الصهاينة يعيدون تنظيم ذراعهم في الفضاء الإلكتروني
أدخل الكيان الصهيوني مؤخراً تغييرات جذرية على البنية التنظيمية المسؤولة عن جهده الحربي في الفضاء الإلكتروني، بهدف تقسيم أعباء هذا الجهد على الأفرع العسكرية المختلفة ذات العلاقة بهذا الفضاء. فبعد أن كانت شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، ممثلة في وحدة التجسس الإلكتروني المعروفة بـ «8200» تحتكر المسؤوليات عن الجهد الهجومي والدفاعي في الفضاء الإلكتروني العسكري للكيان الصهيوني باتت هذه الوحدة مكلفة فقط بالجانب الهجومي.
وفي المقابل، فقد أمر رئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني جادي إيزنكوت بأن تتولى شعبة «الحوسبة» في الجيش القيام بالمهام الدفاعية في الفضاء الإلكتروني العسكري. ووفق الترتيبات التنظيمية الجديدة، فستتولى شعبة الحوسبة، التي يقودها ضابط برتبة لواء مهمة بناء الشبكات المحوسبة في قيادات الجيش وأذرعه المختلفة، وتوفير الحماية لها، ومنع اختراقها.
وقد استغلت وسائل الإعلام الصهيونية هذا التطور في تسليط الأضواء على الجهد الهجومي الذي تقوم به «8200»، حيث تبين أن هذا الجهد يهدف إلى جمع معلومات استخبارية حساسة إلى جانب المس بالبنى التحتية والقدرات العسكرية للأطراف، التي لدى الكيان الصهيوني مصلحة واضحة بالمس بها.
وقد نقل الإعلام الصهيوني عن مصادر في «8200» قولها إن شن الهجمات الإلكترونية من أجل جمع المعلومات الاستخبارية يتم بشكل يومي، من خلال اختراق المنظومات المحوسبة بواسطة برمجيات «خبيثة»، على رأسها «حصان طروادة»، الذي يمكن الكيان الصهيوني من الحصول على معلومات استخبارية نفيسة عن بعد.
ويشار إلى أن قيادة الجيش الصهيوني منحت العام الماضي «وسام البطولة» لضابط برتبة نقيب في «8200» نجح في جمع معلومات استخبارية بالغة الأهمية من خلال اختراق المنظومات المحوسبة لجهات تعتبر أهدافاً مهمة للكيان الصهيوني. وقد كشفت مجلة ISRAE DEFENSE، الصهيونية المتخصصة في شؤون الدفاع والأمن، النقاب عن تعاون وكالة الاستخبارات الإلكترونية الأمريكية NSA ووحدة «8200» في التجسس الإلكتروني على مصر في سبتمبر من العام 2012 بعد فوز الرئيس محمد مرسي، حيث نوهت المجلة إلى أن التعاون الأمريكي الصهيوني هدف إلى جمع معلومات عن أهداف إستراتيجية في مصر في ذلك الوقت. وبرغم أن المجلة لم تشر إلى ما إذا كان التعاون في التجسس على مصر قد توقف أم لا، فإن المؤكد أن الاستخبارات الصهيونية تواصل التجسس على مصر بشكل مكثف حتى في ظل وجود نظام السيسي، الذي تجاهر تل أبيب بالتعبير عن ارتياحها لوجوده.
ولا يقتصر التجسس على مصر على توظيف الجهد الإلكتروني، بل يتم توظيف الفضاء بشكل عام، حيث كشف موقع «وللا» الإخباري الصهيوني أن وحدة الأقمار الصناعية «9900» في «أمان» تقوم بالتركيز على جمع المعلومات الاستخبارية عن مصر بشكل متواصل.
وعلى صعيد الهجمات الإلكترونية التي تهدف إلى ضرب المرافق الأمنية الحساسة للجهات الخارجية، فإنها عادة ما تتم من خلال زرع فيروسات في المنظومات المحوسبة التي ترتبط بأوساط مادية بالغة الأهمية والحساسية تلعب أدواراً مفصلية في مرافق مهمة وإعطاء الأوامر لهذه الفيروسات لإلحاق الضرر بالتجهيزات والآلات والمؤسسات والمرافق المرتبطة بالمنظومات المحوسبة.
وقد أشار المعلق الصهيوني يوسي ميلمان إلى هجومين مهمين نفذا بواسطة الفيروسات وأسهما في تحقيق إنجازات عسكرية واضحة.
وبحسب مليمان، فقد شن الكيان الصهيوني في سبتمبر 2007 هجوماً إلكترونياً ضد سوريا هدف إلى اختراق المنظومات المحوسبة التي تشغل الدفاعات الجوية السورية لتعطيلها، وذلك من أجل تمكين سلاح الجو الصهيوني من قصف المنشأة النووية السورية أقصى شمال شرق البلاد، دون أن يكون بوسع المنظومات الدفاعية الرد ومحاولة اعتراض طريق الطائرات.
وبحسب ميلمان، فقد مثل الهجوم الإلكتروني الذي شنته تل أبيب على طهران في سبتمبر 2009 مثالاً آخر على الهجمات الإلكترونية الهادفة إلى تعطيل الأوساط المادية الحساسة. فقد أطلقت «8200» فيروس Suxnet الذي استهدف المنظومات المحوسبة المرتبطة بأجهزة الطرد المركزي في المنشأة النووية الإيرانية في «نتاز» عام 2009، مما أدى إلى تعطيل ثلثها، وهو ما مثل في حينه مساً كبيراً بفاعلية المنشآت النووية الإيرانية بشكل واضح، مع العلم أن الاستخبارات الأمريكية لعبت دوراً مهماً في تنفيذ هذا الهجوم.
وبحسب ميلمان فقد تعاونت وحدة «8200» التي كان يرأسها في حينه نداف تسفرير، مع الوكالة القومية للأمن التابعة للولايات المتحدة برئاسة الجنرال كيت ألكسندر، في تطوير عدد من الفيروسات التي ألحقت الضرر بثلث أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.
وضمن التحولات التنظيمية على الجهد الحربي في الفضاء الإلكتروني، فقد قررت قيادة الجيش الصهيوني أن يتولى أحد أعضاء هيئة أركان الجيش مهمة دمج العمليات العسكرية في الفضاء الإلكتروني ضمن المخططات الميدانية للجيش مستقبلاً.
وقد تراجع رئيس هيئة أركان الجيش جادي إيزنكوت عن مخطط سابق كان يقضي بأن يتم تدشين قيادة عسكرية مستقلة تجمع بين شن الهجمات الإلكترونية ومهام الدفاع عن الفضاء الإلكتروني العسكري.
وذكرت مصادر عسكرية صهيونية أن جهات عسكرية حذرت إيزنكوت من خطورة توحيد الوحدات المسؤولة عن شن الهجمات الإلكترونية والوحدات المسؤولة عن الدفاع خشية تسرب معلومات استخبارية، على اعتبار أن معظم الهجمات الإلكترونية تهدف إلى جمع معلومات استخبارية عن أطراف معادية.
ونوه المصدر إلى أنه تقرر تكليف نائب رئيس هيئة الأركان الجنرال أفيف كوخافي بمهمة إعداد مخطط لحسم مسألة تشكيل هيئة مستقلة بالجهد الحربي في الفضاء الإلكتروني في غضون شهرين.
وبحسب المصدر، فإن الهدف الرئيس للقيادة العسكرية الصهيونية يتمثل في أن يتم توظيف القدرات في مجال الفضاء الإلكتروني في العمليات الميدانية، بحيث يستخدمها على مستوى الجنود والدبابات.