وصفت المجلة سعي اوغلو للفوز في هذه الانتخابات بأنه قد يكون شيء من الخيال، فالرئيس التركي الحالي تولى رئاسة الوزراء منذ عام 2003 بقيادة حزب العدالة والتنمية واستطاع السيطرة على كل مؤسسات الدولة بما في ذلك الامتيازات الكثيرة التي قدمها للمؤسسة العسكرية
خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في تركيا لعام 2018 نشرت صحيفة نيويورك تايمز
مقالة أعربت فيها عن دعمها لخصم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، محرم إنجه، أوضحت
بعض فقرات المقال أن هيئة التحرير في الصحيفة كانت تعلم أنها كانت تكره أردوغان
لكنها لم تكن تعرف شيء عن خصمه إنجه. وفقاً لتقرير نشرته مجلة فورين بوليسي
الأمريكية حول الانتخابات التركية الحالية فإن ما يجري بين كمال أوغلو زعيم حزب
الشعب ومرشح المعارضة التركية والائتلاف السداسي الذي يمثله فإن القصة تتكرر مرة
أخرى، لأن ذلك التحالف تجمع كراهية أردوغان أكثر من توافق قادته على أي مشروع سياسي
خاص بمستقبل تركيا.
|
إن
تحقق أسوء الاحتمالات بشأن فوز تحالف "طاولة الستة " بقيادة أوغلو لا يعني
بالضرورة تحقق التوقعات الغربية بشأن عودة تركيا للمستنقع الغربي، فالتحالف
الذي يتصدره مرشح المعارضة متباين سياسياً وايديولوجياً |
لقد وصفت المجلة سعي اوغلو للفوز في هذه الانتخابات بأنه قد يكون شيء من الخيال،
فالرئيس التركي الحالي تولى رئاسة الوزراء منذ عام 2003 بقيادة حزب العدالة
والتنمية واستطاع السيطرة على كل مؤسسات الدولة بما في ذلك الامتيازات الكثيرة التي
قدمها للمؤسسة العسكرية التي كانت أهم أسلحة حزب الشعب سابقاً للفوز في الانتخابات.
إن تحقق أسوء الاحتمالات بشأن فوز تحالف "طاولة الستة " بقيادة أوغلو لا يعني
بالضرورة تحقق التوقعات الغربية بشأن عودة تركيا للمستنقع الغربي، فالتحالف الذي
يتصدره مرشح المعارضة متباين سياسياً وايديولوجياً،
فاوغلو يقود يسار الوسط العلماني في تركيا ويتفاخر بنزعته الدينية العلوية بينما
يتقاسم الرصيد السياسي على نفس الطاولة مع شخصيات قومية يمنية متطرفة بالإضافة إلى
تيار محافظ منشق عن حزب العدالة والتنمية مثل علي باباجان وأحمد داوود أوغلو
بالإضافة إلى ممثل عن حزب السعادة المحافظ ذو النزعة القومية.
يركز تحالف الأمة المعارض في حملته الانتخابية على مجموعة من السياسيات المشتركة
أهمها البعد عن نظام الحكم الرئاسي الذي تبناه أردوغان قبل ست سنوات، وهنا لا يمكن
التركيز فقط على تصويت تشريعي لتغيير هذا النظام بقدر ما نتحدث عن مرحلة جديد في
السياسة التركية تتعلق بإعادة إنشاء مؤسسات حكومية تكلف إنشائها عقدين من الزمن
تحتاج لإحداث تغيير فيها الكثير من التوافق بين تحالف المعارضة لذلك يمكن أن ينظر
إلى عناوين الحملة الانتخابية للمعارضة على أنها محاولة لإدخال البلاد في صراع
سياسي عملاق.
بالإضافة إلى نظر الكثير من الأتراك للطريقة التي نصب فيها كمال أوغلو زعيماً
لتحالف المعارضة رغم أنه أضعف المنافسين بالنسبة لأردوغان باعتباره شخصاً يتبنى
الخيار الديمقراطي لمواجهة الرئيس الحالي، كذلك الأمر بالنسبة لخلافات أوغلو مع
نائبيه أكرم أوغلو ومنصور يافاش.
أما بالنسبة للملف الكردي فإن المعارضة لا تزال غير حاسمة في خياراتها اتجاه هذا
الملف الذي استطاعت الحكومة التركية الحالية تحقيق بعض الإنجازات فيه وهي إنجازات
حفزت الحركة القومية لمساندتها،
أما بالنسبة للسياسيات الخارجية التي يرى كمال أوغلو بضرورة عدم التوسع فيها فإن
هذا الأمر قد يكون صفعة لحليفة أحمد أوغلو عراب السياسة الخارجية السابق في حكومة
أردوغان، كذلك فهي خطوة من شأنها عرقلة الكثير من الحراك الدبلوماسي الخارجي للدولة
التركية التي استطاعت من خلاله تحقيق إنجازات مختلفة مثل حماية حدودها البحرية في
البحر المتوسط وتعزيز حضورها في الصراع الروسي الغربي من خلال تدخلها في الأزمة
الأوكرانية بالإضافة إلى دورها البارز في الملف السوري ونجاحها في تدمير مشروع
الدولة الكردية في الشمال السوري.
الجزء الأهم الذي تخفيفه المعارضة التركية هي طبيعة علاقتها بالإدارة الأمريكية،
فرغم زيارة كمال أوغلو للولايات المتحدة مرتين سراً خلال العشر السنوات الماضية إلا
أنه لا يستطيع أن يتحدث علناً عن موقفه من السياسيات الأمريكية تجاه بلاده، فهم
يتجهون دائماً لتعزيز تحالفهم مع واشنطن من تحت الطاولة.