• - الموافق2024/11/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
أسانيد التربية

أسانيد التربية

 «لا يؤخذ العلم إلا ممن شُهد له بالطلب»[1].

هذه القاعدة العظيمة أسندها الخطيب البغدادي إلى الإمام الحافظ عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي رحمهم الله تعالى.

وهي قاعدة من قواعد تلقي العلم، تتعلق بالأستاذ والمحدث وبمن يُتلقى عنه العلم، وهي تعني اشتراط تلمذة الأستاذ والمحدث من قبل، وأنْ يُعرف عنه ذلك، وأنه ليس ممن تلقى علمه من قراءة الكتب فحسب، وإنما زاحم أهل العلم في مجالس الطلب والتعلم والتلمذة.

وذلك ليكون العلم متنقلاً بين الأجيال بواسطة الرجال، الذين علِموه وفهموه وحملوه وحصنوه وأدوه إلى من بعدهم، منذ مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى أنْ يرث الله الأرض ومن عليها. وهو بهذه الصفة يكون نقياً مصفى لا تعكره الشوائب ولا الدخائل ولا المحدثات، ولا تنحرف بوصلته، ولا يُستخدم للأغراض والأهواء.

الشاطبي يشترط المعلم المتربي:

الشاطبي رحمه الله تعالى يُبين عن كوامن هذه القاعدة، فيقول: «من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام»[2].

ثم يقول: إن كان الناس قد اختلفوا: هل يمكن حصول العلم دون معلم أم لا؟ فالإمكان مسلَّم[3]، ولكن الواقع في مجاري العادات أنْ لا بد مِن المعلم، وهو متفق عليه في الجملة، وقد قالوا: إنَّ العلم كان في صدور الرجال، ثم انتقل إلى الكتب، وصارت مفاتحه بأيدي الرجال.

وهذا الكلام يَقضي بأنْ لا بد في تحصيله من الرجال؛ إذ ليس وراء هاتين المرتبتين مرمى عندهم، وأصل هذا في الصحيح: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء»[4]، فإذا كان كذلك؛ فالرجال هم مفاتحه بلا شك. فالنتيجة لهذا التسلسل في الاستدلال هي شرطية وجود معلم لاكتساب العلم.

لكنه يشترط أيضاً في المعلم الناقل للعلم أنْ يتحقق به، فيقول: «فإذا تقرر هذا؛ فلا يؤخذ إلا ممن تحقق به، وهذا أيضاً واضحٌ في نفسه، وهو أيضاً متفق عليه بين العقلاء؛ إذ من شروطهم في العالم بأي علم اتفق؛ أنْ يكون عارفاً بأصوله وما ينبني عليه ذلك العلم، قادراً على التعبير عن مقصوده فيه، عارفاً بما يلزم عنه، قائماً على دفع الشبه الواردة عليه فيه. فإذا نظرنا إلى ما اشترطوه، وعرضنا أئمة السلف الصالح في العلوم الشرعية؛ وجدناهم قد اتصفوا بها على الكمال. غير أنه لا يشترط السلامة عن الخطأ البتة».

فالمعلم المتحقق بالعلم المتمكن منه في نظر الشاطبي هو من كان:

 متحصلاً على أصول هذا العلم وقواعده.

 قادراً على الإفهام والتعبير عن مرادات علمه.

 عارفاً بما يلزم عن مسائله وفروعه.

 حارساً على نقائه وسلامته من الدخائل، مدافعاً عنه.

فهذه عناصر التمكن والتحقق، التي بها يستحق هذا المعلم أنْ يُتلقى عنه، وكأنه يتحدث عن كفايات المعلم المتحقق بالعلم. ولكن كيف نعرف اكتمالها ونقصها في المعلم؟ وكيف نميز المعلم المتحقق بالعلم عن غيره ممن لم يتحقق به؟ ما هي المؤشرات؟ ما هي المظاهر الدالة على تحقق المعلم بالعلم؟

يجيبك الشاطبي عن هذه التساؤلات، فيقول:

«وللعالم المتحقق بالعلم أماراتٌ وعلامات، وهي ثلاث:

إحداها: العمل بما علم؛ حتى يكون قوله مطابقاً لفعله، فإن كان مخالفاً له؛ فليس بأهل لأنْ يؤخذ عنه، ولا أنْ يُقتدى به في علم. والثانية: أنْ يكون ممن ربَّاه الشيوخ في ذلك العلم؛ لأخذه عنهم، وملازمته لهم؛ فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك، وهكذا كان شأن السلف الصالح. والثالثة: الاقتداء بمن أخذ عنه، والتأدب بأدبه».

بهذه العلامات تستطيع أنْ توجِّه مركبتك نحو العالم المعلم، إنه باختصار: عامل، سبقت له تربية على يد شيوخه، وهو إلى اليوم تظهر عليه آثار تربيتهم له. وبغير ذلك فإنَّ سبيل التعليم قاصرة، لفقدها عنصراً رئيسياً في التربية على يد الشيوخ؛ وهو عنصر المشافهة، والتي تحدث عنها الشاطبي وعن خطورة أثرها في التعلم، فوصفها بأنَّ فيها «خاصية جعلها الله تعالى بين المعلم والمتعلم، يشهدها كل من زاول العلم والعلماء؛ فكم من مسألة يقرؤها المتعلم في كتاب، ويحفظها ويرددها على قلبه فلا يفهمها، فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها بغتة، وحصل له العلم بها بالحضرة، وهذا الفهم يحصل إما بأمر عادي من قرائن أحوال، وإيضاح موضع إشكال لم يخطر للمتعلم ببال، وقد يحصل بأمر غير معتاد، ولكن بأمر يهبه الله للمتعلم عند مثوله بين يدي المعلم، ظاهر الفقر بادي الحاجة إلى ما يلقى إليه. ويُفتَح للمتعلم بين أيدي شيوخه ما لا يفتح له دونهم، ويبقى ذلك النور لهم بمقدار ما بقوا في متابعة معلمهم، وتأدبهم معه، واقتدائهم به».

ابن خلدون يشترط سند التعليم:

في حديثه عن صناعة العلم؛ تطرق ابن خلدون رحمه الله تعالى إلى الحذق فيه وأنه لا يتم إلا بحصول الملَكات، فقال: «الحذق في العلم والتفنُّن فيه والاستيلاء عليه إنما هو بحصول ملكة في الإحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من أصوله. وما لم تحصل هذه الملكة لم يكن الحذق في ذلك الفنِّ المتناول حاصلاً»[5].

ثم فرَّق - رحمه الله - بين الملكة من جانب وبين الفهم والوعي من جانب آخر، فقال: «وهذه الملكة هي في غير الفهم والوعي، لأنا نجد فهمَ المسألة الواحدة من الفنِّ الواحد ووعيَها مشتركاً بين من شدا في ذلك الفن وبين من هو مبتدئ فيه، وبين العامي الذي لم يعرف عِلماً وبين العالم النحرير. والملكة إنما هي للعالم أو الشادي في الفنون، دون من سواهما فدلَّ على أنَّ هذه الملكة غير الفهم والوعي»[6]. ولذلك يستطيع فهم المسألة من قرأها في كتاب، أو استفادها بأي وسيط غير مباشر كالقنوات الفضائية أو قنوات اليوتيوب أو مجاميع التعليم في شبكات التواصل الاجتماعي.

أما اكتساب الملَكة فلا يكفي فيه أنْ يقرأ أو يطلع أو يستمع، بل هو يحتاج إلى التعليم المباشر، يقول رحمه الله تعالى: «والملَكات كلها جسمانية، سواء كانت في البدن أو في الدماغ من الفكر وغيره كالحساب، والجسمانيَّات كلها محسوسة فتفتقر إلى التعليم. ولهذا كان السند في التعليم - في كل علمٍ أو صناعةٍ - إلى مشاهير المعلمين فيها معتبراً عند كل أهل أفق وجيل»[7].

وفي فصلٍ سابق قال: «اعلم أنَّ الصناعة هي ملكة في أمر عملي فكري، وبكونه عملياً هو جسماني محسوس. والأحوال الجسمانية المحسوسة نقلها بالمباشرة أوعب لها وأكمل، لأنَّ المباشرة في الأحوال الجسمانية المحسوسة أتم فائدة، والملكة صفة راسخة تحصل عن استعمال ذلك الفعل وتَكرُّره مرة بعد أخرى حتى ترسخ صورته. وعلى نسبة الأصل تكون الملكة. ونقل المعاينة أوعب وأتم من نقل الخبر والعلم، فالملكة الحاصلة عنه أكمل وأرسخ من الملكة الحاصلة عن الخبر، وعلى قدر جودة التعليم وملكة المعلِّم يكون حذق المتعلِّم في الصناعة وحصول ملكته»[8].

ثم أبدى ملحوظاته على الحالة العلمية في العالم الإسلامي، وتأثرها باتصال السند وانقطاعه، مقرراً أثرهما على حذق العلم وملكاته، فيقول: «وإذا تقرر ذلك فاعلم أنَّ سندَ تعليمِ العلم لهذا العهد قد كاد أنْ ينقطع عن أهل المغرب، باختلال عمرانه وتناقص الدُّول فيه، وما يحدث عن ذلك من نقص الصنائع وفقدانها كما مرَّ. وذلك أنَّ القيروان وقرطبة كانتا حاضرتي المغرب والأندلس، واستبحر عمرانهما، وكان فيهما للعلوم والصنائع أسواقٌ نافقة وبحورٌ زاخرة، ورسخ فيهما التعليمُ لامتداد عصورهما وما كان فيهما من الحضارة، فلما خربتا انقطع التعليم من المغرب إلا قليلاً... وبقيت فاس وسائر أقطار المغرب خِلواً من حُسن التعليم، مِن لدن انقراض تعليم قرطبة والقيروان، ولم يتصل سند التعليم فيهم؛ فعسر عليهم حصول الملكة والحذق في العلوم.

وأما المشرق فلم ينقطع سند التعليم فيه، بل أسواقه نافقة وبحوره زاخرة لاتصال العمران الموفور واتصال السند فيه، وإنْ كانت الأمصار العظيمة التي كانت معادن العلم قد خربت، مثل بغداد والبصرة والكوفة؛ إلا أنَّ الله تعالى قد أدال منها بأمصار أعظم من تلك، وانتقل العلم منها إلى عراق العجم بخراسان وما وراء النهر من المشرق، ثم إلى القاهرة وما إليها من المغرب، فلم تزل موفورة وعمرانها متصلاً وسند التعليم بها قائماً. فأهل المشرق على الجملة أرسخ في صناعة تعليم العلم بل وفي سائر الصنائع»[9].

وقد أورد شواهد في ثنايا ملحوظاته على تأثير السند في الحذق والعلم فيقول: «وبعد انقراض الدولة بمرَّاكش ارتحل إلى المشرق من إفريقية: القاضي أبو القاسم بن زيتون لعهد أواسط المائة السابعة، فأدرك تلميذ الإمام ابن الخطيب فأخذ عنهم ولقن تعليمهم، وحذق في العقليات والنقليات، ورجع إلى تونس بعلمٍ كثير وتعليم حسن. وجاء على أثره من المشرق: أبو عبد الله بن شعيب الدكَّالي، كان ارتحل إليه من المغرب، فأخذ عن مشيخة مصر، ورجع إلى تونس واستقرَّ بها، وكان تعليمه مفيداً، فأخذ عنهما أهل تونس، واتصل سند تعليمهما في تلاميذهما، جيلاً بعد جيل»[10].

هكذا يكون تأثير المباشرة والاتصال واللقاء في تجويد التعليم وحذقه وإكساب المهارات المهمة والملكات الفائقة، وبدون ذلك يضعف التعليم، ولا يصل إلى كماله وجماله، ولا يبلغ أهله مبلغ الإبداع فيه، ولا يكونون بغيره معتبرين عند أهله.

السند هو الحل:

وإنَّ التربية الإسلامية صناعة وعلم.

وأيُّ صناعة! وأيُّ علم!

ذلك أنها لمن أجلِّ الأعمال وأفضلها، فهي وظيفة الأنبياء والمرسلين، ومهمة الدعاة والمصلحين، الذين أفنوا أعمارهم وأوقاتهم في تزكية النفوس وإصلاحها، وفي تعبيد الناس لله رب العالمين، فوجبت العناية بتعليم هذه الصناعة: التربية الإسلامية.

غير أنَّ هذا الفنَّ بحاجة إلى السند للحصول على أعلى الملكات فيه وأميز المهارات المتعلقة به، ليصبح المربون حاذقين لوظيفتهم، ماهرين في أدائهم، متحققين بعلمهم، وذلك لا يكون بغير اللقاء والمشافهة والمباشرة والاتصال والتربية على يد الشيوخ.

إنَّ حرصنا على تربية الناشئة واطلاعنا على ما كتبه العلماء والخبراء ليسا كافيين في ضمان جودة تعليمنا وتربيتنا، وإنما لا بد من التلقي المباشر لأنه الوحيد الذي يتضمن إكساب الملكات والمهارات، وما لم يتم ذلك فسوف تبقى التربية في قصور ومعاناة. وهذا واحد من الأسباب التي بها يضعف العمل التربوي.

وعليه فإنه لا مناص من الالتقاء والتلقي المباشر والذي يقتضي طولاً نسبياً في المدة الزمنية، تكون كافية لاكتساب الملكة.

السند هو الحل الإستراتيجي لبعض المشكلات في ميادين التربية.

وإنَّ علينا أنْ ندرك أبعاد اتصال الأسانيد وانقطاعها، وتأثير ذلك على الجودة والحذق، كما بيَّن ذلك ابن خلدون رحمه الله تعالى.

المحاضن النائية:

جمٌ غفير من المربين والمعلمين الذين بنوا محاضن تربوية وجلسوا إلى الناشئة قد فازوا بسند التربية والتعليم، وتربوا على يد الشيوخ، ولديهم من الملكات والمهارات ما يؤهلهم للحذق والتحقق في التربية والتعليم، على تفاوت في درجات الحذق والتحقق والتمكن ما بين حدٍّ أعلى وحدٍّ أدنى.

وهناك فئة منهم لم تنتظم أسماؤهم في سلسة الإسناد التربوية، لظروف مختلفة، وقد أقاموا بناء المحاضن في ديارهم، وشيدوا برامج التربية في محاضنهم، ولأننا نولي الحذق التربوي أهمية؛ فإننا نرغب أنْ ينتظموا في سلسلة الإسناد.

وهذه المسؤولية تقع على عاتق عنصرين:

الأول: هم هؤلاء الأساتذة المربون الذين فاتهم السند. عليهم واجب الاتصال بمن سبقهم من المربين، وعليهم واجب الشراكة مع الإدارات التربوية المتفوقة، لاستلهام تجربتهم والاستفادة من مناهجهم ونمذجة إدارتهم؛ وليس الاستنساخ. ومع انخفاض مستوى الصعوبة في السفر والترحال؛ فإنَّ هذه المسؤولية تزداد، ويقلُّ معها الإعذار، وهي مبدأ من مبادئ التعلم سطره فقهاء التربية الإسلامية تحت عنوان: الرحلة في طلب العلم.

الثاني: هي الإدارات التربوية المتفوقة ومن فيها من المربين الكبار. عليهم واجب الأخ الكبير؛ من مدِّ جسور التعاون وأيدي التواصل، وتسخير جزء من إستراتيجياتهم في هذا الاتجاه، وتفقُّد المحاضن التربوية النائية، وتقديم الدعم التربوي اللازم، وتطوير الأداء التربوي للعاملين. ونحن في عصر الاتصال السريع والسهل؛ فلا التباعد يسوغ، ولا الانغلاق يبرر.

وقد أضاف شيخ الشام أبو مسهر الغساني رحمه الله تعالى على معنى التلمذة معنى آخر، وهو مجالسة أهل العلم، فيقول: «إلا جليس العالم فإن ذلك طلبه»[11]، قال الخطيب البغدادي تعقيباً على ذلك: «أراد أبو مسهر بهذا القول أن من عُرفت مجالسته للعلماء وأخذه عنهم، أغنى ظهور ذلك من أمره أن يُسأل عن حاله».

وإضافة إلى الواجب الملقى على العنصرين السابقين - والمتمثل في مبادرات حقيقية وبناءة وصامتة؛ تتقدم بتنمية الإسناد وترعى مسؤوليته - فإني أقترح أيضاً ما يلي:

    إقامة المؤتمرات والملتقيات التربوية والتي من شأنها أنْ تُطرح فيها أوراق العمل وأنْ ينفَّذ على هامشها عدد من حلقات النقاش المثرية. فهذه المؤتمرات والملتقيات - إضافة إلى الإثراء العلمي المتخصص - تصل بين المربين وتسهم في صناعة الإسناد، وتهيء الأجواء لإبرام اتفاقيات شراكات نافعة.

    عقد برامج التدريب والتأهيل التربوييَن عبر شبكة الإنترنت، والتي يمكن من خلالها تنفيذ مشاريع واقعية تنمي الإسناد. وهذا المقترح سيفيد كثيراً من المربين النائين.

      إقامة المسابقات الكبيرة، المعنية بتنمية المربين والمعلمين، والتي تتضمن إجراءاتها التقاءً وتعليماً جيديَن، ورصد الجوائز القيمة لها، واختيار الموضوعات المناسبة لها.

والله الموفق.

إنَّ حرصنا على تربية الناشئة واطلاعنا على ما كتبه العلماء والخبراء ليسا كافيين في ضمان جودة تعليمنا وتربيتنا، وإنما لا بد من التلقي المباشر لأنه  الوحيد الذي يتضمن إكساب الملكات والمهارات.


 


[1] الكفاية في علم الرواية ص87.

[2] الموافقات 1/139 بتصرف.

[3] يقصد إمكان ذلك عقلاً.

[4] أخرجه البخاري 1/31  كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم ح100.

[5] المقدمة 2/166.

[6] المقدمة 2/166.

[7] المقدمة 2/166.

[8] المقدمة 2/90.

[9] المقدمة 2/167.

[10] المقدمة 2/167.

[11] الكفاية في علم الرواية ص87.

 

  

أعلى