• - الموافق2024/11/29م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
المرأة المستعبدة

ما معنى أن تدخل المرأة المسلمة في سوق العمل وأن تندمج في اقتصاد السوق العالمي بمنظور الغرب وأدواته وأساليبه؟ دعونا نرى كيف تم السير بالمرأة في تلك المجتمعات وكيف يتم توجيهها لتصبح مجرد أمة في سوق العمل عند رب المال؟


من أهم أركان الفكر التغريبي للمرأة هي دمجها في سوق العمل وإخراجها من بيتها سواء شاءت ذلك رغبة منها أم كان ذلك رغمًا عنها، وتحويلها إلى أداة إنتاج يتلاعب بها من قبل أصحاب رؤوس الأموال وأرباب العمل، حيث جعلوا منها أحد الأدوات الأساسية للتنفيذ السياسات الاقتصادية النيوليبرالية الحديثة.

لكن ما معنى أن تدخل المرأة المسلمة في سوق العمل وأن تندمج في اقتصاد السوق العالمي بمنظور الغرب وأدواته وأساليبه؟

دعونا نرى كيف تم السير بالمرأة في تلك المجتمعات وكيف يتم توجيهها لتصبح مجرد أمة في سوق العمل عند رب المال؟

 

 نمط حياة الأفراد وتدفعهم إلى سوق العمل والريادة كبيادق على رقعة شطرنج.  ويغري بتصوير المواطنة الصالحة على أنها تلك التي تعمل وتكسب قوتها بيدها ولا تعتمد لا على الدولة ولا على رجل أيًا كان في تحقيق عيش كريم

في الغرب كانت شعارات النسوية الأولى تستقطب الجماهير وتحشد الجهود في وجه السلطة التي تجعل امتلاك رأس المال حكرًا على الرجل وتحرم المرأة منه، لكن الآن غدا تركيزها على دعوة المرأة للتصالح مع النظام الرأسمالي الذي لا يرى فيها وفي الرجل إلا جنودًا يوظفهم للإبقاء على الإنتاج والمزيد من البضائع بأقل تكلفة، مقدمًا لهما فتاتًا لا يكاد يكفيهما قوت يومهما.

وبناءً على اهتمام خطابات النسوية مؤخرًا بنجاح المرأة على الصعيد الاقتصادي، ظهر مفهوم جديد يعرف بـ"اقتصاديات النسوية".: حيث يرى هذا التيار أنّه على النساء دفع ثمن تمكينهنّ بتسليم زمام حياتهن لقوانين رأس المال الذي يحكم حياة الإنسان. يقول لجون أوكونور: "وهذا يعني مطالبة النساء بالخضوع لإملاءات السوق فيما يخص قرار الإنجاب بدلًا من دعوتهنّ لتحدي تلك القيود، حيث يدعين لثني أنفسهن إلى الأمام"  ويقصد بـ"ثني أنفسهن إلى الأمام" حث النساء على تحدّي أنفسهن ومواجهة الصعاب عن طريق المثابرة والكفاح الفردي، عوضًا عن الاتكال على التكافل الاجتماعي)"

 فالتماهي التام مع المنظومة الغربية عند عموم المجتمع، ولدى المرأة خصوصًا، يعني وضع الكسب المادي في قائمة أولوياتها، ليتراجع الإنجاب والاهتمام بالأسرة ويستقرا في ذيل الأولويات، بصفتهما عائقًا يمنعانها من التفرغ الكامل لسوق العمل. فالمفاهيم الجديدة للرأسمالية أو النيوليبرالية بحاجة ماسة إلى من يشغلون معاملها وإلى مستهلكين، كما ترغب في التخلص من تكاليف تربيتهم.

إن الاقتصاد الغربي الآن يقوم على منتج ثقافي يدير الدولة وحياة الفرد الخاصة لتشكل نمط حياة الأفراد وتدفعهم إلى سوق العمل والريادة كبيادق على رقعة شطرنج.  ويغري بتصوير المواطنة الصالحة على أنها تلك التي تعمل وتكسب قوتها بيدها ولا تعتمد لا على الدولة ولا على رجل أيًا كان في تحقيق عيش كريم.

وفي هذا من الضرر على مقومات المجتمع التي تقوم على فكرة الأسرة وتقاسم الأدوار بينها وما يحفظ تماسك المجتمع واستمراره.

 

 ألغت اقتصاديات النسوية السلطة الأبوية حسب زعمها، لتتجه نحو نظام آخر يتمثل في سلطة سوق العمل. فبدلا من أن تكون المرأة في كنف أب أو زوج يراعاها أصبحت أمة تحت سلطة رب المال.

وتأتي دعوات عمل المرأة من قبل جيل النسويات الجديد متجليةً عبر سياسات تأخير إنجاب النساء العاملات، وهو ما يتضح في قول دعاة النسوية "بضرورة تأجيل الحمل أطول فترة ممكنة وربما إلى الأبد للنجاح في مسيرتها المهنية. ولا تختلف مطالبة النساء بالانتظار لإنجاب أطفال إلى أن يصبح لديهن حياة مهنية ناجحة، وأن يدخرن ما يكفي من النقود، فهذه النظرة تدعو النساء إلى تحدي الطبيعة التي جبلن عليها، ومحاربة رغباتهن الفطرية في الأسرة والأولاد لتلبية رغبة السوق"[1]. تقول "سيمون دي بوفوار"، إحدى أبرز المؤسسات للنسوية: إن المرأة ستظل مستعبدة "حتى يتم القضاء على خرافة الأسرة وخرافة الأمومة.

لقد عانت العديد من الدول الويلات جراء تلك السياسات، فقد أصبح المجتمع الياباني على سبيل المثال يعاني من نقص شديد في المواليد نتيجة رغبة المرأة في العمل المتواصل، وفي الولايات المتحدة تجبر مئات الآلاف من النساء الأمريكيات اللواتي يخضعن لضغط الحاجة المالية على التضحية بدورهن كأمهات.

لقد ألغت اقتصاديات النسوية السلطة الأبوية حسب زعمها، لتتجه نحو نظام آخر يتمثل في سلطة سوق العمل. فبدلا من أن تكون المرأة في كنف أب أو زوج يراعاها أصبحت أمة تحت سلطة رب المال. بهذا تظهر النيوليبرالية وقد أخضعت النساء لسلطة جديدة كما ترى عدة أبحاث، فقد جرّها السوق لتعمل على تحجيم مطالبها.

والحقيقة أن سياسات الاقتصاد الغربي في نسخته "النيوليبرالية" نجح إلى حد كبير باختراق كافّة مجالات حياة الفرد حيث سيتعبد كل من يدخل في دائرته، ولعلّ معاناة النساء ستزداد مع مرور الزمن وسط جشع الرأسماليين ومالكي الشركات، وسوء معاملة المجتمع الذي لا يرحم رجلًا أو امرأة.

فالنيوليبرالية تقوم بشكل مباشر على تعظيم أهمية المادة بدلاً من العقل أو الروح، فلا يهم ذكاؤك وعلمك، أو تدينك وأخلاقك، قيمتك تتحدد في الماديات التي تتملكها: منزلك، سيارتك، أثاث بيتك، نوعية ملابسك، تتبين لك مظاهر الفلسفة المادية عندما تتابع مشاهير انستغرام وسناب شات مثلا، فقد بنوا شهرتهم على ما يمتلكونه من ماديات: سفر، مطاعم، مجوهرات، قصور، ماركات عالمية، وكل مظاهر الحياة المترفة، عندما يتعرض عامة الناس ليوميات هؤلاء، فإنهم يتأثرون تدريجيًا، ويزهدون في معيشتهم، إنها منظومة خادعة يجري دمجها بقوة في المجتمع الآن تحت مظلة التحديث والتطوير الاقتصادي، لكنها توظف بشكل مبالغ فيها في دعم عملية تغريب المجتمع وإخراج المرأة من بيتها جبرًا.

أعلى