ضرب إيران .. بين الحقيقة و الوهم
إن حقيقة واضحة يمكن أن نراها أمام أعيننا وهي
أن الغرب يوظف الملف الإيراني بشكل صحيح من أجل تحقيق مآربه في منطقتنا العربية، و
بشكل لا يظهر فيه شك فإنه أداة لتحقيق طموحات سياسية واقتصادية بعيدة المدى. و ما
يمكن قوله هو أن الكيان الصهيوني لا يهتم كثيراً لتهديدات إيران و لا
تثيره مخاوفهم حتى، لأن باكستان امتلكت سلاح نووي لكنها مع ذلك لم تثير مخاوف
الكيان الصهيوني. و في حال أقدم الجيش
الصهيوني على ضرب إيران فإنه بحاجة إلى قرار أممي أولاً، و ثانياً إلى ضوء أمريكي
أخضر، لذلك هذا الإجماع لا يتوفر الآن وفي أسوء الظروف فإن الروس لا يريدون التخلي
عن الوجود الإيراني لأن ذلك يندرج في سياق ترابط المصالح الاقتصادية و الأمنية.
عودتنا آلة الحرب الصهيونية أن تنفذ مخططاتها
بشكل مفاجئ إذا كانت فعلا تريد ذلك، وهذا حدث بالفعل في قصف المفاعل النووي
العراقي في الثمانينات من القرن الماضي و سورية قبل 5 سنوات، وكذلك من خلال اغتيال
الكثير من العلماء العرب النوويين.
ما نشاهده عملية تبادل أدوار في المنطقة بين
طهران وواشنطن، فطهران تستغل الدين بشكل جيد لاستعطاف الجماهير إلى جانب الملف
النووي، بالإضافة إلى أنها تتمدد نحو الخليج وتفتح أعينها بوسع على دول الخليج وفي
نفس الوقت تنظر باتجاه الكيان الصهيوني ولا يعقل أن تغامر بمصالحها من أجل أي حرب
قادمة. واشنطن كذلك وظفت نفس الفزاعة في عهد صدام حسين لتقول إنه يصنع أسلحة نووية
ويهدد أمن جيرانه، ليكتشف العالم أنها خدعة أمريكية أرادت بها الهيمنة على منطقة
الخليج.
ويمكننا القول أن الملف النووي الإيراني ملف
مستهلك للتوظيف السياسي أكثر من كونه مشروع حقيقي يمكنه التأثير في قضايا الشرق
الأوسط، وما يمكن ملاحظة بشكل جلي أن الجانب الصهيوني يحاول ابتزاز الموقف
الأمريكي، خاصة أن الولايات المتحدة متجهة إلى الانتخابات الرئاسية في وقت قريب.
كما يحاول ابتزاز إيران، والتقليل من نفوذها في الملف السوري.
و تعلم إيران جيداً أن التهديدات المتوالية
عليها إنما هي مُثارة لضغط عليها، وكيف لا وهي ترسل رسائل سرية إلى الغرب وتعقد
جلسات تفاوضية بشكل مستمر، وهي متأكدة أن أي حرب عليها ستشارك فيها أوروبا بقوة.
باختصار إن ما يدفع الكيان الصهيوني للتهديد
هو الدافع لاحتكار امتلاك السلاح النووي في الشرق الأوسط لعدة أسباب، أولها ضعف
النفوذ الأمريكي في المنطقة بعد الحروب التي خاضتها و أثرت فيها اقتصادياً، و كذلك
الربيع العربي الذي أطاح بحلفاء للكيان الصهيوني و لربما لاحقاً يطيح باتفاقيات
سلام يستفيد منها الكيان الصهيوني، وكذلك قوة المقاومة المتصاعدة من حول الكيان
الصهيوني. بالإضافة إلى أن إيران تستخدم الملف الخارجي لقمع المعارضة الداخلية.
على المستوى الأمني فإن اعتبار بارز يمنع
الكيان الصهيوني من شن حرب مستقبلية ومثلما قال ايهود باراك وزير الكيان الصهيوني في
إحدى خطاباته الإذاعية فإن الضربة التي يمكن أن تضرب باتجاه الكيان يمكن أن تقضى
عليه، بالرغم من أن الجيش يمتلك القوة للرد.. لكن مقومات الدولة سوف تنتهي، إذا
فالكيان الصهيوني يخشى من اليوم الذي يلي الضربة و رد الفعل الأمني والسياسي على
تلك الضربة.
:: موقع مجلة البيان الالكتروني