• - الموافق2024/11/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل تملك الجنائية الدولية قرار محاكمة دولة الكيان؟

دولة الكيان الصهيوني رفضت التحقيق ووصفته بأنه معاداة السامية وذروة النفاق، وأنه ليس لدى المحكمة صلاحيات للشروع في تحقيق ضدها


في مطلع الشهر الماضي آذار / مارس أعلنت رئيسة الادعاء العام بالمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة فتح تحقيق رسمي في جرائم حرب صهيونية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية الخاضعتين للاحتلال الصهيوني، وكذلك قطاع غزة، منذ 13 حزيران / يونيو عام 2014، حيث خلصت المحكمة في لاهاي، إلى ضرورة التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها دولة الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، وذلك ضمن اختصاصها الجنائي الذي يشمل الأراضي الفلسطينية.

التحقيق الرسمي في جرائم الحرب الصهيونية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وقطاع غزة بدأ فعليا الشهر الماضي ومن المتوقع أن يشمل حرب غزة 2014 والاشتباكات الحدودية مع غزة 2018 وبناء المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية، ومن المتوقع أن يعرض مئات الصهاينة بمن فيهم جنود وشخصيات سياسية بارزة لخطر المحاكمة.

السلطة الوطنية الفلسطينية اعتبرت القرار بأنه تاريخي وانتصار دبلوماسي، ولو بطريقة غير مباشرة، لأنه يمهد لفتح تحقيقات بشأن ارتكاب دولة الكيان لجرائم حرب محتملة ، خصوصا من خلال تسمية المناطق التي احتلتها دولة الكيان في العام 1967 وهي غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية. وبأنه يمثل انتصارا واعترافا بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وتأمل  أن يسرع هذا القرار الإجراءات القضائية بحق السلطات الصهيونية، وتحديد المسئولين الذين ارتكبوا جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني وملاحقتهم قانونيا ومحاسبتهم.

دولة الكيان الصهيوني رفضت التحقيق ووصفته بأنه معاداة السامية وذروة النفاق، وأنه ليس لدى المحكمة صلاحيات للشروع في تحقيق ضدها،  وقررت على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بعد الاجتماع مع كبار وزرائه ومسئوليه عدم التعاون مع تحقيق الجنائية الدولية.

يذكر أن صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية مختصة بملاحقة الأشخاص المتهمين بارتكاب إبادات أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب ارتكبت بعد 1 تموز/ يوليو 2002، وهو تاريخ دخول تأسيس المعاهدة حيز التنفيذ، وفي حال صدور قرار بملاحقة المسئولين الصهاينة فانه يجب على الدول الموقعة على اتفاق روما لإنشاء المحكمة الدولية أن يسلموا هؤلاء الأشخاص إذا ما تواجدوا على أراضيهم، وذلك بالرغم من عدم اعتراف دولة الكيان بهذه المحكمة.

هذه المحكمة ليست كغيرها من المحاكم، فهي تنتقي القضايا ولا تنظر في جميع القضايا التي تصلها، كما يحصل في المحاكم العادية، ومن أجل أن تقبل هذه المحكمة النظر في قضية ما، فإن هناك شروط يجب أن يتم استيفائها، ومنها أن يكون هناك ما يشير إلى اقتراف جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وبالتالي فإن الموضوع معقد جدا، بالنسبة للسلطة الفلسطينية لأنها ستكون أمام اختبار صعب في تجهيز ملف قوي يحتوي على عديد الأدلة والقرائن القوية التي يمكن أن تدين القادة والسياسيين والعسكريين الصهاينة وتقديمهم للمحاكمة كما أن دولة الكيان لن تقبل بمثول أي من قادتها أمام المحكمة أو ملاحقته قانونيا لان ذلك في عرفهم هم تقويض للمفاهيم الزائفة التي نشئوا عليها ويربون أجيالهم عليها ويحاولون وينجحون جزئيا، بإقناع العالم بها بأنهم دولة ديمقراطية تحترم القانون وتحب السلام لذلك فإن مهمة الوصول إلى لوائح اتهام أمام المحكمة، واعتقال صهاينة متهمين ستكون صعبة للغاية، وعلى ما يبدو أنهم سينجحون من خلال:

-      الدعم الأمريكي اللامحدود لدولة الكيان الصهيوني، والذي يمكنها من إجهاض أي قرار من شأنه أن يمس رؤسائها وسياسييها.

-      امتلاك دولة الكيان أصدقاء لها من جماعات الضغط من المحافظين في كل دول أوروبا، والتي تستطيع تجييرهم لمناصرتها في رفض قرار المحكمة الدولية.

-       الجيش الكبير الذي تمتلكه دولة الكيان من القانونيين المحليين والدوليين، الذين سيحتشدون للدفاع عنها، كما فعلوا حتى الآن.

-      قدرة دولة الكيان على المراوغة والضغط على المجتمع الدولي من خلال، رفض شرعية القرار كونه سياسي ومنحاز للفلسطينيين، وبأنها ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فان قرار التحقيق باطل ولا يشملها.

-      الضغط الاقتصادي والابتزاز السياسي الذي يمكن أن تمارسه دولة الكيان على السلطة الفلسطينية من خلال: وقف المشاريع المشتركة والمنح والامتيازات لقادتها، والذي من الممكن أن يؤدي لتراجع السلطة عن موقفها وسحب القضية من أمام المحكمة نهائي.

من المفترض أن يفضي قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى عقوبات فعلية على مجرمي الحرب الصهاينة، ولكن بسبب الأسباب سابقة الذكر فانه من المستبعد اتخاذ أي خطوات عملية وفعلية وجادة على أرض الواقع، لكن من المؤكد أن هذه التحركات في النهاية ترهب القادة العسكريين الصهاينة الذين ستذكر أسماؤهم أمام المحكمة الجنائية، وقد يتم منعهم من السفر وملاحقتهم، وهو ما يثير القلق لدى الحكومة الصهيونية والشخصيات السياسية والعسكرية لديها.


أعلى