ليبيا وسوريا.. هل يكون المستقبل متشابه؟!
أعدّه: أ. أحمد أبو دقة
ارتكبت قوات النظام السوري الخميس الماضي
مجزرة بشعة بعد أن قصفت الأحياء الشرقية للعاصمة دمشق بأسلحة كيماوية راح ضحيتها
المئات والأطفال، ومنذ هذه الجريمة وبدأ المجتمع الدولي بتهيئة الأجواء لتنفيذ
ضربة عسكرية ضد "سوريا"، وبالرغم من أن مثل هذه الضربات لها تبعات
مستقبلية على المستقبل السياسي للبلاد، وغايتها الأولى حماية الأمن الصهيوني بعد
أن تلاشت قوة الجيش السوري بسبب الحرب المتواصلة منذ عامين، فإن الكثير من الأطراف
العربية متحمسة لتنفيذ هذا الهجوم كون نهاية النظام السوري تعتبر نهاية للنفوذ
الإيراني في سوريا ولبنان.
ولا يستبعد أن تكون الغاية من هذه العملية
التي من المرتقب أن تقودها الولايات المتحدة بدعم من حلفائها مستخدمة الأرضي
الأردنية والتركية السيطرة على مستودعات الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها النظام، واستهداف
الجماعات الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تحارب النظام السوري لإعادة
التوازن في الصراع والتهيئة لمعادلة سياسية جديدة تكون من إفرازاتها إلزام سوريا
باتفاقات سلام مع الكيان الصهيوني و تقسيم البلاد على أسس طائفية. ومع تأكيد
الإذاعة الصهيونية الاثنين لنبأ وجود 10 آلاف جندي أمريكي في الاردن بالإضافة إلى
صواريخ باتريوت وطائرات عسكرية متنوعة تابعة للجيش الأمريكي، وكذلك استضافت عمان
لاجتماع عسكري يضم جنرالات من جيوش عدة متحالفة مع الإدارة الأمريكية فإن ضربة
عسكرية قادمة لا محال إلى النظام السوري ولكن يبقى المستقبل السياسي لسوريا هو المجهول
المرتبط دائما بعلاقته بأمن الكيان الصهيوني.
وقد صرح المتحدث باسم الأمم المتحدة بأن المفتشين
الدوليين الذين تفقدوا الاثنين منطقة غوطة دمشق التي يشتبه بأنها تعرضت لهجوم بالأسلحة
الكيماوية الأسبوع الماضي قاموا بجمع أدلة قيّمة وينوون مواصلة عملهم.
وتعزيزا لفرضيات الهجوم العسكري الذي قد ينفذ
في الساعات القليلة القادمة فإن صحيفة "ديلي ميل" اللندنية أكدت أن
الجيشين الأمريكي والبريطاني شرعا في وضع قائمة للأهداف في سوريا التي سيتم ضربها
ردا على الهجوم الكيماوي في ريف دمشق.
ورجحت أن تستغرق عملية عسكرية محتملة في سوريا
يوما أو يومين وستشتمل على إطلاق صواريخ "كروز" من طراز
"توماهوك" واستخدام طائرات قاذفة خفية.
وستركز الضربات الجوية على استهداف مطارات
ومنظومات دفاع جوي للجيش السوري ومراكز للقيادة والاتصالات ومواقع لإطلاق
الصواريخ. بدورها نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الثلاثاء، عن
مسؤولين بارزين بالإدارة الأمريكية قولهم إن الرئيس باراك أوباما يدرس تنفيذ عملية
عسكرية "محدودة النطاق والمدة"، مع الحيلولة دون انخراط الولايات
المتحدة بشكل أعمق في الحرب التي تشهدها البلاد.
وذكرت الصحيفة أن الهجوم الذي ربما لن يستغرق
أكثر من يومين وتستخدم فيه صواريخ كروز تطلق عن طريق البحر أو ربما قاذفات قنابل
بعيدة المدى ويستهدف أهدافا عسكرية لا تتعلق مباشرة بترسانة الأسلحة الكيميائية
السورية سيعتمد في توقيته على ثلاثة عوامل هي: اكتمال تقرير استخباراتي يقيم مدى
ضلوع الحكومة السورية في هجوم الأسبوع الماضي، والمشاورات الجارية مع الحلفاء
والكونجرس، وتحديد مبرر للهجوم في ظل القانون الدولي.
وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته: "نحن
ندرس بشكل نشط الزوايا القانونية العديدة التي ستبلور قرارا". وكان البيت
الأبيض ذكر الاثنين أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد "يقع تحت طائلة
المسؤولية" في هجوم الأسبوع الماضي بالأسلحة الكيميائية، الذي قالت المعارضة
عنه إنه أسفر عن مقتل 1300 شخص في ضاحية بدمشق.
ونقلت تصريحات عن وزير الدفاع الأمريكي تشاك
هاجل مفادها بأنه يجري تجهيز تشكيلات قتالية من القوات البحرية تحسبا لأي قرار قد
يتخذه الرئيس أوباما.
وقال عضو لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس
السناتور بوب كوركر "أعتقد أن الرد وشيك"، مشيرا إلى أنه "تحدث إلى
خلية إدارة الأزمات" في البيت الأبيض، حيث يتم التنسيق مع الدول الأعضاء في
حلف شمال الأطلسي، للإعداد لـ"ضربة جراحية ومتكافئة ضد نظام الأسد".
وأدلى
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مساء الاثنين هيئ فيه الرأي العام الدولي لضربة
عسكرية ضد سوريا، وكان من ضمن أقواله :"أن الهجوم بالأسلحة الكيماوية في
سوريا الأسبوع الماضي يجب أن يهز ضمير العالم لأنه يتنافي وكل المعايير الأخلاقية
مؤكدا أن القتل العشوائي للمدنيين أمر لا يمكن تبريره".
وأضاف كيري أن رفض سوريا السماح بتفقد الموقع
الذي تعرض لهجوم كيماوي يدل على أن لديها ما تخفيه.
ويعود إلى لندن الثلاثاء رئيس الوزراء
البريطاني ديفيد كامرون بعد أن قرر قطع إجازته ليترأس الأربعاء جلسة طارئة لمجلس الأمن
القومي ستخصص لبحث طرق العمل الممكنة في أعقاب التقارير عن استخدام الأسلحة
الكيماوية من قبل النظام السوري.
وبالنسبة للكيان الصهيوني، وصل إلى واشنطن الاثنين
وفد برئاسة مستشار الأمن القومي يعقوب عميدرور لإجراء محادثات مع كبار مسؤولي الإدارة
الأمريكية حول تطورات الوضع في القضية السورية والإيرانية. ويترأس وفد المحادثات
الأمريكي بحسب الإذاعة الصهيونية مستشارة الأمن القومي سوزان رايس.
من جانبها أعلنت روسيا على لسان وزير الخارجية
سيرغي لافروف بأنها لن تدخل في حرب ضد أحد
في حال التدخل العسكري في سورية، وهذا التصريح يبين وجود صفقة دولية حول الضربة
العسكرية المرتقبة لسوريا. واكتفى لافروف بإعلان معارضته للهجوم العسكري بدون قرار
من مجلس الأمن الدولي، مشيرا إلى أن الدول الغربية لم تقدم أي أدلة بشأن استخدام
السلاح الكيميائي في سورية. ولا يستبعد أن
تكون الحملة العسكرية القادمة على سوريا على نفس الوتيرة التي كانت تسير فيها
الأمور في ليبيا خلال الهجوم على نظام القذافي.