أوسلو تستمر .. رغم الفشل
أعدّه: أ. أحمد أبو دقة
لا تنتهي مفاوضات السلطة
الفلسطينية مع الحكومات الصهيونية حتى تبدأ من جديد وكأنها تقليد رسمي لا تريد
التفريط فيه السلطة التي أنجبتها أوسلو و لم تأتي للفلسطينيين سوا بالمزيد من ضياع
الحقوق و زيادة المستوطنات.
فبعد اجتماعات مكثفة بين
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري و وزيرة العدل الصهيونية تسيبي ليفني و كبير
مفاوضي سلطة أوسلو صائب عريقات أعلنت الولايات المتحدة عن تجدد المفاوضات بين
الطرفين بعد انقطاع علني لها استمر لثلاثة أعوام.
وإكراما للقبول الفلسطيني
بهذه المفاوضات أعلنت الحكومة الصهيونية أنها وافقت على الإفراج عن 104 أسرى من
سجونها تحدد هي أسمائهم و من الذين تم اعتقالهم قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993م.
وذكرت الإذاعة الصهيونية أنه
من المتوقع أن تبدأ الأربعاء مصلحة السجون الصهيونية بإطلاق سراح الدفعة الأولى من
الأسرى، وهي مكونة من 26 أسيرا تمهيدا لاستئناف المفاوضات مع السلطة .
وتصدر محكمة العدل العليا الثلاثاء
قرارها بشأن الالتماس الذي قدمته منظمة "ألماغور" الصهيونية لمنكوبي "الارهاب"
ضد قرار الحكومة الصهيونية بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
و بعد مصادقة الحكومة
الصهيونية بداية الاسبوع الماضي على مشروع لبناء 1200 وحدة استيطانية في الضفة
المحتلة و القدس، نقلت الإذاعة الصهيونية عن مصادر في لجنة لوائية تابعة لوزارة الداخلية الصهيونية
بأنه تمت المصادقة على خطة لبناء حوالي 900 وحدة سكنية في حي غيلو الاستيطاني بجنوب
القدس المحتلة. وبموجب الخطة سيتم توسيع هذا الحي باتجاه بيت جالا في مدينة بيت
لحم التي تديرها السلطة الفلسطينية .
ونقلت الإذاعة عن محافل سياسية
وصفتها بالــ"كبيرة" في القدس المحتلة الاثنين أن وحدات البناء الجديدة التي
أقرت الحكومة إقامتها حديثا ستقع في القدس والكتل الاستيطانية الكبيرة التي ستبقى تحت
سيادة صهيونية في اي اتفاقية سلام مستقبلية .
وبينت هذه المصادر أن مسؤولي
السلطة على علم بذلك وقد قبلوا بذلك في الماضي مشيرة إلى أن هناك فرقا بين ما يقوله
الفلسطينيون رسميًا عبر وسائل الاعلام وبين ما يقولونه حول طاولة المفاوضات.
وأكدت هذه المصادر بحسب
الإذاعة الصهيونية أن الأسرة الدولية على علم ايضا بالموقف الصهيوني هذا ولهذا السبب
ليس من الواضح لماذا يهدد الجانب الفلسطيني بمقاطعة المفاوضات؟!.
ولخص جون كيري الموقف
الأمريكي بالقول إن الإعلان الصهيوني عن مستوطنات جديدة في الضفة الغربية و"القدس
الشرقية"، "كان متوقعا إلى حد ما" وحث الكيان الصهيوني و السلطة
الفلسطينية على المضي قدما في محادثات السلام المقرر استئنافها هذا الأسبوع.
وقال كيري "هذا إنما يؤكد
أهمية الجلوس إلى الطاولة.. الجلوس إلى الطاولة سريعا" وحل الخلافات بشأن المستوطنات
والقضايا الأخرى.
موقف
"حماس"
بدورها أعلنت حركة حماس التي
تحكم قطاع غزة بأنها ترفض وبشدة عودة السلطة الفلسطينية إلى مسار المفاوضات، وطالب
محمود الزهار القيادي البارز في الحركة جامعة الدول العربية برفع الغطاء عنها، ومشددا
على أنه لا شرعية لأي انتخابات تجري بدون توافق وطني.
وقال الزهار خلال مؤتمر صحفي
عقدته حركته الاثنين بحضور القيادي خليل الحية والناطق باسم حماس فوزي برهوم
"من الغريب أن يذهب عباس وفريقه إلى المفاوضات متجاهلا إجماع الشعب الفلسطيني
وفصائله على رفض هذا النهج الذي ينذر بنسف القضية الفلسطينية".
وحذر من مقايضة الوطن بمنح مالية
تقدم للسلطة في رام الله وتنفق في مصارف الفساد والتعاون الأمني مع المحتل والامتيازات
الشخصية، معتبرا أن اختيار السلطة لنهض التفاوض بديلا عن المصالحة وتوحيد الشعب هو
جريمة بكل المعايير الوطنية والأخلاقية والسياسية لأنها تدخلنا في دوامة جديدة نمن
الانقسام والضعف والفشل.
وقال إن "كل من يراهن على
عزل المقاومة والالتفاف على حقوق شعبنا واهم، لأننا عشنا في ظروف أقسى وأصعب من التي
نمر بها الآن، ولم يمنعنا ذلك من مواجهة الاحتلال وإيلامه في الحروب السابقة".
وشدد على حق الشعب الفلسطيني
وشعوب الأمة في الاطلاع على تفاصيل ملامح الاتفاق التي قامت على أساسها الجولة الجديدة
في عملية التفاوض.
واعتبر الزهار في تصريحات
نشرتها وكالة "صفا" أن مسار المفاوضات
العبثية تجميل لوجه الاحتلال وصورته أمام المجتمع الدولي بدلا من عزله ومحاكمة قادته
كمجرمي حرب على ما اقترفوه من جرائم بحق شعبنا.
وقال "لا تفويض ولا شرعية
لعباس وفريقه التفاوضي بالتنازل عن شبر من أرض فلسطين أو أي من حقوق شعبنا".
وتابع "مع ترحيبنا وسعينا
الحثيث لتحرير كل الأسرى فإن طريق الحرية هي طريق التضحية والبطولات، لا على حساب ثوابت
الشعب وحقوقه وكرامته".
وأكد أن حق اللاجئين بالعودة
إلى أرضهم وبيوتهم حق فردي وجماعي لكل فلسطيني، لا يحق لأحد التفاوض أو المساومة عليه،
داعيا العرب لرفض التساوق معه.
من جانبه أكد خليل الحية
القيادي في حماس أن إن فلسطين لا تحرر إلا بالمقاومة، ولا شرعية للمفاوضات ولا غطاء
فلسطيني شعبي لهذه القضية.
وقال "لم نفوض عباس في السابق
ولن نفوضه اليوم أو غدا على أن يفرط بالثوابت، فالشرعيات لا تؤخذ من خارج الشعوب بل
الشعب هو من يعطي الشرعية، ونريد أن ننتزع منظمة التحرير من عباس".
ووسط الإنقسام الجغرافي و
السياسي الفلسطيني فإن الحكومة الصهيونية التي يحكمها أحزاب يهودية أكثر تطرفا
تتجه نحو زيادة عمليات البناء في المستوطنات لفرض الأمر الواقع على أي اتفاقيات قد
تأتي بضغوط دولية على الكيان الصهيوني، و أعلن الإتحاد الأوروبي مؤخرا عن وقف
تمويله للمشاريع التي تبنى في المستوطنات الصهيونية، كما أعلنت بعض الدول فيه عن
التمييز بين البضائع التي تنتج في المستوطنات و التي تنتج داخل الكيان الصهيوني،
الأمر الذي أثار استياء الحكومة الصهيونية.
وفي موقفه من المفاوضات
المقر انعقاد أولى جلساتها الأربعاء، رحب الاتحاد بتجدد المفاوضات و جاء في
تصريح منقول عن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى
كاثرين آشتون أن الاتحاد يرحب باستئناف المفاوضات بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني،
مضيفة بأن المستوطنات في الضفة الغربية غير مشروعة وفقا للقانون الدولي وتهدد بجعل
حل الدولتين مستحيلا.
و بالرغم من سخونة العلاقات
الدبلوماسية الحالية بين السلطة الفلسطينية و حكومات الكيان الصهيوني المتعاقبة
إلا أن سيطرت حركة حماس على قطاع غزة منعت بحسب أوساط سياسية فلسطينية مسؤولي
أوسلو من توقيع اتفاقيات نهائية لإستكمال مسيرة السلام المزعومة مع الكيان
الصهيوني، و التي تريد الإرادة الصهيونية من خلالها انتزاع اعتراف فلسطيني رسمي
بأحقية الكيان الصهيوني بالسيطرة على القدس المحتلة كاملة و التفريط بحقوق
اللاجئين الفلسطينيين و سيطرت الاحتلال على أكثر من 78 % من مساحة فلسطين التاريخية. ومن حملات الإعتقال المتواصلة التي تشنها
الأجهزة الأمنية الفلسطينية بحق عناصر المقاومة الفلسطينية و اجتماعات التنسيق
الأمني التي لا تنتهي برعاية أمريكية يتضح أن السلطة الفلسطينية تقوم في الضفة
الغربية بدور الحارس الأمني للكيان الصهيوني، ويتشابه دورها مع دور جيش أنطوان لحد
في جنوب لبنان خلال ثمانينيات القرن الماضي.