السياسية السكانية الصهيونية في القدس
بلغت مساحة مدينة القدس قبل عام 1967،
6 كم2، تضم حدودها: «البلدة القديمة، واد الجوز، والشيخ جراح»، ووصل عدد سكانها
إلى 75 ألف نسمة، يعيشون في 13500 وحدة سكنية، وطبقاً للزيادة السكانية الطبيعية
كان من المفترض أن يعيش في القدس الآن 280 ألف فلسطيني، عدا المهجّرين بعد حرب
1967، ومنذ بداية الاحتلال قام الصهاينة بتنفيذ سياسة تستهدف تهجير الفلسطينيين من
المدينة، فقاموا بهدم «حي الشرف» بكامله في البلدة القديمة، ورحّلوا 135 عائلة منه
بتعداد 650 مواطناً إلى «مخيم شعفاط وحي المغاربة».
في حين
يعيش في القدس الغربية 275 ألف صهيوني، و186 ألفاً في الشق الشرقي، ويستهدف المخطط
الصهيوني إحاطتها بـ 250 ألفاً، وداخل الجانب الشرقي 250 ألفاً في «القدس
الموسعة»، و500 ألف في الجانب الغربي ومحيطها، ليبلغ سكانها مليون يهودي.
وشكّلت
الزيادة السكانية العربية مفصلاً أساسياً في رسم خطوط «القدس الكبرى»؛ ففي العام
1993 بدأ التخطيط من قبل «بنيامين بن أليعازر»، وزير الإسكان آنذاك، مدعوماً
بتعليمات مباشرة من «إسحاق رابين»، رئيس الحكومة؛ لتنفيذ المخطط الذي هدف إلى:
إيجاد تواصل واضح للسكان اليهود، وتقليص التقارب والاحتكاك مع العرب، والحفاظ على
تعزيز مكانة القدس كعاصمة لـ «إسرائيل» وكمدينة عالمية، وربط المستعمرات خارج حدود
البلدية مع داخلها بواسطة ممرات، وتحقيق الأغلبية اليهودية من خلال جلب مائة ألف
يهودي سنوياً، ما يعني أن مئات الآلاف من المستوطنين سيتم استيعابهم في القدس.
وكانت
اللجنة الوزارية الصهيونية لشؤون القدس قد اتخذت قرارها عام 1973 بالحدّ من النمو
السكاني العربي داخل حدود بلدية القدس، وجعل نسبتهم 22% من المجموع العام هو الحد
الأقصى المسموح به، وتم تسويق 2400 شقة، والمرحلة الثانية 2800 شقة، أما المرحلة الثالثة
فشملت إقامة 2000 شقة ضمن المخطط المستقبلي لمصادرة مزيد من الأراضي.
ونشر «معهد
القدس لدراسات إسرائيل» دراسة تبيّن أن نسبة السكان اليهود في المدينة هبطت،
والفقر ازداد حدة، والهجرة السلبية تفاقمت، والأسوأ من ذلك الاستنتاج بأن الوضع
سيزداد سوءاً فقط، وفي خطة مبرمجة موازية بدأت السلطات بالتخلص من 40% من
المقدسيين، وتحويل 25 مليون شيكل، أي 6 ملايين دولار، لبناء خدمات حكومية لـ 125
ألف فلسطيني من أصحاب بطاقات الهوية الزرقاء الذين سيبقون خارج جدار الفصل.
وفي حال
استمر الميل الحالي للتزايد السكاني مقارنة بين العرب واليهود، فسيشكل اليهود
بحلول عام 2020 ما نسبته 60% من سكان القدس، مقابل 66% حالياً، في حين ستراوح نسبة
العرب بين 34 و40%، ويبلغ عدد سكان القدس، الشرقية والغربية، حالياً، 720 ألف
نسمة، ويشمل اليهود في الأحياء التي بنتها الدولة العبرية في القسم الشرقي من
المدينة عام 1967.
علماً أن
سلطات الاحتلال تخطط لتفريغ مدينة القدس من السكان العرب، وجعلها مدينة يهودية
خالصة، وقد استخدمت - وما زالت - عدة وسائل لتحقيق هذا الهدف، منها:
1- الجدار
العازل الذي أخرج ما يزيد على 270 ألف مواطن مقدسي، وصادر ما يزيد على 20% من
أراضي الضفة الغربية، علماً أنه منذ احتلال المدينة قامت السلطات بمضاعفة مساحتها
ثلاثة أضعاف عبر ضم أراض من الضفة الغربية تابعة لـ 28 بلدة عربية، منها بيت لحم
وبيت جالا.
2- بموجب
قانون أملاك الغائبين، يقوم الاحتلال بالسيطرة على أراض ومنازل داخل البلدة
القديمة والقدس الشرقية.
3- طرد
المواطنين المقدسيين من بيوتهم التي بنوها قبل قيام دولة الكيان، بحجة عدم
الترخيص، مع العلم أن القدس هي مدينة محتلة لا يجوز أن يطبق القانون الإسرائيلي
عليها.
4- منع لمّ
الشمل داخل مدينة القدس.
5- حرمان
المواطن المقدسي من أي فرص عمل، وفرض ضرائب وغرامات باهظة عليه لا تتلاءم مع ظروف
معيشته لإجباره على الرحيل.
ومنذ أربعة
عقود زاد عدد السكان العرب بنسبة 257%، وانتقل عددهم من 68 ألفاً إلى 245 ألفاً،
في حين عرف السكان اليهود نمواً بلغ 140%، وانتقل عددهم من 200 ألف إلى 475 ألفاً،
وبالتالي سيشكل العرب نسبة 50% عام 2035، مع نضوب وتراجع نسبة الهجرة الاستيطانية
من الخارج نحو فلسطين المحتلة.
ومن الإجراءات التي اعتمدتها سلطات الاحتلال لتحقيق
التفوق الديمغرافي اليهودي:
1 - سحب
الهويات من عدد كبير من العرب بذريعة إقامتهم خارجها، وتشير الإحصائيات إلى سحب
هويات 4169 رب أسرة عربية مقدسية بين عامي 1967- 1997، وحالت دون حصول من بلغوا سن
السادسة عشرة على الهوية، والبالغ عددهم 10 آلاف شخص.
2 - زيادة
عدد اليهود في البلدة القديمة من صفر عام 1967 إلى 3800 عام 2002، يتركز جميعهم في
التجمع اليهودي الاستيطاني الذي أقيم في الحي الإسلامي، وعلى أنقاض حارتي
«المغاربة والشرف» العربيّتين، إضافة إلى عدد من البيوت التي استولى عليها اليهود
في «الحي الإسلامي».
3 - أدى
التطور في التركيبة السكانية للبلدة القديمة داخل الأسوار، إلى التغيير في بنيتها
الديمغرافية، إذ أصبح اليهود يستحوذون بالقوة على 20% من مجموع أراضي البلدة
القديمة، بينما يملك العرب المسلمون 52%، والعرب المسيحيون 28%.
كما قررت
الحكومة الإسرائيلية الحفاظ على نسبة اليهود والعرب، أي 73.5% يهوداً و26.5%
عرباً، وتعمل اليوم على تعديل التوازن الديمغرافي بمدينة القدس بـ 4 مسارات، هي:
1 - تكثيف الاستيطان: يوجد في
القدس اليوم بمساحتها الجديدة داخل الجدار، والبالغة بشطريها 289 كم2؛ 69 مستوطنة
تسيطر على مساحة تقدر بـ 163 كلم2، ويسكنها نحو 270 ألف مستوطن.
2 - الترويج للقدس كمركز سكني: تعدّ القدس مدينة طاردة للسكان اليهود، فخلال
السنوات 1980–2005 بلغت الهجرة السلبية منها 105 آلاف مستوطن، ولمواجهة الأمر
صادقت الحكومة على خطة بقيمة 200 مليون دولار لجذبهم للانتقال والعيش فيها.
3 - الجدار الفاصل: إن الهدف
الأول للجدار في القدس هو ضم أكبر مساحة ممكنة من الأرض إلى الحدود البلدية
للمدينة، مع طرد أكبر عدد ممكن من المقدسيين منها، وبالرغم من أن المقدسيين حاولوا
مواجهته بشكل تلقائي من خلال الانتقال بأعداد كبيرة إلى الأحياء الموجودة داخله،
إلا أن الجدار ومع اكتمال بناء 90% منه، تمكن من عزل أكثر من 154 ألف مقدسي عن
مدينتهم، مع مصادرة أكثر من 163 كلم2 من الأراضي.
4 - تهجير الفلسطينيين: تعدّ نتائج هذه الطريقة محدودة في معادلة التوازن
الديمغرافي، ولأن تنفيذها صعب ويثير مشاكل سياسية، فلا يلجأ إليها المحتل على نطاق
واسع إلا نادراً.
::
مجلة البيان العدد 319 ربيع الأول 1435هـ،
يناير 2014م.
:: البيان تنشر ملف
خاص بعنوان (( قضية فلسطين.. والصراع على القدس))