• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
التغريب بالتعليم  الجامعة الأمريكية نموذجًا

التعليم الغربي لماذا انتشر بين بلداننا؟ وما أهداف انتشار هذا النوع من التعليم؟ كيف يتم التلاعب بعقول الطلاب؟


إن التعليم هو (الحامض) الذي يذيب شخصية الكائن الحي، ثم يكوّنها كما يشاء، إن هذا (الحامض) هو أشد قوة وتأثيرًا من أي مادة كيمائية، هو الذي يستطيع أن يحول جبلاً شامخًا إلى كومة تراب).

بهذه الكلمات لخص الشاعر محمد إقبال تجربة التعليم الغربي في بلاد المسلمين.

فمنذ بزوغ شمس هذا الدين على الدنيا وما فتئ أعداؤه يحاولون إطفاء هذا النور ومحاربة أهله، ولقد كانت محاولتهم  القديمة تتلخص في المقارعات العسكرية واحتلال الأرض وقتل الرجال وأخذ الخيرات، ثم  انتقل مفكرو الغرب من طريقتهم الممقوتة القديمة التي كانوا يؤثرونها في إبادة الأجيال، إلى طريقة جديدة تبدلت فيها الوسائل والأساليب فأصبحت الجامعات والمدارس الأجنبية بمثابة قاعدة الاحتلال الجديدة ومنطلق جيوشهم، وأصبحت المناهج التعليمية والتربوية هي أهم أسلحته في الاستيلاء على قلوب وعقول أبنائنا وبناتنا والفتك بها.

يعترف مؤلف كتاب (الإسلام في التاريخ الحديث) (W:C: Smlth) بالتأثير العقلي العميق الذي يتركه التعليم الغربي الحديث ومراكزه في العالم الإسلامي يقول: (لقد جرف تيار نظام التعليم الغربي الشباب الإسلامي في البلاد العربية والعجمية - الذين كانوا زبدة أمتهم وزهرة بلادهم - وغيّر عقليتهم إلى حدّ أن عقولهم أصبحت لا تستطيع أن تسيغ الإسلام الصحيح، وأصبحوا لا يندمجون في المجتمع الإسلامي أيضًا ويصبحون جزءًا منه).

لقد فطن الغرب أن التعليم هو أداة جبارة في التغيير، وهو إن كان بالنسبة للغرب هو سر نهضتها إلا أنه في كثير من الأحيان يعد عندنا هو العامل الأساس وراء كثير من مشكلاتنا، فقد استغله الغرب ليكون أداة تغيير نحو الأسوأ في مجتمعاتنا.

ولقد استخدم الغرب لينال بغيته في تغريب التعليم عددًا من الوسائل والأساليب كان من أولها: إنشاء المدارس الأجنبية في بلاد المسلمين:

كان من أولى أدوات الاستعمار في سعيه لتدمير عقول أبنائنا، هو زرع المؤسسات المسماة بالتعليمية على مستويات مختلفة تبدأ بتعليم الأطفال حتى التعليم الجامعي وما بعده من الدراسات، وكان الهدف الأكبر من زرع تلك المؤسسات في إحداث عملية تغريب وعلمنة وتنصير لعقول النشء المسلم وبالذات لعقول ونفوس أبناء النخب الحاكمة في البلدان الإسلامية والذين كانوا يعدون بتولي مسئولية حكم تلك البلاد بالتنسيق مع الاستعمار الغربي.

فهذا المنصر هاملين يقترح على صديقه اليهودي روتشيلد افتتاح مدرسة ثانوية في تركيا عام 1863م. قائلاً: «لقد أنشأ الأتراك حصنًا لفتح إسطنبول، وأنا سأنشئ هنا مدرسة لهدمهم».

هذه العبارة على وجازتها تلخص لنا الدور الخطير الذي لعبته المدرسة الأجنبية في تفكيك العالم الإسلامي وتفتيت ريحه؛ ويقول منصر آخر "جب" عن مدرسة أجنبية أخرى في لبنان: (إن مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني!!).

 

 لقد جرف تيار نظام التعليم الغربي الشباب الإسلامي في البلاد العربية والعجمية - الذين كانوا زبدة أمتهم وزهرة بلادهم - وغيّر عقليتهم إلى حدّ أن عقولهم أصبحت لا تستطيع أن تسيغ الإسلام الصحيح

وتتلخص أهداف تلك المدارس الأجنبية في:

الهدف الأول: تشكيك أبناء المسلمين في دينهم، من خلال إدخال الشبه عليهم، وزرع بذور الزيغ والإلحاد بينهم. وكذا نشر الانحراف الخلقي من باب أولى.

الهدف الثاني: تكوين طليعة أو نخبة من أبناء المسلمين في كل بلد تدخله هذه الجامعة ليكونوا قادة المستقبل وأصحاب القرار فيه فيما بعد، والتمكين لهم من ذلك بعد حقنهم بالفكر العلماني وقطع صلتهم بدينهم.

الهدف الثالث: خلق التبعية وفرض الهيمنة المعنوية والحضارية على المجتمع المسلم، وهذا الهدف هو أهم تلك الأهداف.

المدارس الأجنبية ومدى انتشارها في العالم الإسلامي:

قدحت الشرارة الأولى لتلك المدارس في بيروت بإنشاء مدرسة للبنات في الإمبراطورية العثمانية سنة 1830م؛ لأن البنات سيكُنَّ أمهات؛ فإذا تربَّيْن في هذه المدارس النصرانية أثّرن على أولادهن!! وكانت تعنى ببنات الأسر والبيوت الكبيرة اللاتي سيكون لهن السيطرة على الجيل المقبل.

وقد تركزت في لبنان جهود الأمريكيين والفرنسيين، وقد كان للجامعة اليسوعية (الأمريكية فيما بعد) وجامعة القديس يوسف دور خطير في لبنان بالتقاط النابهين من نصارى الشام وبنائهم نماذج متغربة تعمل لحساب المشروع الغربي؛ حيث ارتبط كثير منهم بالمخطط الماسوني الهادف لإسقاط الدولة العثمانية وتفتيت العالم الإسلامي وغرس الدولة اليهودية في المنطقة.

وفي مصر عام 1840م من خلال البعثات التنصيرية تأسست الكلية الفرنسية بالإسكندرية والجمعية الإنجيلية البروتستانتية، وجمعية راهبات القلب المقدس عام 1845م، ثم تلتها الإخوة المسيحيون والفرير عام 1847م، ثم الآباء اليسوعيون والجزويت، ثم الفرنسيسكان 1859م والمير دي ديو (وتعني أم الله! تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا) 1877م. ثم تبعتها مدارس الآباء اليسوعيين عام 1880م كمقدمة لاحتلال مصر في عام 1882م، وقد بلغ عدد مجموع الطلاب من المسلمين 7117 طالباً مسلماً حتى عام 1891م، وهو رقم مذهل بمقاييس تلك الأيام وظروفها.

كان انتشار المدارس الأجنبية في مصر مكثفاً ومقصودًا حتى إنها الآن تبلغ عشرات الآلاف من المدارس، وتبلغ نسبة الطلاب الذي يتعلمون بها حوالي 25 في المائة، ويشير مؤرخو المدارس الأجنبية أن الجالية اليونانية كانوا كلما حلوا في بلد أنشؤوا فيه كنيسة ومدرسة كما فعلوا في الإسكندرية عام 1843م ثم في المنصورة، وطنطا، وبور سعيد، والسويس، والقاهرة وغيرها، وهكذا الجالية الإيطالية منذ عام 1862م، والجالية الألمانية عام 1866م، واليهود منذ عام 1872م، والمارونيون السوريون، وكانت أولى الجاليات الجالية الأرمنية عام 1828م في بولاق.

أما عن تعليم البنات فقد كان هناك مدرستان في أواخر العقد السادس من القرن الماضي للتعليم العام بحي الأزبكية: واحدة تابعة للكنيسة الأرثوذكسية، والأخرى تابعة لكنيسة الأقباط الإنجيليين. وفي عام 1904م أنشأت الكنيسة القبطية أول مدرسة صناعية ببولاق.

 

يقول ليفونيان :  "خابت دول أوروبا في الحروب الصليبية الأولى من طريق السيف فأرادت أن تثير على المسلمين حربًا صليبية جديدة من طريق التبشير، فاستخدمت لذلك الكنائس والمدارس والمستشفيات، وفرقت المبشرين في العالم

وقد عملت كثير من هذه المدارس بمبدأ المواءمة واستغلال الفرص المتاحة؛ بحيث تظهر ما جاءت من أجله كلما سنحت الفرصة، وتتستر حين تضيق عليها الأمور.

كما شهدت سوريا بالتزامن مع حالة لبنان ومصر جهودًا موسعة لفتح المدارس الإرسالية حتى كان نصيب سوريا وحدها مــن المدارس الأمريكية عــام 1909م: (174) مدرســــة فـي المـدن والقــرى.

وفي السودان من أنواع المدارس والبعثات التنصيرية الشيء الكثير، بل إن عدد الكنائس في الخرطوم يفوق عدد المساجد!!

وأما في جبال النوبة فقد استولت الإرساليات البريطانية على التعليم فيها منذ عام 1919م وحاصرت توسع الإسلام واللغة العربيــة، وأقفلت ما يفتح مــن المدارس الإســلامية عــام 1931م.

وفي العراق: في أوائل القرن العشرين الميلادي كانت أول مدرسة تبشيرية في البصرة مدرسة للبنات، ثم انتشرت مدارسهم في أنحاء العراق.

وهذا ما جرى عليه الحال في سائر بلاد الإسلام خاصة البلاد التي دخلها الاستعمار.

يقول ليفونيان :  "خابت دول أوروبا في الحروب الصليبية الأولى من طريق السيف فأرادت أن تثير على المسلمين حربًا صليبية جديدة من طريق التبشير، فاستخدمت لذلك الكنائس والمدارس والمستشفيات، وفرقت المبشرين في العالم. وهكذا تبنت الدول حركة التبشير لمآربها السياسية ومطامعها الاقتصادية".

وهكذا: فالجامعة الأمريكية استعمارية في نشأتها، تبشيرية في أهدافها، والاستعمار والتبشير صنوان لا ينفصل أحدهما عن الآخر. وهي بعد ذلك عدوة لآمال العرب والمسلمين، تآمرت علينا في كل قضايانا ابتداء بهدم الخلافة الإسلامية وانتهاء بقضية فلسطين.

الجامعة الأمريكية في مصر (نموذجًا).

لعلنا لن نتحدث طويلاً عن نشأة الجامعة في مصر وأهدافها فهي نفس الأهداف التي جعلها تمد جذورها في لبنان وغيرها من الدولة العربية والإسلامية، لكننا سنلقي الضوء على مساحات صغيرة جدًا في ممارسات تلك الجامعة في مصر ومناهجها والعينة بينة كما يقولون.

كيف يتم تدريس التاريخ الإسلامي في الجامعة:

معظم القائمين على تدريس التاريخ الإسلامي هم أساتذة مسيحيين أجانب ويقومون أيضًا بتدريس تاريخ الشرق الأوسط والحركات الإسلامية المعاصرة.

تقوم الجامعة الأمريكية بتدريس التاريخ الإسلامي من منظورها المعادي للإسلام فعناوين محاضراتها:

- مناقشة ما إذا كان القرآن الكريم موضوعي أم لا! ومن خلال ذلك تشكك في القرآن الكريم وإمكانية استخدامه كمرجع تاريخي كما أنها لا تعترف بالأحاديث النبوية في دلائلها على المغزى التاريخي والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي يعرض برؤية استشراقية خالصة بأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما هو إلا مجدد ومصلح اجتماعي له فكر خاص وحد العرب وأحدث تحولاً اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا في حياة البدو وفي منطقة صحراوية كالجزيرة العربية وكان شعار الإسلام هو الحرب، وبذلك انتشر عن طريق الحرب وقطع الطرق وحرب العصابات واستمالة الشخصيات لتدخل في الإسلام عن طريق إمدادها بالمال.. وأن أسباب هجرة الرسول من مكة إلى المدينة سببه ليس عقائديًا وإنما له أسباب وأبعاد دنيوية توسعية تخفى عن السطحيين.. وأن العصر الذهبي للتاريخ الإسلامي حدثت خلاله فتن كبرى وصراعات بين الصحابة على تولى السلطة وأن عليًا لم يبايع أبا بكر الصديق لأنه لم يوافق على ميراث فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام وزوجة علي بن أبي طالب وأن أسباب تخلفنا وتواجدنا في ركب العالم الثالث يرجع أساسًا إلى التوكل وهذا من الدين.

وفي قسم تطور البشرية يتم تدريس الفتوحات الإسلامية على أنها هجمات تتارية ويقارن بينها وبين المغول والتتار والفرس والروم ويقود ذلك الأمريكي نيكولاس هوبكنـز أستاذ تطور البشرية ورئيس هيئة التحرير بالجامعة الأمريكية، وأثناء أي نقاش يطرح حول الإسلام يستنكر فيه الحجاب والطلاق وتعدد الزوجات وتطرح أسئلة فجائية على بعض الطلبة والطالبات حول أسباب تعدد الزوجات وسبب كثرة زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام، كما تثار الخلافات المذهبية، أما أسئلة الامتحانات التي تتعلق بالتاريخ الإسلامي فمعظمها تكون مثلاً على النحو التالي:

-       انقد النظرة السنية لتاريخ الصحابة .

-       أسباب حدوث الفتنة الكبرى وصراعات المسلمين .

-       عدد الخلافات المذهبية في الإسلام .

-       الأسباب الاقتصادية لتفشي ظاهرة الحجاب .

والإجابة الصحيحة على هذه الأسئلة يجب طبعاً أن تتسم بموضوعيتهم المزعومة !

والندوات التثقيفية التي تديرها الجامعة لكبار العلمانيين في مصر تدور مثلاً حول تفشي ظاهرة الحجاب كأنه مرض سببه الفقر، وغيرة الرجل الشرقي، ومناقشة ظاهرة الأمية وتلوث البيئة في مصر، أما المتحدثات عن حقوق المرأة فهن أمينة السعيد أو نوال السعداوي وما شابه ذلك من شخصيات.. من المثقفين اليساريين، إلى جانب سلسلة الندوات التي كانت عن الصراع العربي الإسرائيلي حيث قام رئيس الجامعة باستدعاء سامي زبيدة اليهودي المتعصب لإلقاء عدة ندوات ومحاضرات في الجامعة الأمريكية حول الصراع العربي الصهيوني.

هذا نموذج واحد يشير إلى ما تقوم به مؤسسة تعليمية غربية من عبث بعقول ونفوس شبابنا، المثير في هذا أن خريجي الجامعة الأمريكية في مصر هم النخبة التي تفتح أمامها كافة الأبواب للحصول على وظائف مرموقة في الإعلام والثقافة والتربية وغيرها من المجالات. وغالب النخب السياسية والإعلامية والثقافية في معظم بلادنا العربية من خريجي هذا النوع من التعليم.

 

 

أعلى