المرض.. هل يسقط دكتاتور الجزائر؟
نقل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع
نهاية شهر إبريل إلى العاصمة الفرنسية باريس لتلقي العلاج في رحلة علاجية اكتنفها
الغموض منذ بدايتها، لكن بعد أن طالت
الرحلة بدأت تخرج تكهنات و تثار بلبلة كبيرة داخل المجتمع الجزائري حول حقيقة
المستقبل السياسي في بلادهم التي يحكمها العسكر منذ عدة عقود.
وفقا للرواية الرسمية فإن الرئيس تعرض لجلطة
دماغية و قد تحسنت صحته و سيعود إلى البلاد قريبا بعد قضائه فترة نقاهة في فرنسا.
لكن صحيفة الوطن كتبت بعنوان عريض على صفحتها الأولى
"الأمر خطير: أعضاء حيوية قد تكون تأثرت"، في إشارة إلى الأعضاء الحيوية
للرئيس الجزائري التي قد تكون تأثرت من الجلطة الدماغية التي استدعت نقله إلى المستشفى
الفرنسي قبل ثلاثة أسابيع. ولم تكن الصحيفة إلا مجرد ناقل لخبر نشرته مجلة
"لوبوان" الفرنسية على موقعها الإلكتروني والذي جاء فيه أن صحة الرئيس الجزائري
عبدالعزيز بوتفليقة (76عاما) الذي يعالج في مستشفى "فال دو غراس" بباريس
من جلطة في المخ أصيب بها الشهر الماضي "تتدهور وتسير من سيء إلى أسوأ"،ولم
تصدر الحكومة الجزائرية أي تعقيب على ذلك، واكتفت بالرد على ألسنة بعض المسؤولين بالقول
إن الرئيس سيعود إلى الجزائر. وذكرت أيضا
إن صحة بوتفليقة الذي أمضى 14 عاما في حكم الجزائر وهي أطول فترة قضاها رئيس
جزائري من استقلال البلاد "لا تشهد تحسناً".
ونقلت
عن مسؤول فرنسي أن الرئيس الجزائري "وصل باريس في حال سيئة للغاية"، لافتة
إلى أن "بعض الوظائف الحيوية لبوتفليقة تضرر في شكل بالغ".
وفي أول تصريح رسمي فرنسي حول الموضوع قالت
وزارة الدفاع الفرنسية إن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة غادر المستشفى الفرنسي
العسكري"فال دو غراس" ، حيث كان يخضع للعلاج منذ نحو شهر، وتم نقله إلى مصحة
أخرى، دون تحديد مكانها، أو تفاصيل حالته الصحية.
ومع تصاعد الأزمة وبروز قضية إصدار مراسيم
رئاسية في ظل غياب الرئيس، صرح رئيس حزب الجبهة الجزائرية الوطنية موسى تواتي
لصحيفة الشروق الجزائرية قائلا:"نود معرفة حقيقة الوضع الصحي للرئيس، وهو حقنا
كشعب، هذا الرئيس لا يمكن أن يكون أفضل من فيدال كاسترو أو هوغو تشافيز، وحتى الملوك
ينشرون تقارير لمواطنيهم لطمئنتهم أما نحن فنكتفي فقط بتصريحات تقول إنه يتماثل للشفاء،
ولكن الموضوع الذي يجب أن يثار هو أن من يعالجه اليوم هو عدو الأمس، وهو أمر غير مشرف
للجزائر كدولة، وللشعب الجزائري".
وفي حين حاول رئيس الوزراء عبد المالك سلال
التغطية على حقيقة الوضع الصحي للرئيس من خلال التأكيد بأن الرئيس بصحة جيدة
وسيعود قريبا إلى الجزائر، فإن هشام عبود،
وهو صحافي جزائري، كذب هذه التصريحات وقال في مقابلة أجراها مع قناة فرانس 24،"
إن الرئيس بوتفليقة في حالة صحية خطرة وأنه غادر مستشفى "فال دوغراس" وعاد
إلى الجزائر".
وأضاف أنه استقى الخبر من مصادر طبية في مستشفى
"فال دو غراس" ومن مصادر دبلوماسية وعسكرية متطابقة في الجزائر.
وأثارت تصريحات عبود سخط السلطات الجزائرية التي
قررت حجب صحيفة "جريدتي" التي كان يديرها والتي تنشر باللغتين العربية والفرنسية،
بالإضافة إلى توجيه تهمة المساس بأمن الدولة وبضرب استقرار مؤسساتها له.
و لتأكيد مصداقية حديثه طلب سلال بأن يتم بث
صور لبوتفليقة وهو في سرير العلاج لكي يطمأن الشعب الجزائري لكن شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة،
شقيق الرئيس، رفض الفكرة بحجة أن الوضع لا يسمح بمثل هذا الأمر.
ويتساءل متتبعو الشؤون الجزائرية عن إمكانية أن
استمرار بوتفليقة في عهدته الثالثة التي ستنتهي في أبريل 2014، فيما يرى البعض الأخر
أنه أصبح من المستحيل أن يرشح نفسه لعهدة رابعة.
وإلى ذلك، طالبت بعض الأحزاب السياسية التي لا
تنتمي إلى الكتلة الرئاسية، مثل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب جبهة
القوى الاشتراكية ومنظمات ديمقراطية أخرى بتفعيل المادة 88 من الدستور التي تنص بإقرار
الفراغ في السلطة لأسباب صحية وتنصيب رئيس الجمعية الوطنية رئيسا انتقاليا للجزائر
لمدة 45 يوما ثم تنظيم انتخابات رئاسية جديدة في مدة لا تتجاوز 60 يوما كما ينص الدستور.
لكن يبدو أن فكرة تفعيل المادة 88 لم تلق ترحيبا
من كل مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش لغاية الآن. وفي حالة عجز الرئيس عن أداء مهامه
فإن الدستور ينص على أن يتسلم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح (70 سنة) منصب الرئيس
بالنيابة حتى تنظيم انتخابات في اجل لا يتعدى 45 يوما.
وبعد اجتيازه عتبة 14 سنة في الحكم أصبح بوتفليقة
الرئيس الجزائري الذي قضى أطول فترة في الحكم متجاوزا الرئيس هواري بومدين الذي قضى
13 سنة (1965-1978). في يناير 2005 عين من
قبل المؤتمر الثامن رئيساً لحزب جبهة التحرير الوطني. ولد بمدينة وجدة المغربية وهو
من أصول امازيغي، و التحق بعد نهاية دراسته الثانوية بصفوف جيش التحرير الوطني الجزائري
وهو في 19 من عمره في 1956.
وشارك في الجيش الجزائري وأصبح مأمورا ضابطاً في
المنطقتين الرابعة والسابعة بالولاية الخامسة، وألحق على التوالي بهيئة قيادة العمليات
العسكرية بالغرب، وبعدها بهيئة قيادة الأركان بالغرب ثم لدى هيئة قيادة الأركان العامة،
وذلك قبل أن يوفد عام 1960 إلى حدود البلاد الجنوبية لقيادة (جبهة المالي).
وشهدت فترة رئاسته مشاكل سياسية وقانونية و
انتهاكات لحقوق الصحفيين ووسائل الإعلام، وفضائح فساد مالي و تولية فاسدين لحقائب الوزارية بالإضافة إلى صفقات دولية مشبوهة
خاصة بشركات الاتصالات للهواتف المحمولة.