التصهيون في تونس بدعم حكومي
في ابريل الماضي رحب رئيس الوزراء التونسي مهدي بن
جمعة بالسياح الإسرائيليين على الأرضي التونسية، وفي تصريح نشرته وسائل إعلام
تونسية قال" لقد اتخذنا قرار بالسماح بدخول السياح الإسرائيليين إلى
تونس". لم يولي الإعلام الإسلامي
أهمية كبيرة لطبيعة هذا التصريح، ولا حتى للوجود اليهودي في تونس، والذي غالبا ما
يستخدم كغطاء لأنشطة تقوم بها المخابرات الصهيونية لتعزيز قوة ونفوذ الكيان في
منطقة شمال إفريقيا، ولتسليط الضوء على هذه القضية يمكن في البداية الحديث عن
مبررات الوجود اليهودي وحالات دعم التطبيع المتزايدة في تونس، وأبرزها هجرة اليهود
إلى كنيس "الغريبة" في مدينة جربة، وهومن أقدم معابد اليهود في
العالم وبحسب الرواية اليهودية المزعومة فإن أحجاره تم جلبها من القدس من الهيكل
الذي تم تدميره سنة 70 ميلادي وعلى هذا الأساس أخذ معبد الغريبة قدسية معينة لدى
اليهود في العالم وخاصة في تونس، وأصبح هناك انطلاقا مما تقدم تقليد لزيارته سنويا
وذلك ما يسمى بحج الغريبة لكن هذا الحج أيضا يستغل لأنشطة ترفيهية وسياحية أكثر من
دينية، ويتم ذلك على نفقة الدولة التونسية التي تتكفل بكل مصاريف الحج , وقد وجد
اليهود حريتهم خاصة خلال عهد النظام السابق، وقد بلغ عدد الحجاج اليهود في عام
2007 قرابة 7 ألاف شخص.
ولعل من بين الخدع التي
يلعبها اليهود اليوم ما بعد الثورة الشعبية في تونس هي المعلومات التي يسربونها
بكون نجاح الموسم السياحي التونسي مرتبط أساسا بنجاح حج الغريبة ويعتبرون كون حجهم
بمثابة الرسالة إلى العالم وعلى أساس أيضا
بأن تونس تبقى بلدا تحت السيطرة على المستوى الأمني من أجل ضمان وصول عدد
أكبر من حجيجهم إلى كنيس الغريبة .
وفي
وقت لا تزال فيه الأمور غامضة لا تزال دولة الكيان الصهيوني تنخر في تونس وتواصل
سياستها تجاه يهود تونس من أجل تكثيف الهجرة هناك، وأصبح معلن اليوم العلاقة
الحقيقة بين اليهود المقيمين في تونس والصهيونية وقد أكد أحمد الكحلاوي عضو الأمانة العامة للمؤتمر
القومي العربي وعضو المؤتمر القومي الإسلامي ورئيس "الجمعية الوطنية لدعم
المقاومة العربية ولمناهضة التطبيع والصهيونية"، أن هناك يهودي في تونس متورطين
في علاقات بالكيان الصهيوني، واعتبر الحل البورقيبي للقضية الفلسطينية حلا
"استسلاميا". من ناحية أخرى أكد الكحلاوي أن في تونس "شبكة يهود
مرتبطة بالموساد والكيان الصهيوني رغم أنهم يحملون الجنسية التونسية".
وقالت أوساط تونسية: إن
الجالية اليهودية تضم شبكة صهيونية مرتبطة بالموساد الصهيوني رغم أن جميع أبنائها
يحملون الجنسية التونسية، بعد أن تم اكتشاف الأشخاص المسؤولين عن إرسال المغني التونسي محسن الشريف ومجموعته في الصيف
الماضي إلى الكيان الصهيوني، مضيفة بأن من فعل ذلك كان يهودية من "نابل"
تترأس جمعية المحافظة على التراث اليهودي في نابل ومثل هذه الجمعيات كلها جمعيات
لا تروج للتطبيع مع الكيان الصهيوني فقط وإنما تهدف إلى تشويه الهوية الثقافية
لتونس.
من جانبه ذكر الكحلاوي في
حقائق تنشر لأول مرة عبر وسائل الإعلام أن تونس فيها مجموعات كبيرة تطبيع مع الكيان الصهيوني رغم أن شعب تونس العربي
المسلم له موقف واضح في هذا الشأن وقد عبر عنه بعديد الصيغ منها ما رفعه مؤخرا من
شعارات خلال الثورة التونسية، ذكر فيها "أن الشعب يريد تحرير فلسطين"
ولم يذكر أن الشعب يريد التطبيع، ولكن الجديد أن هؤلاء أصبحوا يعلنون أنهم يمارسون
التطبيع ولا مشكلة لهم من أمثال صلاح الدين بن عبيد صاحب موقع هريسة كوم الذي يروج
للتطبيع مع العدو الصهيوني حيث احتفل هذا الموقع الالكتروني في 15 ماي الأخير
بندوة عقدت في ذكرى تأسيس الكيان أو سهيل فتوح الذي يجاهر بعلاقاته بالكيان ودفاعه
عنه أو ما قام به كل من العربي شويخة وعبد الحميد الأرقش من زيارة للكيان دافعا
عنها رغم رفض التونسيين لها، وقد نشرت صحف صهيونية أخبار هذه الزيارة كما نشرت
أخبار زيارة رجاء بن سلامة وزوجها السيد عبد الباسط بالحسن رئيس المعهد العربي
لحقوق الإنسان.
وعلى المستوى الرسمي فإن السلطة التونسية متورطة
في علاقات مع الكيان الصهيوني وقد تطورت هذه العلاقات، منذ اتفاقية أوسلو حيث أصبح
الكيان ممثلا بمكتب اتصال في تونس، كما كان البرلمان التونسي مطبعا مع الكنيست
الصهيوني كما مولت وزارات تونسية وفودا تونسية للكيان وقد نشر موقع رسمي فلسطيني
معلومات مؤكدة ذكر فيها أن حجم المعاملات التجارية بين النظام والكيان الصهيوني بلغت
أرقام خيالية وهناك العديد من المؤتمرات التي عقدت في تونس وتمت تحت يافطة التطبيع
الذي هو اعتراف صريح به.
هذا وقد ضجت في تونس خلال الفترة الأخيرة أخبار مفادها تسرب الموساد إلى
البلاد ووجود مراكز تعمل لصالح المشروع الغربي-الليبرالي- الصهيوني المشترك, وقد
تحدث رئيس حزب وفاء، عبد الرؤوف العيادي
معلنا فضيحة أزاحت النقاب عن شبكات واسعة للموساد تضم مراكز تجسس تتخذ من تونس
قاعدة للتنصّت على كامل المنطقة المغاربية, إذ كشف مؤخرا أن جهاز استخبارات الكيان الغاصب «الموساد» كثف
نشاطه في تونس ما بعد الثورة، وذلك عبر غطاء من الجمعيات الأوروبية والأميركية،
التي تدعي النشاط الخيري والإنساني والثقافي إلى جانب دور اليهود وهجرتهم نحو تونس
ودعم الكيان الصهيوني لهم وتشجيعهم على
الهجرة نحو تونس. هذا المعلومات التي صرح بها العيادي وغيره من السياسيين الآخرين
المناهضين للتطبيع جاءت متوافقة مع تقرير نشره أخيراً «مركز يافا للدارسات
والأبحاث»، بخصوص نشاطات الموساد في المنطقة المغاربية. وقال التقرير إن تركيز
نشاطات الموساد مغاربياً في تونس بدأ مع خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت
وانتقال منظمة التحرير إلى تونس، عام 1982. ثم تراجع هذا الاهتمام بعد أوسلو،
ليعود مجدداً بعد الثورة التونسية.
وقد تحدثت المصادر عن وجود ثلاث مراكز في تونس تعمل لصالح الموساد الصهيوني ولها
علاقة مباشرة مع اليهود في تونس الذي يعملون لصالح هذه المراكز . وذكرت أن المركز الأول
للموساد يقع في تونس العاصمة، يديره شخص يدعى نحمان جلبواغ، ويعنى بالتجسس على
الجزائر، من خلال جمع المعلومات ورصد الأهداف وتجنيد العملاء. أما المركز الثاني،
فمقره مدينة سوسة، يديره دورون بيير، ويعنى بالتجسس داخلياً على تونس. ومن مهمات
هذا المركز مراقبة ما بقي من نشاطات فلسطينية في تونس، ورصد الحركات الإسلامية
السلفية والجماعات المعارضة والمناوئة للسلام مع الكيان الصهيوني والمناوئة لوجود
اليهود داخل تونس والتشجيع على هرجتهم نحو تونس بكل الوسائل والطرق من أجل دعم
وجودهم في تونس .
وأخيراً المركز الثالث في جزيرة جربة، يديره نوريت تسور، ويعنى بالتجسس على
ليبيا. ويعمل هذا المركز أيضاً على حماية الطائفة اليهودية التونسية، التي ترتكز
غالبيتها في جربة. كذلك فإنه يهتم بجمع المعلومات عن الآثار والمعالم اليهودية في
تونس والجزائر وليبيا.
ورغم خطورة هذه المعلومات وتورط الكثير من الشخصيات مع
اليهود والموساد فان السلطات التونسية فضلت الصمت ولم تقم بأي ردة فعل إلى الآن بل
نفت في الكثير من المداخلات الأخبار حول هذه المعلومات. وقد ورد في شريط وثائقي بثه التلفزيون التونسي بعد
الثورة، بعنوان «دولة الفساد». وذكّر الشريط بأن بن علي أدى دوراً كبيراً في
التمهيد لاتفاقيات أوسلو، من خلال «تقريب وجهات النظر الإسرائيلية والفلسطينية».
ثم بادر، بعد أوسلو، بفتح «مكتب تعاون اقتصادي» صهيوني في تونس. وافتتح هذا المكتب
نشاطه بالاتصال بالعديد من المثقفين والصحافيين التونسيين لاستدراجهم إلى نشاطات
تطبيعية، لكن معظمهم رفض أي تواصل مع الكيان الغاصب. ثم أُغلق المكتب الصهيوني،
لاحقاً، تحت الضغط الشعبي، بعد إعادة اجتياح مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية،
ومحاصرة الاحتلال للرئيس الراحل ياسر عرفات في مقر السلطة في رام الله.
وحول حقيقة وجود جمعيات وشركات تعمل لصالح اليهود والصهاينة أكد الحقوقي
المعروف والمناهض للتطبيع أحمد الكحلاوي رئيس الجمعية التونسية لمناهضة التطبيع
ودعم المقاومة العربية إن عدداً من الجمعيات الأجنبية التي تنشط في تونس بعد
الثورة، مثل «فريدوم هاوس»، تؤدي دوراً كبيراً في نشر ثقافة التطبيع تحت غطاء
العمل الحقوقي والإنساني». وكشف أيضاً أن «مؤسسة «أميديست»، التي تدرّس اللغة
الإنكليزية تحت إشراف السفارة الأميركية، تحث التلامذة التونسيين علناً على التخلي
عن معاداة الكيان الصهيوني، وتروج لبرامج تبدو في الظاهر كأنها تدعو إلى السلام
بين الشعوب وحوارات الثقافات، لكن الهدف الأبرز منها تكريس التطبيع .