تهجير أبناء دماج بتعاون حكومي مع الحوثيين
بدأت مئات الناقلات نقل الآلاف من السلفيين
القاطنين في منطقة دماج بمحافظة صعدة اليمنية، في مشهد مأساوي وصف بالتهجير القسري
لأبناء المنطقة من منازلهم ومزارعهم، لم يشهده اليمن منذ سنوات طويلة.
ويأتي قرار تهجير السلفيين من دماج، بعد حصار
الحوثيين لمركز دار الحديث السلفي أكثر من ثلاثة أشهر، استخدم فيها الأسلحة
الثقيلة والمتوسطة لقصف المركز والمنازل المحيطة به.
ودخلت لجان وساطة لإيقاف الحرب والحصار على
دماج، إلا أنها فشلت في إيقاف الحرب بسبب تعنت الحوثيين، واستمرت لمدة ثلاثة أشهر،
وبعد سقوط ما يزيد عن 800 من السلفيين ما بين قتيل وجريح، تدخلت لجان برلمانية
وقبلية وعسكرية ووقع الطرفين على وثيقة صلح جائرة بحق السلفيين، قضت بخروجهم من
منطقة دماج إلى محافظة الحديدة غرب اليمن.
وأصدر الناطق باسم السلفيين سرور الوادعي
بياناً أكد فيه أن سلفيي دماج الذين يقدر عددهم بخمسة عشر ألف شخص، أرغموا على
مغادرة منازلهم ومزارعهم تحت وطأة القصف والحصار الذي فرضه عليهم الحوثيون لقرابة
مئة يوم.
وقال الوادعي إن السلفيين خُيروا بين الخروج أو
انتظار الموت في أية لحظة.
ويقولون محللون أن خروج مركز دار الحديث من منطقة
دماج، يعني إعلان اكتمال دولة الحوثيين في صعدة، كونها كانت تسيطر على كل مديريات
صعدة عدى منطقة دماج التي كانت معقل السلفيين.
وتقول المعلومات أن الشيخ الحجوري تعرض لضغط من
قبل الرئيس عبدربه منصور هادي وأطراف أخرى للخروج من مركز دماج، بحجة عدم قدرة
الدولة على حمايته، كون صعدة خارجه عن سيادة الدولة والجيش.
وقال
مصدر في محافظة صعدة لــ"البيان": ان عدداً كبيراً من الشاحنات
والناقلات لطلاب وأهالي دماج متوقفة في محافظة صعدة، بعد رفض الجهات الحكومية دفع
تكاليف النقل التي وعدت بها عند توقيع الاتفاقية.
وأوضح
المصدر أن الدولة تتقاعس في دفع ما وعدت به أهل دماج من التكلف بكل متطلبات نقلهم،
وتعويضهم التعويض العادل، مقابل خروجهم من دماج.
ولاقى
تهجير السلفيين من منطقة دماج ادانات واسعة من أغلب القوى السياسية ومنظمات
المجتمع المدني، وتكفلت عدد من المنظمات الحقوقية بملاحقة الحوثيين في محكمة
الجنايات الدولية.
وحذر
المحلل السياسي نبيل البكيري من أن عملية تهجير أبناء دماج قد تنذر بتفجير قضايا
خطيرة.
وقال
البكيري في تصريح صحفي أن اقدام الدولة على وضع حلول من شأنها التهجير على أساس
طائفي يؤسس لكارثة وطنية قادمة، تعزز الاختلاف والفرقة المذهبية المناطقيه في ظل
مرحلة صعبة تمر بها البلاد.
ووصف
البكري هذا الإجراء، بأنه حل تلفيقي خاطئ لا يعالج قضية بقدر ما يثير قضايا جديدة
أخطر من سابقاتها.
من
جانبه حذر رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح زيد الشامي،من التداعيات الخطيرة
لطرد السلفيين من دماج، معتبراً أن طردهم وتهجيرهم من محافظة صعدة، سابقة خطيرة
ستؤدي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، وتنسف علاقات اليمنيين التي دامت عبر القرون.
وقال
أن هذه الحادثة ستعطي أبناء كل محافظة مشروعية طرد أبناء المحافظات الأخرى وأصحاب
أي مذهب، أن يطردوا من بلادهم من يختلف معهم مذهبياً.
وأعتبر–في
منشور بصفحته على الفيسبوك- أن هذه سنة سيئة يتحمل وزرها كل من أشار أو أمر بها أو
وافق عليها، وفي المقدمة الحوثيون الذين يقودون البلاد إلى هذا الفرز العنصري
والطائفي والمذهبي، ويعملون لإعادة إنتاج النموذج العراقي المقيت، وكأنهم يلغون أي
آمال بالتعايش والإخاء بين اليمنيين، أو بناء دولة العدالة والمساواة، وسيرتد
الأمر عليهم على المدى القريب والبعيد.
كما
قوبلت عملية التهجير الجماعي للسلفيين استياء واسع، ووصفها عدد من اليمنيين بأنها
تنسف فكرة التعايش المذهبي في البلاد وتقسمها على أسس طائفية تهدد النسيج
الاجتماعي اليمني.
وأشار
محللون إلى أن طريقة إجلاء السلفيين من دماج، مؤشر على مستقبل البلاد في ظل
العقلية التي تديرها، محملين الرئيس هادي المسؤولية القانونية والأخلاقية عن ما
يجري.