• - الموافق2024/11/26م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
بريطانيا: مدارس المسلمين في دائرة الاستهداف

بريطانيا: مدارس المسلمين في دائرة الاستهداف

 

 

بقلم: كاترين بنهولد - صحيفة:  نيويورك تايمز

 


مدينة برمنغهام, بريطانيا – عندما جاء المراقبون الحكوميون الثلاثة إلى مدرسة بارك فيو من أجل البحث عن دليل حول استيلاء الإسلاميين المزعوم على المدرسة, ألقى أحدهم دعابة عن لحى المدرسين هناك. كما أنهم فحصوا مكبرات الصوت والغرف الخاصة بالوضوء بالإضافة إلى السجاد الخاص بالصلاة الموجود في قاعة الرياضة الواقعة خلف شبكة كرة الطائرة. ووفقاً لتقارير مسئولي المدرسة والطلاب؛ سأل المراقبون الفتيات اللواتي كن يرتدين الحجاب الأبيض: "هل هناك من أحد أجبركن على ارتداء الحجاب؟ هل تشعرن بالحر بسبب ما تلبسنه من تنورة طويلة؟ ماذا تعلمتن بخصوص دورات الحيض؟".

مدرسة بارك فيو والتي تعتبر مدرسة عليا عامة تقع في مدينة برمنغهام في جزء يعيش فيه مسلمين ملتزمين بتعاليم الدين الإسلامي وتتعرض لتشويه سمعتها، ترسل ما يقارب 8 من أصل 10 من طلابها الى التعليم العالي، كما أنها حصلت في مرات عديدة على الاكتتاب وفي الآونة الأخيرة من شهر مارس أخبر المراقبون إدارة المدرسة بأنها حصلت مجدداً على علامات عالية.

ولكن بعد عشرة أيام وبما أن العناوين الرئيسية للصحف تعمدت دعم رواية الاستيلاء على مدارس برمنغهام، فإن المراقبين تراجعوا عن قرارهم مرة أخرى, وقد توصلوا هذه المرة إلى نتيجة مختلفة تماماً وهي بأن المدرسة كانت "غير ملائمة" وكتبوا ذلك في تقرير تم نشره هذا الشهر. ويقول التقرير بأن الأطفال في المدرسة لم يكونوا مؤهلين للحياة في بيئة برمنغهام المتعددة الثقافات ولم يتم حمايتهم من الأفكار والأعمال "المتطرفة".

إن إحدى الرسائل المجهولة والتي تتضمن تهديدات أصبحت مصدقة وموثوقة بشكل كبير واعتبرت ضرب من الدجل, وأن معظم مزاعم وادعاءات مؤامرة الاستيلاء والتي تم متابعتها في وسائل الإعلام مثل الصلاة الإجبارية والفصل بين الجنسين في الفصول ورجال الدين المتشددين الذين يلقون المواعظ وبشكل قسري في الاجتماعات المدرسية قد فشلت وإلى حد كبير في الصمود أمام التدقيق.

ولكن رد الفعل على ذلك قد أصبح الوميض الأخير في الجدل الحاد فيما يتعلق بكيفية عمل مصالحة بين الإسلام والثقافة البريطانية. لقد نما الجدل وبشكل مكثف فقط بعد حادثة القتل لجندي أبيض في شارع لندن والتي ارتكبها العام الماضي شخصان يعتنقان مسلمان ومن مواليد بريطانيا. بالإضافة إلى القلق المتزايد حيال التدفق الثابت للبريطانيين الذين يتوجهون للقتال كمجاهدين في سوريا.

لقد ارتفع عدد الجرائم الناشئة عن كراهية المسلمين. ففي الأسبوع الماضي تم طعن طالبة وباحثة سعودية تدرس في قسم اللغات حتى الموت في إحدى الحدائق في مدينة كولشستر شمالي لندن. حيث تقول الشرطة إنه ربما تم مهاجمة الضحية بسبب ارتدائها للزي الإسلامي التقليدي.

وفي الشهر الماضي كان هناك ضجة مقتضبة فيما إذا كانت المحال التجارية والمطاعم في بريطانيا بحاجة إلى التصريح بالوقت الذي يستخدمون فيه اللحم الحلال من الحيوانات المذبوحة على الطريقة الإسلامية.

 كما أن المراقبة والتفتيش على 21 مدرسة في برمنغهام وذلك إثر نشر رسالة مجهولة المصدر قد وثقت مواضيع مهمة وكافية من أجل أن تجعل القضية حية في الأخبار وأن تجعل الحكومة على أهبة الاستعداد، فبعض المدرسين لم يشجعوا الفتيات على التحدث مع الأولاد وأن إحدى المدارس قدمت عرضاً بأخذ الطلاب رحلة إلى مكة، وهي رحلة مدعومة بأموال دافعي الضرائب.

وفي مدرسة "بارك فيو" قال المراقبون إن بعض أعضاء الهيئة التدريسية كان لهم ملاحظات حول "الثقافة الجنسية" الغير كافية للأطفال، وكذلك التعليم الغير مختلط، وذكر العديد من المسلمين المقيمين بأنهم الوحيدون الذين تم ترهيبهم. لقد أشاروا الى رد فعل وزير التعليم مايكل جوف والذي قال أنه يريد "تجفيف مستنقع" الإرهاب وعين رئيس تحقيقات سابق مختص في مكافحة "الإرهاب". وأشاروا إلى أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد أمر جميع المدارس بالبدء في تعليم القيم البريطانية في الخريف. إن الرسالة الموجهة للمجتمع واضحة بحسب ما يقوله هارديب سايني المدير التنفيذي لمدرسة بارك فيو حيث قال "المسلمون يعتبرون متشددين ومدارسهم تعتبر غير بريطانية".

ويقول الدكتور كريس ألين المحاضر في جامعة برمنغهام "بالنسبة للمسلمين فإن الشكوك العلنية تتجاوز الآن اختبار الاحترام". ويضيف "لقد أصبح مقبولاً تماماً أن تجعل الحد الفاصل بين المسلمين المتدينين وبين المتطرفين ضبابياً، ومن هناك تصبح تلك قفزة عقلية قصيرة نحو القتال والاشتباك". دكتور ألن هو مؤلف كتاب "إسلاموفوبيا" وهو الكتاب الذي يتحدث عن المشاعر المعادية للمسلمين في بريطانيا.

لقد أثبت فك التدين عن التطرف وبشكل خاص صعوبته في بلد لا تشبه الولايات المتحدة، حيث أنه لم يسبق لها أن رسمت خطاً واضحاً بين الدولة والدين، فالملكة تعتبر رأس هرم الدولة بالإضافة إلى أنها رأس هرم الكنيسة الإنجيلية. وتقدم المدارس العامة في بريطانيا وبشكل تقليدي فرصة لممارسة العبادة المسيحية الجماعية.

لقد حصلت مدرسة بارك فيو والتي يعتبر 98 بالمائة من طلابها ذوو خلفية إسلامية على إعفاء خاص من أجل إقامة الاجتماعات الإسلامية بدلاً من ذلك. إن المدرسة تسمح بالصلاة التي تؤدى في وقت الغداء وتقوم بتقليص ساعات الدوام المدرسي في شهر رمضان. وتعتبر غطاءات الرأس للفتيات شيء اختياري بالنسبة للزي, ولكن على الأقل نجد أن كل 4 من أصل 5 فتيات يرتدين غطاء الرأس. وفي أيام الجمعة تنادي مكبرات الصوت للصلاة حيث يؤم المصلين أحد الطلاب.

ويقول منصور حسين وهو المعلم الرئيس للمدرسة والمختص في الرياضيات والعلوم يقول "نعم صحيح نحن نحاول أن نتوافق مع دين الطلاب، وأكثر من نصف المدرسين ورئيس مجلس إدارة المدرسة هم مسلمين".

ويتساءل حسين: "هل هناك مؤامرة؟" ويجيب: "نعم فالمؤامرة دائماً ما كانت تصنع من أجل عكس الأداء الضعيف للطلاب المسلمين في هذه البلد وتسمح لهم أن يكونوا مسلمين وبريطانيين على حد سواء".

هناك دليل نجاح هام في كلتا الحالتين، ففي إحدى المساءات الأخيرة كانت هناك فتاتان تقومان بمحاكاة قتال بالسيف مستخدمتان مساطر بلاستيكية وكن يقرأن لشكسبير في درس اللغة الانجليزية في الطابق الأول. وفي الفصل المجاور كان هناك أحد الأعمال الفصلية يزين الحائط الخلفي وكان يتحدث عن مراسم الولادة عند اليهود والمسيحيين والمسلمين.

في السنة التي يتخرج فيها الطلاب هناك درس الفيزياء المتقدمة حيث 22 من أصل 29 طالب كانوا من الإناث في هذا الدرس. زينب دن والبالغة من العمر 15 سنة فازت مؤخراً بالمقعد الرابع في المنافسة في مبحث العلوم في جامعة برمنجهام. كانت تريد أن تدرس الفيزياء أو اللغة الانجليزية. وعلى سترتها دبوس مكتوب عليه "مبادر" لأنها كانت تبيع الخشخاش لإحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى في متجر المدرسة.

ويقول السيد حسين "ما أريد الناس أن تعرفه هو أن ما حققناه ليس بسبب المباحات في الدين الإسلامي ولكن بسببه يثق الآباء فينا والأطفال يمكن أن يكونوا أنفسهم".

وأضاف حسين أن "الصراع العنيف والمتواصل حول درجة التدين يعتبر أمراً زائداً عن حده، عندما يُطلب بعض الطلاب استخدام الميكرفون في باحة المدرسة من أجل المناداة لصلاة الجمعة ويطلبون غرف الوضوء لغسل أقدامهم قبل الصلاة فإنهم يحصلون على ذلك، ولكن عندما يطالب الآباء بتدريس الموسيقى التي تمنعها المدرسة فإنهم لا يحصلون على ذلك".

 

أعلى