الصبر والتوكل في مواجهة الأعداء

الصبر والتوكل في مواجهة الأعداء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وبعد:

في ظل حالة التربص التي يتربص فيها الشرق والغرب وكل كاره لعلو الإسلام من الخارج والداخل؛ يحتاج المسلم إلى قوة يستمسك بها ويركن إليها حتى تعينه على مواجهة كل هؤلاء كي يحافظ على علو الإسلام رغم كره الكارهين وكيد الكائدين.

وبالنسبة للقوة غير العادية التي يتمتع بها معسكر الكارهين والضعف الشديد الذي يخيم على معسكر الصالحين؛ فلا مندوحة لهم عن اللجوء إلى ركن شديد يحتمون به ويستظلون بظله، كما قال لوط عليه السلام لضيوفه عندما أراد قومه الإساءة إليهم وكان ضعيفاً لا يقدر على مواجهتهم: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]، وقال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد».. فلا ركن شديداً يأوي إليه المؤمن غير ملك السماوات والأرض، وهذا لا يكون إلا مع الإيمان والتوكل كما قال موسى لقومه: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} [يونس: 84] .. ففي المواجهات الفاصلة لا تكفي قوة الساعد والسلاح وإن كان لا بد منها، وأما العامل الأقوى الذي تحسم به المواجهات المصيرية فهو الإيمان بالله والتوكل عليه والقيام بما يأمر به والانتهاء عما نهى عنه وزجر، كما في قصة دخول بني إسرائيل إلى بيت المقدس: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]، فاشتملت على الأمرين: دخول الباب وهو ما يمثل الساعد والسلاح والأخذ بالأسباب، والتوكل على الله وحده وهو دليل الإيمان، وكما قال تعالى: {وَإن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120].. فأخوف ما يجب أن نخاف منه في لقاء أعدائنا ضعف الإيمان والتقوى، والجزع وعدم الصبر، والتوكل على غير الله تعالى؛ فمن توكل عليه كفاه، ومن توكل على غيره وكله إليه.. اللهم أكمل لنا إيماننا، وأتمم لنا نورنا، وانصرنا على القوم الفاسقين.

أعلى