• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
خيانة ذات قرون

خيانة ذات قرون


الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:

تمرُّ بنا في كثير من قراءات التاريخ السياسي أخبارُ حروب، ولجان، ومؤتمرات، ومعاهدات، يكون المسلمون طرفاً فيها، أو موضوعاً لها، والطرف الآخر من النصارى أو اليهود، ويمكن أن نخلص من فحص هذه القراءات إلى أربعة ملامح لا تكاد أن تتخلف، وهي:

أولاً: اتفقت دول الغرب علناً أو سرّاً ضدَّ أمتنا وإن أظهروا حياداً أو عوناً لنا، ولا تنخرم هذه الملاحظة إلَّا إذا كان لفريق منهـم مصلحة كبيرة ضدَّ أحد المعتدين، أو نزاع مرير معـه، فيكـون تدخُّلـه لمصالحـه الخالصـة، وبمجرد حصول مبتغاه يتغيَّر موقفه؛ لأن مؤازرتنا ليست هدفاً أصلياً عنده.

ثانياً: لـم تخـرج أمتُنـا بأيِّ فائدة ذات قيمـة مـن اللجـان المجتمعـة، أو المؤتمـرات المنعقـدة، التـي تدرس - في ظاهرها - مَظْلَمَة واقعة، وحقيقتها تأخير للوقت، وتخدير للمشاعر، وترتيب لما يلي من مراحل، ومن المؤلم أن أيَّ قرار لصالحنا لا ينفَّذ، أو أنه يرى وجه الحياة وهو مشوَّه، بينما يشرعون فيما يضرنا سراعاً كأن وراءهم من يؤزُّهم إليه أزّاً.

ثالثاً: لا توجد معاهدة أو اتفاقية بين المسلمين والغرب راجحة المصلحة لأمتنا، بل يتضح الغبن فيهـا لدرجة العجب ممن وقَّعها وهي لا تمنحه إلَّا سراباً، وتسلب منه النفيس معنوياً ومادياً، وثالثة الأثافي أنهم إذا تحققوا من ضرر المعاهدة عليهم يعاملونها - بنصِّ تصريحاتهم - مثل مناديل المراحيض!

رابعاً: إذا كانت المعاهدة سريَّة تُخجِل مَنْ شارك فيها؛ فما أعجل إعلانهم لها كي يزيدوا خلافاتنا، ويحرجوا من أبرمها، ويفضحوا حليفهم!

ولربما يسأل المرء عن سبب هذا الهوان، والنتائج السلبية التي آلت إليها جولات التفاوض، والمعاهدات، والحروب؟ ويمكن نسبة هذا الخذلان إلى:

• تقديم المصلحة الفردية.

• تشتت المسلمين وتفرقهم.

• فرط الثقة بالغرب، وتصديق تصريحات فضفاضة حمَّالة أوجه.

• تغييب رأي الأمة.

• العجز عن تفعيل مكامن القوة والعوامل التي يمكن الضغط بها.

• انفصال كثير من شؤون الحكم والعلاقات الدولية عن فقه السياسة الشرعية.

• الرضا المـريب بالضـعف دون محـاولة تغييـره، أو استثمار الأحداث لكسب المواقع وصناعة المستقبل.

ومع ذلك كله؛ فلسنا نيأس من صلاح الأحوال، ومسيرها نحو الأمر الرشيد، والتصرفات ذات الكياسة والحصافة؛ فعقل العربي، وحكمة المسلم، كفيلة بمنحه القدرة بعد توفيق الله وعونه على تحقيق آمال أمته، وتخليصها من آلامها، وبتر أيادي المجرمين من المنافقين والكافرين.

 

 

 

 

أعلى