الأفـعــى الـفـكــرية
قال الله عز وجل: {وَإمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200]، وقال تعالى: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، وقال تعالى: {وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْـمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]، وقوله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].
فبيّن نزغ الشيطان وحزبه في الداخل والخارج، ومفردات المكر الذي لا ينقطع بمراحله المتجددة، تجسيدًا لمقتضيات الرضا عن ملل الكفر المتنوعة يهود ونصارى وأذناب مدارس فارس القديمة في زيها المحدث هنا أو هناك، فنجد أن قصة العداء الأزلي بين حزب الشيطان من يهود وصليبين ورافضة قصة لا تنتهي كمفردات عداء لمنهج الإسلام بصفات الكمال التي زكاه الله بها فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} [المائدة: ٣].
فكان العداء اليهودي والصليبي والرافضي ممتد المفعول مع مرور الزمان وعلى كل مكان حتى بات الواقع وريث لخطى الثالوث الأسود الذي جسد كمال الحقد بإسقاط بغداد مرتين كلتاهما أتت بأبناء ابن سبأ لسدة الحكم، وما مهزلة تسليم اليمن منا ببعيد، حتى اقترب الصفويون خطوات من بيت الله الحرام بعد السيطرة شبه الدائمة على بغداد القادسية التي ما زال رموز السبئية الفكرية المتجددة في صدورهم دخن من الانتصار العمري على عظيم الفرس يومها، مما أصل يومها لحتمية التدمير الداخلي للإسلام من خلال مفردات المجوسية الخالصة بفكر الرافضة السبئية، وما تلاه من توابع لعداء النص الصحيح من سنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ثم العداء للصحابة الكرام نقلة الدين إلى البشرية كرافد من أخطر روافد الهلاك للأمة متى قبل الناس بهدم أصل الأصول: التوحيد والسنة والصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
ثم تمت المؤامرة الصليبية بإسقاط بلاد الأندلس وقبرص وصقلية تحت ريح الصليبية العالمية بمباركة دولية كوريث للحقد الدفين على الأمة الإسلامية عامة وأهل السنة خاصة، ثم تتابع المكر حتى استلمت اليهودية القدس بمباركة نصرانية وتآمر رافضي لما تتلاقى العقيدة الباطلة عندهم من عودة أسير السرداب ليحكم بحكم داود في مملكة الشر «إسرائيل الكبرى» التي يسعى بنو صليب لوجودها تمهيدًا لعودة المسيح ليقتل أهل الإسلام كما زعموا، إلا أننا أهل الإسلام نؤمن بعودة المسيح ليكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية أمرًا يقينيًّا لا يقترب الشك منه أبدًا فكان للأفعى ثلاثية الخطر القاتل «اليهودية - المجوسية - الصليبية» لدغات شيطانية تقوم على خمس أصول نتجت عنها توابع إبليسية لرعاية أفعى الداخل وهي التفرق السني أمام ثالوث الحقد الأسود.
وهي:
اللدغة الأولى: النفاق، والثانية: الابتداع، والثالثة: الذاتية، والرابعة: السلبية، والخامسة: العلمانية أو الليبرالية؛ فإلى واقع العمل الواقعي لدى رواد الثالوث الأسود للقضاء على أهل السنة والجماعة داخليًّا نجد أهدافهم تنحصر في أساليب منها:
1- رعاية التفرق داخل التيارات السنية بل وتفجير كل مظاهر الاعتصام بين الجميع.
2- توفير المحضن الفكري لعلل التفرق بكثرة الأسماء المعبرة عن أهل السنة والجماعة.
3- التسويق للقضايا الخلافية بين التيارات السنية وتنميتها على أنها مفاصل طرق بين إسلام وكفر، لا بين رؤية إسلامية سنية وأخرى سياسية سنية أيضًا.
4- تسخير سفهاء بين الصفوف لنشر معاول الإسقاط للرموز الإسلام بحجة الحق الموهوم من كل جانب ومن ثم الهلاك الذي لا بعده ولا قبله هلاك.
5- استقطاب بعض الرموز واستعارة ثوب الغيرة على قضايا محورية في الأمة، كالقضية الأم وهي فلسطين؛ للدندنة حولها ثم تدمير كل مظاهر الوحدة بين التيارات السنية في كل دولة من دول المنطقة العربية والإسلامية.
6- إسقاط علماء أهل السنة والجماعة والسماح للعوام بالهجوم عليهم، ومن ثم يتم تعطيل شهود نقل الإسلام للأمة ومن ثم بداية ريح الهلاك - فاحذر -، ثم رعاية الطغاة وتربية الجماهير على الفوضى الفكرية، فتصبح الأمة بين مطارق الجبارين من طغاة وسندان الفوضى والتآكل الذاتي غير المأمون الجانب حال حدوث الخلل الاجتماعي في الأمة فتصبح الأمة بين شرين أيسرهما هلاك.
7- توجيه الأمة من نقد الفرقة إلى فرقة النقد ومن ثم ذهاب الريح فاللهم سلم لنا ديننا وأمتنا يارب العالمين.
8- استدراج العوام لقضايا كبار لو جُمع لها أهل بدر ربما سكتوا عنها تورعًا وزهدًا.
9- رعاية أطراف حاقدة بين الفصائل السنية حتى تمنع مجرد فكرة إصلاح ذات البين بين المسلمين أو تكون عقبة أمام مراحل أو فكرة التصفية بين الفصائل السنية داخل العمل الإسلامي المعاصر.
10- تشكيل فريق لرعاية تنمية الزلات وتنمية الأخطاء بين الفصائل تمهيدًا للولاء والبراء على مفرداتها ومن ثم لا تتلاقى الجهود المبعثرة بين أبناء أهل السنة والجماعة حملة منهج السلف الصالح رضي الله عن الصحابة ومن تبعهم أجمعين؛ ومن ثم يستمر تكرار المآسي تلو المآسي، ويبقى للأمة تاريخ عبارة عن قصائد رثاء أو تغني بمجد لسنا شركاء في صناعته حين أصبحنا بتآكلنا شركاء في مفردة التيه والسقوط والتنازع والفشل وذهاب الريح.
درب النجاة وطريق الخلاص:
ليس بدعًا من الواقع الذي نراه، فما كان من سبيل حال عهود العز والتمكين ينبغي أن يكون هو ذاك السبيل، وهو الذي يجب أن تتحرى الأمة الثبات عليه والدعوة إليه والصبر على مقتضيات الطريق ذي الثلاث علامات:
- التوحيد الخالص الذي جاء الرسول صلى الله عليه وسلم والمحفوظ بين دفتي أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة.
- الاتباع الكامل للسنة المحمدية بتنوعها: القولية والفعلية والتقريرية، ولزوم فهم الأصحاب الكرام رضي الله عنهم لمفردات الإظهار البشري لحقيقة العبودية، خاصة أن الإسلام لا يسعى لتجسيد وتنوع العصمة بين الناس بل يصون العصمة في ذات الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والعدالة في أصحاب الحبيب رضي الله عنهم أجمعين، ولزوم الأدب التام مع العلماء الربانيين بلا مغالاة حاملة على تعظيم رأي مخالف لصحيح السنة أو الدليل، فيسعنا ما وسع السلف من خلاف ولا مشاحة في استعمال مفردات تحقق الخير للأمة ما يكن لها خاصية تحتجز الولاء والبراء عليها وخاصة حال خلاف التنوع بين أبناء الأمة المسلمة.
وصلاة ربي على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
:: مجلة البيان العدد 338 شوال 1436هـ، يوليو - أغسطس 2015م.