• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مِنْ وحْيِ الهِجْرة

مِنْ وحْيِ الهِجْرة









ها قد أهـلّ على الوجودِ (مُحَرّمُ)

فالكونُ يزهو والحياةُ تَبسّمُ

ترنو إلى ركبِ النبي وقد مضى

تَبْكيه مكةُ والمَقَامُ وزمزمُ

عوّدتُ نفسي الاحتفالَ بهجرةِ الْـ

هادي الْبشيرِ ، وعطرَها أتنسّمُ

لكنْ على الوجهِ الذي أبصرتُهُ     

عن حبِ خير المرسلين يُترجِمُ

فاخترتُ من شعرِ المديحِ قصيدةً     

أنشدتُها ووجدتُني أترنّمُ

وحَسِبتُ أني قد بلغْتُ ذرا التقى     

بل ليس مثلي في المحبة مسلمُ ! !

وإذا بأعماقي دويّ صارخٌ     

يا غافلاً حتّى متى تتَوهّمُ ! !

حتى متى والقولُ قد زخرفْتَهُ      

والفعلُ يفضحُ ما تقولُ وتزعُمُ

لمّا عَجزْتَ عن اتباعِ (محمدٍ)     

أَقنعْتَ نفسَكَ بالكلامِ ، ودُمْتمو !

ماذا اقترفتُ لكي تراني واهماً     

أَلأَنّنِي بهوى النّبيِ مُتيّمُ ؟ !

إني أرى حبّ النبي عبادةً     

ينجو بها يومَ الحسابِ المسلمُ

فأجابني : حبّ النبِي عبادةٌ     

فرضٌ على كل العبادِ محتّمُ

لكنْ إذا سَلَكَ المحبّ سبيلَهُ     

متأسّياً وَلِهدْيِهِ يَتَرَسّمُ

هل ضيّعَ الإسلامَ إلا قائلٌ     

أفعالُهُ تنفي المقالَ ، وَتْهدِمُ ؟

فالقدسُ ضاعت من كلامٍ دونما     

فعلٍ يؤيد قولَهم ، ويُتَرْجِمُ

والطفلُ ملّ من الكلامِ ؛ وليتهم     

يَدَعُونه يرمي اليهودَ ، ويَرْجُمُ

والعدلُ ملّ من الكلامِ ؛ وقد رأى    

 مَنْ يَدّعي عدلاً يجورُ ، ويَظْلِمُ

والطهرُ ملّ من الكلامِ ؛ وطالما    

 زعمَ الطهارةَ داعرٌ لا يَرحمُ

حتى البطولةُ أَعْلنتْ إضرابَها   

  لما ادّعاها من يَخافُ ، ويُحْجمُ

فَصَرخْتُ : كُفّ القولَ ؛ قد أَخْجَلْتَنِي  

  وكلامُك الحقّ الذي لا يُكْتَمُ

تعني بهذا أن يجيء (محرمٌ)  

   ويروحَ عنّا دونما يُستَلْهَمُ ؟

فأجابني : كلاّ فهجرةُ (أحمدٍ)  

   فيها الدروسُ لمن يُفيد ، ويَفْهمُ

درسُ التوكلِ خالدٌ عنوانُهُ     

(الله ربي) يستجيبُ ، ويعصِمُ

والأخذ بالأسبابِ درس مشرقٌ  

   والعبقريّة باسم ربك ترسُمُ

فَهُنَا (عليّ) في الفراشِ مُدثرٌ   

  يُلْهي عيونَ المشركين ، ويوهِمُ

وهناك (أسماءُ) الأريبةُ أصْبَحَتْ    

 مَثَلاً لكُلّ المسلماتِ يُقَدّمُ

وشقيقُها الشّهمُ الأبيّ ، ودورُهُ :

     يأتي النبيّ بما يُحَاك ويُبْرَمُ

ويجيءُ (عامرُ) بالشياهِ يسوقُها  

   نشوانةً ، تمحو الخطا ، وتُعتّمُ

حتى الدليلُ[1] على الطريق أتى بهِ 

    ما قال أمشي ، ثم ربي يُلْهمُ

تَمْتمتُ : قد تعِبَ الرسولُ مهاجراً   

  بأبي وأمي كم له أتألُم !

فأجابني : قد كان ربّكَ قادراً :   

  أن يستجيبَ المشركون ، ويُسْلموا !

ما كان يُعْجِزُهُ انتقالُ رسولِهِ    

 فوق الْبُراقِ ؛ وأهلُ مكةَ نُوّمُ ! !

لكنهُ الإسلامُ ليسَ بنزهةٍ   

  دربٌ يُراقُ على جوانبهِ الدّمُ

ردّدتُ وَا أسفى على عمْرٍ مضى      في غفْلةٍ ؛ والآن كم أتندّمُ !

يا مسلمون : لهجرةِ الهادي ارجعوا 

    واستوعبوا لدروسِها ، وتعلّموا

 



(1) الدليل : المقصود به عبد الله بن أريقط .

((مجلة البيان ـ العدد [137] صــ 78 المحرم 1420 - يونيو 1999 ))

 

 

أعلى