الحكومة اليمنية عاجزة أمام الحوثيين
لم
يجف الحبر على ورق الاتفاق العاشر الذي أعلنت عنه اللجنة الرئاسية المكلفة بحل
النزاع في محافظة عمران، شمال اليمن، حتى بدأت جماعة الحوثي المسلحة، بالقصف على
مواقع الجيش المرابط في عدة مواقع جنوب مدينة عمران، وأعادت إغلاق الطريق الرئيس
الرابط بين مدينة عمران والعاصمة صنعاء.
وتركزت
المواجهات العنيفة بين الحوثيين وقوات الجيش في مناطق سحب وعمد وبني ميمون على
الطريق الرابط بين عمران وصنعاء.
كما
جرى تبادل القصف المدفعي بين مواقع الجيش في جبل ضين الاستراتيجي، ومواقع الحوثيين
في بني الزبير والحائط بمديرية عيال سريح جنوب شرق مدينة عمران.
خرق
الهدنة جاء بعد إعلان اللجنة الرئاسية،الاثنين، عن اتفاق لوقف إطلاق النار، لم
يوقع عليه أطراف النزاع (الحوثي- الجيش) بالإضافة إلى أربعة من أعضاء اللجنة لم
يوقعوا حسب عضو اللجنة الصعر، الذي أكد أن ما أعلن عنه ليس اتفاقاً وإنما رؤيا
للحل تقدم بها عدد من أعضاء اللجنة.
ويتكون
الاتفاق من سبعة بنود، قضت باستمرار وقف إطلاق النار في جميع المواقع في مدينة
عمران ومحيطها أو في أي منطقة أخرى من مناطق التوتر، وضبط النفس وتغليب عوامل
الإخاء والتصالح والتسامح من قبل جميع الأطراف.
كما
قضى الاتفاق، أن تقوم اللجنة الرئاسية برفع جميع الاستحداثات القتالية من قبل جميع
الأطراف على خلفية التوتر في مدينة عمران منذ بدايته بما في ذلك الاستحداثات
الممتدة إلى أرحب وهمدان وبني مطر في محيط العاصمة، وكذلك حل مشكلة القتل التي
وقعت للمعتصمين في مخيم الاعتصام واعتبارهم شهداء، وتعويضهم أسوة بالمعالجات التي
تمت في بقية محافظات الجمهورية، كما نص بتشكيل لجنة محايدة ومتوافق عليها من وكلاء
النيابة العامة، للتحقيق في الأحداث، وأخرى مهنية ومحايدة لحصر الأضرار في مدينة
عمران وما جاورها.
وأهم
البنود التي أثارت الرأي العام في اليمن، هو البند السابع الذي عمده وزير الدفاع
اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد، والذي قضى "بالشروع الفوري في استكمال
التغيرات العسكرية والأمنية والإدارية التي تلبي تطلعات أبناء المحافظة ومطالبهم
والتي من شأنها خلق أجواء آمنة ومستقرة للجميع في فترة زمنية لا تتجاوز الشهر".
اتهامات
لوزير الدفاع
كثير
من المواقف والأحداث تضع علامات الاستفهام على الدور الذي يؤديه وزير الدفاع
اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد، حيث تؤكد الكثير من الوقائع مدى تجاهل الوزير
للكثير من المطالب التي يطالب بها أبناء القوات المسلحة والمواطنين في محافظة عمران
لحماية المحافظة من المليشيات المسلحة.
كما
أن مشاركته في رئاسة لجنة رئاسية للتوسط عند قوات الحوثي، تؤكد وبما لا يدع مجالاً
للشك – من خلال نتائج تلك اللجنة – أن الوزير يتواطئ بدرجة كبيرة مع الحوثيين ضد
قوات الجيش بغرض تمكينهم من محافظة عمران.
وقد
كشف عضو اللجنة الرئاسية عبدالرحمن الصعر، عن معلومات خطيرة عن الاتفاق المبرم
الذي أعلنته اللجنة الرئاسية مساء الاثنين، حول تورط وزير الدفاع في اخفاء
التقارير السابقة للجنة، حيث أكد أن بنود الاتفاق صيغت على عجل وأنها غير قابلة للتنفيذ،
وأنها فقط تمنح الحوثيين استراحة للعودة من جديد.
وأوضح
الصعر في تصريح لموقع "مارب برس" أن اللجنة اجتمعت الخميس الماضي في
منزل وزير الدفاع بالعاصمة صنعاء، واتفقت على رفع الاستحداثات العسكرية، لطرفي
النزاع (الحوثي- الجيش) من الأزرقين حتى عمران، مشيراً إلى أن الجيش قام برفع
النقاط المستحدثة، فيما مليشيات الحوثي رفضت ذلك، كما استغرب الصعر من عدم ادراج
بند نزع سلاح الحوثيين ضمن بنود الاتفاق.
وقال
أن وزير الدفاع يقوم بتضليل المجتمع الدولي حول ما يحدث في عمران، بعد أن اخفى
تقريراً للجنة الرئاسية نص على رفض الحوثي لأي اتفاق سابق، وكان من المفترض أن تصل
نسخة من التقرير للرئيس هادي ونسخة أخرى للمبعوث الأممي جمال بن عمر، ولكن وزير
الدفاع أخفى التقرير، ولا أحد يعلم مصيره حتى الآن.
بند
سابع لتمكين الحوثي
البند
السابع الذي قضى باستكمال التغيرات العسكرية والأمنية والإدارية في عمران خلال
فترة لا تتجاوز الشهر، أعتبره الكثير من المحللين والمراقبين، انتصاراً كبيراً
لجماعة الحوثي المسلحة، بل وتمريغ لهيبة الدولة.
وقال
المحلل السياسي والخبير في شؤون الجماعات المسلحة، علي الذهب، أن البند السابع
سيجعل الكثير من الأشخاص المُزعجين للحوثيين، مهما كانت مراكزهم الإدارية أو
القيادية، العسكرية والأمنية، هدفاً للتغيير أو الإبعاد القسري المبرر صورياً.
وأكد
الذهب "أن الوضع لن يصل إلى مرحلة الاستتباب في هذا البلد، مادامت هناك قوى
تعمل لمصلحتها الخاصة وعلى حساب أهم وأخطر مؤسستين وطنيتين، وهما قوات الأمن
والقوات المسلحة".
وأشار
إلى "أن الخطورة تكمن، في وضع هاتين المؤسستين في موضع المحاصصة غير المباشرة
وتحويلهما إلى بؤر توتر واقتتال مستقبلية".
وأكد
"أن تحديد فترة زمنية لا تتجاوز شهر، لتطبيق البند السابع، ينم عن التعقيد
والصعوبة البالغة في تنفيذ محتوى البند، وهو ما جعل فهم العبارة أكثر من الزمن
المحدد، إذ يمكن أن تبلغ المدة أكثر من نصف العام، ما لم يجر نقض للاتفاق كما حدث
مع ما سبق من اتفاقات".
وفي قراءة تحليلية لهذا الاتفاق، أوضح الكاتب والمحلل السياسي عدنان هاشم "أن
أي تنازلات من قبل الدولة لجماعة مسلحة، دون أن تكون ذا حل جذري يؤمن حياة
المواطنين تعد جريمة تنتقص من حق الدولة، وتشجع الجماعة المسلحة على العتو ضد
الدولة، ويساهم في توليد عنف مجتمعي، غير منظم داخل الدولة الواحدة".
وأوضح
هاشم "أن الاتفاق، يدعو جماعة الحوثي المسلحة إلى استمرار توسعها،بالقوة
لتحسين شروط تفاوضها على الدولة".
وأكد
أن الاتفاق، يعد انتكاسة لحديث رئيس الجمهورية "تجاوز الخطوط الحمر"
الخميس الماضي، ويعطي استماتة حوثية في رفض مخرجات الحوار الوطني، الذي يلزمها بتسليم
سلاحها للدولة.
واشار
إلى أن الاتفاق أعطى جماعة الحوثي المسلحة، ما لم يعطه اتفاق آخر، بعد أن تحولت
الدولة إلى مجرد وسيط يظلم نفسه.
وتابع
هاشم حديثه "لا شيء جديد سيعطيه الاتفاق، وسيستمر الحوثي بالزحف نحو العاصمة
لأنه وجد خضوعاً وخنوعاً من جانب الدولة، يعطي ذلك "نشوة" للجماعة
المسلحة لاستكمال السيطرة والخناق على دولة في مرحلتها الانتقالية تعاني الكثير من
الأوجاع والثورات المضادة".
يذكر
ان هذا الاتفاق العاشر الذي تنقضه مليشيات الحوثي، حيث نقضت ثلاثة اتفاقات سابقة
في عمران، واتفاقان في همدان، واتفاقات اخرى في أرحب وبني مطر ودمت والجراف.