تكررت في السنوات القليلة الماضية عمليات اقتحام قواعد ومواقع عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، والاستيلاء على كميات كبيرة من السلاح والذخائر، فمن يقف وراء هذه العمليات، والأطراف المستفيدة، ومنها قوى المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة
قبل بضعة أيام اقتحمت من وصفتها تحقيقات دولة الكيان الصهيوني بالعصابة، "قاعدة
الصنوبر" العسكرية في هضبة الجولان السورية المحتلة، وسرقت كميات كبيرة من الأسلحة
والذخائر، لتشكل هذه العملية حلقة في سلسلة من عمليات اقحام القواعد العسكرية
التابعة لجيش الاحتلال في منطقتي النقب والجليل الأعلى في فلسطين المحتلة عام 1948.
وطالما أن عملية اقتحام هذه القاعدة العسكرية المحصنة ليست حالة استثنائية، وإنما
امتداداً لعمليات مشابهة وقعت خلال السنوات الماضية، فإنها تطرح أسئلة تتعلق بكيفية
الاقتحام لمثل هذه القواعد التي تتمتع بدرجة عالية من الأمن، ومن هي الأطراف
المستفيدة، وآليات الاقتحام والاختراق؟.
ومن التحقيقات الأولية التي أجرتها الشرطة العسكرية في دولة الكيان والمكلفة
بالتحقيق في عملية اقتحام وسرقة السلاح والذخائر من قاعدة الصنوبر، يتضح أن فساداً
ينخر في جسد المؤسسة العسكرية، بتوجيهها الاتهام لعدد من جنود القاعدة
بالتورط
بتقديم المساعدة والمعلومات الاستخبارية للعصابة، التي نجحت في اقتحام القاعدة
وسرقة كميات كبيرة من الذخيرة، تقدر بحسب المعلومات الرسمية بنحو 70 ألف رصاصة
بندقية من طراز (M16)،
و70 قنبلة يدوية شديدة الانفجار.
وأثبتت هذه التحقيقات التي أمر بها ما يسمى بقائد المنطقة الشمالية في جيش دولة
الكيان أوري غوردين، ونشرت أجزاء منها صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصادرة باللغة
العبرية، وجود ما وصفتها بثغرات في البنية التحتية الأمنية للقاعدة العسكرية،
والعديد من الإنذارات الكاذبة، وقلة الآليات الأمنية المحيطة بتخزين الذخيرة.
واستناداً لهذه المعطيات يحقق جيش الاحتلال
في العوامل والأسباب التي سهلت من عملية اختراق القاعدة العسكرية، ونجاح العصابة في
سرقة الذخائر، ومن المفترض أن تنتهي الشرطة العسكرية في دولة الكيان من تحقيقها
وعرض النتائج على القيادة العسكرية في غضون شهر.
|
من التحقيقات الأولية التي أجرتها الشرطة العسكرية في دولة الكيان والمكلفة
بالتحقيق في عملية اقتحام وسرقة السلاح والذخائر من قاعدة الصنوبر، يتضح أن
فساداً ينخر في جسد المؤسسة العسكرية، بتوجيهها الاتهام لعدد من جنود
القاعدة |
وكما ذكرنا سالفاً، فإن هذه ليست عملية الاقتحام الأولى لقواعد عسكرية شديدة
التحصين والتأمين، ومنذ العام 2013 تكررت عمليات اقتحام قواعد عسكرية تابعة لجيش
الاحتلال، وسرقة كميات مهولة من السلاح والذخائر، وبحسب ما كشفت عنه صحيفة "هآرتس"
الصادرة باللغة العبرية، فإنه بين عامي 2013 إلى 2020، استولت عصابات على مئات
البنادق بأنواع مختلفة، وقنابل يدوية، و47 صاروخاً من طراز "لاو"، و386 عبوة ناسفة
شديدة الانفجار، وحوالي 300 ألف رصاصة.
وخلال العامين الماضيين وقعت عمليات اقتحام لقواعد عسكرية أيضاً، بالتزامن مع تنامي
العمليات الفدائية في مدن الضفة الغربية، ووثقت المؤسسة الأمنية والعسكرية في دولة
الكيان أكبر عملية سرقة من مستودعات جيش الاحتلال في شهر يناير من العام 2021، بعد
ثبوت فقدان 93 ألف رصاصة من المخزن الرئيسي في "مركز التدريبات القومي" لسلاح
البرية التابع لجيش الاحتلال في قاعدة عسكرية شديدة التحصين والحماية في منطقة
النقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948، وأشير في حينه إلى أن المنفذين استغلوا ثغرة
أمنية، وكانت لديهم معلومات حول إجراءات الحراسة، واستعانوا بجنود داخل القاعدة
لتسهيل عملية الاقتحام والاستيلاء على الذخيرة.
|
هذه العمليات التي تشير الأرقام إلى تصاعدها، يستخدم الفلسطينيون في
تنفيذها أسلحة مصدرها -غالباً- دولة الكيان، وتشتريها قوى المقاومة من
عصابات إسرائيلية. |
وفي العام نفسه أيضاً، وقعت ثمان عمليات اقتحام لقواعد عسكرية في مناطق مختلفة
وسرقة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، وبحسب ترجيحات المؤسسة العسكرية والأمنية
في دولة الكيان فإن هذه العمليات تتم بالتعاون والتنسيق بين بعض الجنود والعصابات،
بتقديم التسهيلات والمعلومات في مقابل الحصول على المال.
ليس لهذه العصابات دين أو مبدأ سوى البحث عن المال، فهي تنفذ عملياتها بهدف التجارة
وتحقيق الأرباح المالية، ولذلك فإنها تبيع ما تسرق من أسلحة وذخائر لمن يدفع أكثر،
ووفقاً لتأكيدات الأجهزة الأمنية المختصة في دولة الكيان فإن هذه المسروقات تشكل
مصدراً لتسليح قوى المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، خاصة في مدينتي نابلس
وجنين، اللتين تشهدان تنامياً ملحوظاً في الهجمات التي تستهدف قوات جيش الاحتلال
وقطعان المستوطنين على الطرقات المؤدية للمستوطنات المنتشرة في أنحاء الضفة.
وبحسب معطيات رسمية لدولة الكيان، وقعت منذ مطلع العام الجاري وحتى منتصف هذا الشهر
(نوفمبر) مئات العمليات المسلحة نفذها مقاومون فلسطينيون في مناطق مختلفة من الضفة
الغربية، قتل فيها 29 إسرائيلياً، في حين قتل في العام
الماضي 20 إسرائيلياً، وهذه العمليات التي تشير الأرقام إلى تصاعدها، يستخدم
الفلسطينيون في تنفيذها أسلحة مصدرها -غالباً- دولة الكيان، وتشتريها قوى المقاومة
من عصابات إسرائيلية.
كما أن كميات من هذه الأسلحة والذخائر وصلت إلى عصابات الجريمة المنظمة المنتشرة
داخل الوسط الفلسطيني في دولة الكيان، حيث تشهد المدن والبلدات ذات الأغلبية
العربية تنامياً في معدلات الجريمة، باستخدام أسلحة نارية، وسط اتهامات للمؤسسة
الرسمية الإسرائيلية بالتقاعس، وربما بغض النظر عن هذه الجريمة والسماح بانتشارها
بين الشباب الفلسطيني، وإشغالهم بأنفسهم وهمومهم، طالما بقيت بعيدة عن استهداف
الإسرائيليين اليهود.
ورصدت إحصاءات رسمية صادرة عن مؤسسات إعلامية فلسطينية في الداخل الفلسطيني المحتل،
حول معدلات الجريمة في المجتمع الفلسطيني، أن جرائم القتل المنظم أدت إلى مقتل 93
فلسطينياً من بينهم 11 امرأة، منذ مطلع العام الجاري، ودوماً سلاح الجريمة مصدره
دولة الكيان ومخازن جيش الاحتلال.