تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال التحالف مع اليابان إلى توجيه رسالة مزدوجة بشأن موازين القوى في آسيا، مفادها أن الدبلوماسية تسير جنبا إلى جنب مع قوة الردع العسكرية
في السادس عشر
من نيسان / ابريل عُقد مؤتمر صحفي بين الرئيس
الأمريكي، جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوغا تناولا فيه قضايا تشمل
مضيق تايوان، وإقليم شينجيانغ، وبحر الصين، و تأثير الصين على المنطقة والعالم،
وأصدرا فيه بيانًا مشتركًا حول القيم المشتركة في الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأبدى
البيان مخاوفه بشأن أنشطة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي، معتبرا أنه جاوز
بكثير نطاق التنمية الطبيعية للعلاقات الثنائية، وأكد الطرفان التزامهما بالعمل معا
بشأن القضايا التي تخص الصين وجنوب بحر الصين وبحر الصين الشرقي.
الولايات المتحدة واليابان تواجهان تحدياً مشتركاً نتيجة لنهوض الصين اقتصاديا
وعسكريا، و تشتركان في مصلحة قوية تتمثل في ضمان عدم تحول النهضة التي تشهدها الصين
إلى تهديد لهما، وتأتي هذه التحركات الأمريكية والتحالفات إبان التخوف الأمريكي من
صعود الصين التي تحتل المركز الثالث عالميا ونموها عسكريا واقتصاديا مما يعرض
هيمنتها العالمية للخطر لذلك فهي تسعى لمزاحمة الصين التي تحتل مكانة رائدة في
العالم واستهدافها من خلال إبرام صفقات مع جيرانها بهدف إرهابها لذلك سعت الولايات
المتحدة الأمريكية إلى إقامة تحالف مع اليابان ودعمها رغم محدودية قدراتها العسكرية
من اجل تقييد روسيا أولا في المنطقة والحد من هيمنة الصين في منطقة شرق أسيا
وسياساتها تجاه تايوان ومحاولاتها تغيير الوضع الراهن في بحري جنوب وشرق الصين.
قبل شهر وتحديدا في السادس عشر من آذار / مارس أعلن وزير الخارجية الياباني
توشيميتسو موتيجي اتفاقه مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن على معارضة محاولة الصين
تغيير الوضع الراهن في بحري جنوب وشرق الصين، وأكدا على أن ممارسات الصين في بحر
جنوب الصين وإزاء تايوان، تخالف القوانين الدولية.
تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال التحالف مع اليابان إلى توجيه رسالة
مزدوجة بشأن موازين القوى في آسيا، مفادها أن الدبلوماسية تسير جنبا إلى جنب مع قوة
الردع العسكرية، في مواجهة الصين وتحرص في نفس الوقت على عدم الإضرار بالعلاقات
الاقتصادية معها كونها شريك ضروري وحيوي في القضايا الاقتصادية والدفاعية على المدى
البعيد.
الصين من جهتها اعتبرت أن مثل هذه التحالفات التي توضع تحت شعار الحرية والانفتاح
مثيرة للسخرية وأكدت على لسان المتحدث باسم الخارجية الصينية جاو لي جيان على أن
التعاون بين الولايات المتحدة واليابان يجب أن يؤدي إلى تعزيز التضامن بين دول
المنطقة، وكذلك السلام والاستقرار في آسيا والمحيط الهادي وألا يستهدف مصالح أطراف
ثالثة أو يضر بها، وأعربت عن قلقها البالغ لليابان والولايات المتحدة إزاء
تحركاتهما السلبية، ما يؤكد تواطؤهما ضدها وحذّرت بأنه يتعين عليهما تفادي الخطوات
التي من شأنها التدخل في شؤونها الداخلية وتقويض مصالحها والامتناع عن تشكيل جبهة
تستهدفها وتستهدف مصالحها. واعتبرت أنها لا تشكل أي ضغوط عسكرية على جيرانها، وخاصة
تايوان وأن تحركاتها العسكرية في المنطقة وخاصة تحليق سلاح الطيران الحربي يهدف
لتأمين حدودها خاصة في بحر الصين الجنوبي، الذي تعتبره ملكا خاصا لها ولديها حقوق
تاريخية لها مستثنية بذلك أحقية جيرانها وخاصة تايوان وفيتنام والفلبين وماليزيا
وبروناي من أي حقوق ملكية لهم فيه ضاربة بعرض الحائط أي قرار يمكنهم من الاستفادة
من بحر الصين والذي يكفله قانون البحار.
وفي ردها على التحالف الأمريكي الياباني أقرت الصين قانون يجيز لحرس السواحل الصيني
إطلاق النار على السفن الأجنبية، عند الضرورة، ويخول القوات البحرية اتخاذ جميع
التدابير اللازمة بما فيها استخدام السلاح، في حال انتهاك السيادة الوطنية لها في
البحر.
ويعكس قرار بايدن دعوة رئيس وزراء اليابان سوغا ليكون ضيفه الأول، تجديد أولويته
بشأن التحالفات الأميركية فيما يركز على الصين باعتبارها التحدي الأكثر إلحاحا
للولايات المتحدة. لكن من المتوقع أن يرفض سوغا، أن يصبح مشجعا متحمسا للسياسة
الأميركية إزاء الصين التي لا تزال الشريك التجاري الرئيسي لليابان التي تعاني من
ندرة الموارد. وفي نفس الوقت سيرحب بالإعلان الأمريكي المتوقع بأن جزر سينكاكو
التي تديرها اليابان والتي تسميها بكين دياويو، ستندرج تحت المعاهدة الأمنية
الأميركية اليابانية التي تتطلب دفاعا مشتركا.
تسعى إدارة بايدن من خلال هذا التحرّك إلى تكرار سياسة الحرب الباردة ضد الصين
والتي استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ضدّ الاتحاد السوفيتي سابقا، والتي
نجحت في تفكيكه، ولكنها قد تفشل مع الصين التي حققت قفزات كبيرة في المجال
التكنولوجي والعسكري.
كما لا يسعى بايدن إلي مواجهة عسكرية مع الصين بقدر ما يسعى إلى استخدام
استيراتيجية جديدة تجاهها، هدفها الحد من قدراتها الخارقة في المجال التكنولوجي
والعسكري، وتقويضها، من خلال إنشاء تحالفات في المنطقة كما يفعل مع اليابان، وترسيخ
قانون المُنافسة الإستراتيجية الذي يهدف للسماح لبلاده مُواجهة التحدّيات التي
تُشكّلها الصين، وتعزيز العُلاقات مع تايوان ودعم قدراتها الحربية والعسكرية
لمواجهة الصين، وتأليب الدول الأوروبية والعربية ضدها من خلال كشف النّقاب عن
انتِهاكات حُقوق الإنسان، في العُمق الصيني، وهونغ كونغ، ومناطق التركمان، الإيغور
الإسلاميّة في غرب الصين، وتسليط الضوء على الاعتِقالات الجماعيّة والاغتِصاب
الجنسي، مما يفتح المجال للتدخل في شئونها الخاصة وفرض عقوبات عليها لتحجيمها والحد
من تطورها وتقدمها.