هل تشعل كوريا الشمالية حرب عالمية جديدة؟
أعلنت المتحدثة باسم القوات
الامريكية في كوريا الجنوبية أن قائد تلك القوات الجنرال جيمس تورمان ألغى زيارة
مرتقبة إلى واشنطن هذا الاسبوع بسبب الأزمة الحالية بين كوريا الشمالية من جهة و
الولايات المتحدة وحلفاءها من جهة أخرى.
وكان من المقرر أن يدلى تورمان
بشهادته أمام ثلاث لجان بالكونجرس، حيث كان من المتوقع أن يناقش الرد الأمريكي على
تهديدات بيونجيانج.
وقررت الولايات المتحدة
بداية الاسبوع الجاري تأجيل إجراء تجربة لصاروخ بالستي من كاليفورنيا"لتفادي أي
سوء فهم آو سوء تقدير" في ضوء التوترات مع كوريا الشمالية.
وفي هذا الشأن، أمرت وزارة
الدفاع اليابانية وحداتها العسكرية بضرب أي صاروخ كوري شمالي يستهدف أراضيها.
وقال المتحدث باسم الوزارة إن
الأمر الذي أصدره وزير الدفاع الياباني اتسونوري اونوديرا سيترجم خصوصا بنشر اليابان
مدمرات في البحر مجهزة بنظام اعتراض الصواريخ.
وأضاف المتحدث الذي فضل عدم الكشف
عن هويته "لن نعقد مؤتمرا صحافيا خاصا لأننا لا ننوي أن نكون تحت تأثير الاستفزازات
الكورية الشمالية وبالتالي ستكون لكوريا الشمالية إشارات عن إستراتيجيتنا في حال أعطينا
تفاصيل علنية".
ولا يستبعد أن يكون إعلان بيونغ
يانغ أنها في حالة حرب مع جارتها الجنوبية وتهديدها بشن هجمات نووية على الولايات المتحدة
بداية حلقة من الصراع الجديد في شبه الجزيرة الكورية.ووفقا لتقديرات المعهد الدولي
للدراسات الإستراتيجية، يتألف الجيش الكوري الشمالي من نحو مليون و200 ألف جندي نظامي
وخمسة ملايين و700 ألف جندي احتياطي، مما يجعله الجيش الخامس عالميا من حيث عدد القوات
النظامية.
تمتلك كوريا الشمالية أربعة آلاف
و100 دبابة قتالية وألفين و500 ناقلة جنود وثمانية آلاف و500 قطعة مدفعية. ورغم ضخامة
الترسانة العسكرية من حيث العدد والكم، يطغى على معظمها القدم حتى بات بعضها عاطلا
عن العمل بسبب ضعف الصيانة.
ويقول التقرير إن بيونغ يانغ
لا تمتلك سلاحا بحريا مميزا باستثناء قواتها الخاصة والقدرة على زرع ألغام في المياه
العميقة.
أما سلاح الجو، فيتكون من
820 طائرة مقاتلة معظمها من طراز ميغ 15/17/19/21 القديمة، كما يمتلك 300 مروحية.
ويتمركز أكثر من 50 في المئة
من قوات كوريا الشمالية على بعد نحو 100 كيلومتر من المنطقة منزوعة السلاح التي يبلغ
عرضها أربعة كيلومترات وطولها 250 كيلومترا، مما يعني 700 ألف جندي كوري شمالي وثمانية
آلاف قطعة مدفعية و2000 دبابة.
أما بالنسبة للقوات المسلحة الأميركية،
فتضم عدة أصناف من بينها القوات البرية ومشاة البحرية وسلاح الجو وسلاح البحرية، ويخدم
فيها نحو مليون ونصف المليون أميركي، فيما يبلغ عدد أفراد قوات الاحتياط 850 ألفا.
ويتملك سلاح الجو الأميركي نحو
أربعة آلاف طائرة مقاتلة وأخرى لإغراض نقل المعدات والجنود، وتضم ترسانته أكثر من ألفي
صاروخ كروز ونحو 450 من الصواريخ العابرة للقارات. أما سلاح البحرية، فيمتلك 278 سفينة
وأكثر من أربعة آلاف طائرة.
ويعد الجيش الأميركي من أقوى
الجيوش في العالم من حيث العدة والعتاد والثاني بعد الجيش الصيني من حيث عدد أفراده.
جدير بالذكر، أن نحو 28 ألف جندي
أميركي ينتشرون في كوريا الجنوبية.
و أجرت كوريا الشمالية ثلاث تجارب
نووية منذ أن أعلنت للمرة الأولى عام 2006 امتلاكها السلاح النووي. وكان آخر هذه التجارب
في فبراير2013.
التجربة النووية الأخيرة وما
سبقها من تجربة صاروخ بعيد المدى أواخر العام الماضي أثارت شكوكا حول قدرتها على تجربة
صواريخ بالستية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.
وقال الباحث في مؤسسة Transformation
Development راستن ترومان إن بيونغ يانغ
غير قادرة على تصنيع رؤوس نووية تتناسب مع أنظمتها الصاروخية، كما أنها تفتقر إلى نظام
توجيه صاروخي يضمن دقة الضربات الصاروخية.
وأضاف ترومان، وهو عسكري سابق
عمل في الصين وكوريا الجنوبية، في تقرير نشره راديو سوا ، أن كوريا الشمالية قد تلجأ
إلى استخدام قاذفات لحمل قنابلها النووية، لكنه أشار إلى أن الولايات وحلفائها لن يسمحوا
لها بالتحليق.
لكنه عاد ليقول إن التجربة الأخيرة
لإطلاق صاروخ بعيد المدى "نبهت الولايات المتحدة والعالم إلى أنه بمزيد من التجارب،
فإن باستطاعة كوريا الشمالية امتلاك تكنولوجيا توجيه صاروخي جيدة وتكنولوجيا لتصنيع
مفاعل نووي صغير يمكنها من وضع رؤوس نووية على صواريخ".
وأشار تقرير المعهد الدولي إلى
أن بيونغ يانغ ستعتمد بشكل مباشر على المدفعية الثقيلة في حال قررت شن هجمات على جارتها
الشمالية والقوات الأميركية المتركزة هناك، كما أنها قد تشن هجوما كيميائيا، مما قد
يحدث حالة من الفوضى في شبه الجزيرة.
وقد تمكن حالة الفوضى تلك قوات
المشاة الشمالية من اختراق أنظمة الجنوب الدفاعية والسيطرة على العاصمة سول قبل تدخل
مؤكد من الولايات المتحدة.
ولم يستبعد الباحث الأميركي راستن
ترومان إمكانية نشوب حرب تقليدية في أي وقت، وقال إن الشمال قد يستخدم المدفعية والدبابات
وإن عاصمة الجنوب سول ستتأثر بذلك أكثر من غيرها.
لكنه لم يرجح أن تلجأ كوريا الشمالية
إلى استخدام السلاح الكيميائي أو البيولوجي في أي صراع محتمل "لأن الولايات المتحدة
سترد بسرعة".
بدأت أولى حلقات البرنامج النووي
لكوريا الشمالية بعد سنوات قليلة من إعلان الهدنة عام 1953 التي أنهت حربا بين الكوريتين
لانتزاع السيادة على شبه الجزيرة الكورية.
وأرسلت بيونغ يانغ البعثات والعلماء
إلى موسكو ووقع البلدان اتفاقات تعاون في المجال النووي.
وخلال تلك الفترة وحتى السبعينيات
من القرن الماضي، طورت بيونغ يانغ قدراتها وأنشأت مفاعل يونجبيون دون أن تعلن صراحة
نيتها تطوير برنامج نووي عسكري.
ومع انهيار الاتحاد السوفيتي،
قررت الولايات المتحدة مطلع التسعينيات نقل الرؤوس النووية من شبه الجزيرة الكورية
التي كانت قد نشرتها عام 1958 في أوج الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.
هذه الخطوة دفعت كوريا الشمالية
إلى السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش مفاعلاتها النووية، لكنها رفضت وصول
خبراء الوكالة إلى بعض المنشآت.
وأصبحت الخلافات حول طبيعة البرنامج
النووي لبيونغ يانغ وخاصة في مفاعل يونجبيون، محور الأزمة مع الولايات المتحدة التي
عرضت عليها وقف أنشطتها النووية مقابل الحصول على محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية
ومساعدات اقتصادية.
وهددت كوريا الشمالية بالانسحاب
من معاهدة منع الانتشار النووي، مما دعا الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر أثناء ولاية
الرئيس الأسبق بيل كلينتون إلى توقيع اتفاق جنيف عام 1994، الذي تراجعت بمقتضاه بيونغ
يانغ عن تهديداتها بالانسحاب.
لكن بيونغ يانغ فجرت مفاجئة عام
2003 بإعلانها الانسحاب من المعاهدة بعد أقل من عام من وضع الرئيس الأميركي جورج بوش
كوريا الشمالية على قائمة دول محور الشر.
أرسلت واشنطن جيمس كيلي للتفاوض
مع بيونغ يانغ وشرعت الأطراف الثلاثة للازمة فضلا عن اليابان وروسيا والصين إلى الدخول
في محادثات سداسية معلنين تفضيلهم الحل الدبلوماسي.
وبموجب إعلان بكين عام 2005،
تقرر أن تنهى بيونغ يانغ برنامجها النووي على الفور والعودة إلى المعاهدة والاعتراف
بحقها في امتلاك برنامج نووي سلمي مقابل مساعدات اقتصادية.
فشل هذا الاتفاق بسبب خلافات
حول تفسير بنوده حتى أعلنت كوريا الشمالية صراحة وللمرة الأولى عام 2006 امتلاكها للسلاح
النووي وقامت بتجربة نووية.
المصدر: راديو سوا