الهلع الصهيوني من الربيع العربي
الكثيرون وصفوا ما يدور بأنه مؤامرة أمريكية
أو خارجية ولخَّصوا الأحداث الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط بوصفها أعمال عدائية
تجاه استقرار المنطِقة، لكن ما يلاحظه الجاهل و العالم أن ما يحدث هو إعادة تقسيم
المنطقة من جديد، لكن وفقا لمبادئ جديدة أولها تحقيق رغبات شعوب المنطقة و رفض
التبعية لإيران والولايات المتحدة على حد سواء. ثانيها إعلاء كلمة الله سبحانه
وتعالى وتحكيم شرعه، وهذا ما ظهر في ميدان التحرير وفي ميادين بنغازي و طرابلس،
وكذلك في تونس الخضراء، واليمن السعيد، وبغض النظر عن محاولات الغرب من ابتزاز
الثورات من خلال حاجتها للدعم لكن إذا كانت الغاية هي رفع راية الحق فإن المولى عز
وجل لن يخذل عباده.
ما ذكرناه آنفا لا يخشاه إلا اثنان، الكيان
الصهيوني الذي سرق الأرض، و استباح المقدسات والولايات المتحدة التي استعمرت أراضي
المسلمين بالقوة ونهبت ثرواتهم واستباحة دمائهم لعشرات السنين.
و حينما نريد التعرف أكثر عن آثار الربيع
العربي فإننا يسعدنا أن نقرأ ما كتبه السيد نائب رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال
الاحتياط "عوزي ديان" خلال جلسة نقاش أجريت في مجلس الأمن القومي للكيان
الصهيوني، حيث قال "إنه في حال وافقت الحكومة الصهيونية على دخول قوات الجيش
المصري إلى سيناء فإن اتفاقية السلام مع الجانب المصري ستلغى خلال فترة
وجيزة".
وبحسب ما نقلت القناة السابعة عن ديان قوله إن
نزع السلاح من سيناء هو جوهر اتفاق "كامب ديفيد" بين الكيان الصهيوني و
مصر، فإذا تم إلغاء هذا البند من الاتفاقية فلا معنى للاتفاقية وهو ما سيلغيها على
أرض الواقع في المستقبل.
وللحفاظ على أمنها في المستقبل، رفض ديان
التنازل في الاتفاقيات المستقبلية مع السلطة الفلسطينية عن تواجد عسكري صهيوني على
نهر الأردن لأنه على حد قوله يضمن حماية العمل الإستراتيجي لـلكيان الصهيوني خلال
السنوات القادمة. ويعتقد ديان أنه بالنسبة إلى الفلسطينيين فإنه لا يوجد فرصة سلام
دائمة معهم. لقد صدقنا ديان وهو كذوب
ومخادع لكنه جاء بالحق، لأن هذا الصراع ليس هو صراع جغرافيا وأرض وإنما هو دين
وعقيدة لذلك لا تنهيه اتفاقيات سلام وهمية.
أما رئيس الشاباك السابق "يعقوب بيري"
فصرح بأن، وقف المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية، من الممكن أن تؤدي إلى إقامة
دولة ثنائية القومية، الأمر الذي سيؤدي إلى نهاية "الصهيونية".
وأضاف "بيراي" خلال مؤتمر ثقافي: "إن
غياب المفاوضات من الممكن أن يؤدي إلى فتح الباب أمام انتفاضة جديدة، أو موجة جديدة
من المقاومة، ولذلك فإن على الحكومة الصهيونية الوقوف أمام التحديات التي تواجهها".
وتابع قائلاً: "إن هناك العديد من المواضيع
التي تُعُّد مصيرية بالنسبة إلى الكيان الصهيوني، ومنها العملية السياسية، وبحسب رأي
فإننا نركض وبسرعة تجاه دولة ثنائية القومية، وهذا يُعُّد نهاية للصهيونية".
أما نائب رئيس الأركان الصهيوني الميجر جنرال يائير نافيه فإنه ينظر
إلى المشهد السوري بخوف شديد مع صعود قوة الثورة المسلحة وبروز قوي للإسلاميين
فيها، وهذا جعله يحذر من خطورة مخزونات الأسلحة
الكيميائية الهائلة التي تمتلكها سورية وكذلك من الصواريخ الموجودة لديها والتي تغطي
بمداها كل الأراضي الصهيونية.
ورأى نافيه أن السوريين لم يتغيروا ولن يترددوا
في اغتنام أي فرصة للاعتداء على الكيان الصهيوني معتبراً أنه يتوجب على الجيش
الصهيوني التعامل مع تهديدات وجودية يواجهها الكيان الصهيوني، والحديث بهذا العمق لنافيه ليس لأنه يخشى
النظام السوري لكن بكل صراحة يمكن القول إنه يخشى من سيطرة قوة إسلامية على هذه
الأسلحة بعد سقوط النظام السوري.
أما الأمر الأخير، الذي يجب التنويه إليه وقد أثَّر
كثيراً خلال السنوات الأخيرة في الصراع مع الكيان الصهيوني، فهو تركيا التي تنتمي
إلى عالمنا الإسلامي وحاول الكثير من المتشائمين التقليل من قدرها، وحاسبوها على
واجب قامت به أفضل من الكثير من الدول العربية، فحينما يذهب السائح إلى تركيا لا
يجد من عمق التاريخ والحضارة رموز العلمانية و إنما يشده بقوة قباب المساجد التي تتحدث
عن تاريخ حضارة إسلامية عريقة. تركيا التي تنتمي إلى حضارتنا عادت من جديد، لكن
الكثيرين برروا مواقفها من القضية الفلسطينية بأنها مرهونة بمصالحها، أمريكا لها
مصالح في عالمنا العربي لكن لماذا دائمَا تخذلنا؟!، وروسيا كذلك، لقد تحدث
التلفزيون الصهيوني عن نجاح تركيا في منع الكيان الصهيوني من المشاركة في المنتدى العالمي
لمكافحة الإرهاب "GCTF" الذي افتتح أولى جلساته أمس في اسطنبول.
وأشارت القناة إلى أن العلاقات المتوترة بين
الكيان الصهيوني وتركيا أثَّرت أيضاً على علاقات تل أبيب مع حلفائها حيث خضعت الولايات
المتحدة التي ترأس المؤتمر لضغوط رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بعدم دعوة الكيان الصهيوني للمشاركة على الرغم من أنها إحدى
الدول ذات الخبرة الأغنى في العالم في هذا المجال, على حد تعبير القناة.
وأوضحت القناة الثانية أن الحكومة الصهيونية بذلت
جهوداً كبيرة لتلقي دعوة للمشاركة في المنتدى الدولي إلا أنها بقيت خارجاً بقرار من
تركيا, على الرغم من التعاون الصهيوني الأمريكي
القوي في شؤون الاستخبارات, الأمر الذي خلق خيبة أمل عميقة لدى حكومة تل أبيب.
ويشار إلى أن مبادرة هذا المنتدى تعدُّ إحدى الدعائم
التي تقوم عليها سياسة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مجال مكافحة "الإرهاب",
وبدأت تأخذ شكلها قبل عام تقريبا, ويصف البيت الأبيض المبادرة بأنها استخدام ذكي للقوة
ضد ما يسميه "الإرهاب", وتم اختيار تركيا لتكون رئيسا مشاركا للمنتدى إلى
جانب الولايات المتحدة.
ويشارك في المؤتمر 29 دولة منها عشر دول عربية
وإسلامية, إلى جانب روسيا والصين والهند ومجموعة الثماني والاتحاد الأوروبي.
إن ما ذكر أعلاه يشير إلى أن الأمة أصبحت تعيد
صياغة نفسها من جديد وتحتاج إلى وحدة الصف، و كذلك أن تستثمر كل دعم يأتي من
خارجها، لأن العالم من حولها ملخص في دائرتين الأولى هي إيران التي تحاربها وفق
منهج أيديلوجي وتخترق الأمة من الداخل، و الغرب و رأس حربته الكيان الصهيوني الذي
يريد أن يبقى سرطاناً يمزق الأمة ليمنع عنها أسباب قوتها.