مبشرات الانقسام في ليبيا .. إقليم برقة
يبدو أن الشعب الليبي الذي
تضرر كثيراً من ويلات الصراع الأخير على السلطة، لا يجد سبيل للتخلص من آثار
الصراع على السلطة ويعيش وقوداً لطموحات البعض في التمترس خلف النزعات القبلية
التي تباعد بين أطياف المجتمع الواحد وتساهم في تمزيقه.
وبعد أن أعلنت جماعة الإخوان
المسلمين في ليبيا أنها بصدد تأسيس حزب سياسي يمثلها في أول انتخابات تشهدها ليبيا
منذ أكثر من أربعين عاماً، من المرجح أن تكون الجماعة الطرف الأبرز في النزاع على
السلطة حيث سيتنافس أحزاب إسلامية وعلمانية في الانتخابات التي تجري في يونيو
حزيران لعضوية جمعية وطنية ستضع مسودة دستور جديد لليبيا.
ويقول محللون سياسيون أن من
المرجح أن تظهر جماعة الإخوان المسلمين كأكثر القوى السياسية تنظيماً وطرفاً
رئيسياً في ليبيا المصدرة للنفط التي قمع فيها بشدة الإسلاميون مثل كل المعارضين
طوال 42 عاماً.
وقال الأمين بلحاج الذي يرأس
اللجنة التي تعمل على إنشاء الحزب الجديد خلال مؤتمر الجمعة انه سيضم إسلاميين من
مختلف المشارب. وبحسب ما صرح أمس فإن ما جرى كان اجتماعاً تأسيسياً لحزب وطني مدني
بمرجعية إسلامية.
وتابع أيضاً:" إن هذا
الحزب ستؤسسه جماعة الإخوان المسلمين ومستقلين كثيرين غير مرتبطين بأي تنظيمات إسلامية".
وقال بلحاج الذي يشغل منصب
كبير في المجلس الانتقالي الليبي واللجنة المسؤولة عن الانتخابات انه لم يتم بعد إطلاق
اسم على الحزب الجديد كما لم يتم اختيار زعمائه مع استمرار المشاورات بين الإخوان
المسلمين وجماعات أخرى.
وقال عبد الله شامية وهو أستاذ
اقتصاد وعضو في جماعة الإخوان المسلمين منذ أن كانت تنظيماً سرياً إن الحزب الجديد
سيكون مستقلاً.
إقليم برقة
لم تتوقف الدعوات التي تحرض
على القبلية وتساهم في تغذيتها في ليبيا، ففي الشرق الليبي الذي شهد مؤخراً أكبر
نزاع قبلي راح ضحيته أكثر من مئة قتيل في مدينة الكفرة، أفادت مصادر ليبية أن
القبائل هناك تستعد لإعلان برقة إقليماً
فيدرالياً، وحددت يوم الثلاثاء المقبل الموافق للسادس من (مارس) الجاري، موعداً
لذلك، فيما هددت قيادات في التكتل الفيدرالي إلى اللجوء إلى السلاح أو الأمم
المتحدة لتدويل القضية.
وبحسب ما نشر في مواقع
إخبارية ليبية فإن ثلاثة آلاف سياسي وزعيم قبلي ليبي سيجتمعون الثلاثاء القادم في
مدينة بنغازي لإعلان إقليم برقة الممتد من حدود مصر في الشرق إلى سرت غربا فدرالية
اتحادية تستمد شرعيتها من الدستور الذي اقر في عهد الملك الراحل إدريس السنوسي عام
1951م.
ومن المتوقع الإعلان عن مجلس
انتقالي وبرلمان خاص بالفدرالية للإقليم الجديد يتمتع بسلطات إدارية ومالية واسعة،
بالإضافة إلى ترشيح عدة شخصيات لتولي حقائب النفط والمالية والتعليم العالي
والدفاع.
وأشار الناشط فيصل العبيدي
إلى أن الإعلان المرتقب "رجوع إلى الشرعية الدستورية لليبيا" مؤكدا أن
المركزية "المقيتة"هي السبب الرئيسي في دمار أي دولة.
كما وصف مسؤول مؤسسات
المجتمع المدني في برقة كريم البرعصي يوم الإعلان بــ "التاريخي" مضيفا
أن فشل الدولة المركزية الذريع وراء الإعلان.
وقال إن سياسات الانتقالي
وإعادة الدولة المركزية في العاصمة طرابلس دعت السكان المحليين إلى التفكير جدياً
في هذه الخطوة، رافضا بشدة السماح من جديد بتهميش ما أسماه الكيان الشرعي في شرق
ليبيا.
وكان إدريس الراحل أحد قادة
التكتل الفيدرالي في برقة قد شبه قضية تهميش برقة بمعاناة شعب دولة جنوب السودان
(حسب وصفه)، نافياً وصف انفصال دولة الجنوب السوداني بـ"المؤامرة الأمريكية
الصهيونية"، وإنما كان الانفصال سببه التهميش الذي عاناه الجنوبيين حسب رأيه،
وهو السيناريو الذي سيتكرر فيما يتعلق بمعاناة برقة، إذا تم رفض تقسيم ليبيا إلى
ولايات.
من جانبه قال مصطفى بن حليم،
رئيس الوزراء السابق للمملكة الليبية، بأنه يرفض النظام الفيدرالي باعتبار أنه
يعمل على تقسيم و تجزئة ليبيا، و قيام جزء على حساب جزء أخر من الوطن.
وأضاف بأن الشعب الليبي قد
قاتل نظام القذافي لأجل الوحدة و اللحمة الوطنية و تابع قائلاً بأن الثورة قد خيطت
بالدم الذي من خلاله تماسك الليبيون و لن يتفرقوا.
وتشير التقرير الإدارية إلى
وجود خطط قديمة يسعى البعض إلى تنفيذها من خلال تقسيم ليبيا إلى خمسة أقاليم وهي
تشمل برقة وطرابلس ومصراته وجبل نفوسة وفزان.
و سيضم إقليم برقة المنطقة
الشرقية وجميع الحقول النفطية، في حين يغطي إقليم مصراتة محافظات سرت وبني وليد
وترهونة وزليتن والجفرة.
وكان رئيس المجلس الانتقالي
مصطفى عبد الجليل حذر من تقسيم البلاد على خلفية انحياز الثوار لمنطق القبيلة على
حساب منطق الدولة.
ورفع متظاهرون مؤيدون لهذا
الانفصال في نوفمبر الماضي شعارات الإقليم الذي يشغل الجزء الشرقي من ليبيا،
وأعلام الأقليات الأمازيغية والتبو، إلى جانب علم إقليم برقة الذي يعود إلى
خمسينيات القرن الماضي. وهتفوا بشعارات ضد مركزية العاصمة طرابلس، وقالوا إن
مطالبهم تجيء في إطار ممارسة حق التعبير بعد 42 عاما من تهميش المركز لهم.
الأمم المتحدة
وجرائم الحرب
في الشأن الليبي أيضا قال
تقرير صدر الجمعة عن الأمم المتحدة أن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي كان
يعتزم خوض معارك مع الثوار في الصحراء لكن بعد تعرض قافلته إلى قصف من حلف الناتو
تعرض للإصابة وتم تضييق الخناق عليه حتى أُلقى القبض عليه وقتل.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة
فإن نجله المعتصم ومساعدوه حاولوا إقناعه بمحاولة الفرار بينما كانوا يزحفون فوق
الرمال وسقطت أسلاك كهرباء من محول مدمر على رأسه وأصابته شظايا قنبلة اخطأت هدفها
بعد أن رماها واحد من رجاله.
وقال التقرير إن القذافي
الذي عزل مع عدد قليل من رجاله داخل منزل تحاصره قوات الثورة من كل جانب "قيل
انه كان يريد البقاء والقتال لكنه اقنع بالفرار."
وأصدر مسؤولون في مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة - الذي يعقد جلسة حاليا - التقرير المكون من 200 صفحة في
جنيف في نسخة غير منقحة لكن من المقرر مناقشة التقرير خلال الأسابيع الثلاثة
القادمة.
وتوصلت اللجنة التي رأسها
القاضي الكندي فيليب كيرش إلى أن طرفي الحرب التي دارت في أنحاء ليبيا عام 2011
ارتكبا جرائم حرب من بينها القتل والتعذيب.
وقالت اللجنة ان قوات
القذافي ارتكبت "جرائم دولية ضد الإنسانية ... في إطار هجوم واسع أو منهجي
على السكان المدنيين" لكن أعمال القتل والتعذيب والسلب ما زالت مستمرة في ظل
حكم السلطات الجديدة.
لكن اللجنة قالت إن
"الظروف الحالية" في ليبيا يجب فهمها في إطار خلفية "الضرر الذي أصاب
نسيج المجتمع نتيجة عقود من الفساد والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقمع
المستمر لأي معارضة."
وقال فريق التحقيق انه لم
يتمكن من الحصول على شهادة مباشرة عن كيفية مقتله. وقالت بعض الروايات إن القذافي
قتل برصاصة في الرأس أطلقها احد مقاتلي المعارضة عليه في سيارة اسعاف. وقال الفريق
انه لا يملك سوى "شهادات غير متسقة من مصادر ثانوية".