، الذي درس في قرى تعرضت للهجمات الأميركية في
باكستان، تنظيم الشباب المجاهدين، فأغرق الصومال والسودان وكينيا بالدماء.
تحولت أفغانستان إلى جحيم، وتمزق العراق، وعاشت
باكستان عهدًا من الفوضى زالت فيه سلطة الدولة. ونشأ في هذه البلدان آلاف المقاتلين
الجاهلين الغاضبين، الساعين للانتقام. فتح هؤلاء أعينهم وسط الفوضى والحرب، ونشؤوا
وتغذوا على يد مصادر أصولية ومتطرفة، ليظهروا مقاتلين في كل مكان، من المغرب حتى باكستان.
أما أكبر أخطائها فارتكبته الولايات المتحدة الأميركية
وحلفاؤها في سوريا والعراق، حيث سلمت البلدين إلى إيران. قتل الأسد مئات الآلاف، وشرد
الملايين في سوريا بدعم من الميليشيات الشيعية القادمة من إيران.
وفي العراق استخدم المالكي، المدعوم إيرانيًّا
وأميركيًّا، المطرقة الطائفية، كما فعل الأسد، ووصل البلد إلى حافة التقسيم. ومؤخرًا
نشأت مقاومة سنية في البلدين، ومنها وُلد تنظيم داعش، الذي تحول لاحقًا إلى ألعوبة
بأيدي استخبارات البلدان الأجنبية.
ومن كل بلد قصفته الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها؛
خرج شباب غاضبون ساعون للانتقام، وتدفقوا على سوريا والعراق. والآن نعيش نتيجة ذلك
كله. ملايين اللاجئين ومئات آلاف القتلى والجرحى في الشرق الأوسط الذي تعمه فوضى عارمة.
والآن تنظر الولايات المتحدة والغرب إلى المنطقة
من فوهة السلاح، وينفذان عملية عسكرية في العراق وسوريا، سيكون الفشل مصيرها. فالرصاصة
التي تطلق إلى مكان ما؛ يأتي الرد عليها بالمثل. القصف الجوي لن يقضي على داعش، وسيتطلب
الأمر عملية برية، فمن سيقوم بها؟ ومن سيتحمل نتائجها؟.
منذ البداية تتبعت الولايات المتحدة والغرب سياسات
خاطئة في الشرق الأوسط. إذ أن تنظيمات: داعش، القاعدة، الشباب، بوكو حرام، والتنظيم
المكشوف عنه مؤخرًا "خراسان"، كلها ثمرة تلك السياسات الخاطئة.
لم يعد من الممكن إدارة الشرق الأوسط بالسياسات
الغربية الفاشلة. علينا وضع سياسات محلية وعميقة وطويلة الأمد تضع في أولويتها رخاء
الشعوب في الشرق الأوسط. ويجب أن تكون هذه السياسات من القوة بحيث تفرض على اللاعبين
الآخرين تقبلها.
سياسة الرصاص أفلست، وعلى تركيا أن تدافع عن نظرياتها
بشكل أقوى وعزيمة أكبر، فهي الأخ والصديق للمنطقة.
صحيفة "يني شفق" - ترجمة
الأناضول