«الإصـلاح» في القرآن
الحمد
لله رب العالمين، سبحانه وتعالى له الحمد الحسن والثناء الجميل، والصلاة والسلام
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد تعرَّض مصطلح
(الإصلاح) إلى كثيرٍ من الخلط والعبث الفكري من قِبَل بعض المنهزمين أمام
الحضارة الغربية؛ ففرَّغوا الإصلاح من مضمونه الشرعي وجعلوه غطاءً على (تحريف
الدين) و (إبطال الشريعة)؛ حتى أصبح مصطلح (الإصلاح) يثير الريبة والتوجس والقلق
بين عامة المسلمين.
ولا شك أن الصلاح هو
الغاية المطلوبة من العباد في الاعتقاد والأقوال والأعمال؛ فبغير الصلاح لا يُقبَل
أي عمل ولا تحصل أي قربى، ولا توضع البركة في الأموال والأنفس والثمرات. وإن من
الأشياء العظيمة أن يكون الإنسان صالحاً في قوله وعمله، ولكن الأعظم من ذلك أن
يكون مُصلحاً في قوله وعمله؛ فالصالح قد اكتفى بنفسه عن الخلق، وأما المصلح فقد
حمل هموم الخلق، وتصدى لإصلاحهم، وإن الصلاح يُستجلَب به الخير والبركة والنماء،
أما الإصلاح فيدفع الله به عن البشر الشرَّ والهلاكَ.
ولما كَثُـر الحديث عـن
الإصلاح في هذا الزمـان، وصـار الكل يرفع رايته ويتحدث باسمه، وصار بعض من يرفعون
راية الإسلام - للأسف - يتشدقون بالإصلاح غيرِ المنطلِق من القرآن الكريم وقيمه
وفضائله، فضلاً عن غيرهم ممن يدَّعون الإصلاح وهم في كل وادٍ يهيمون ويتقممون
فضلات الغرب تارة والشرق تارة أخرى، مع الخيبة والخسار بسبب إعراضهم عن القرآن
ومنهجه في إصلاح الأمم، من أجل ذلك وغيره كانت هذه الكلمات اليسيرة.
الإصلاح في القرآن:
ورد لفظ الصلاح في القرآن
مضاداً للفساد، والإصلاح مضاداً للإفساد، وكلٌّ من الصلاح والفساد مختصان في أكثر
الاستعمال بالأفعال، وقوبل الصلاح في القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة، وإصلاح الله
- تعالى - الشيءَ يكون تارة بخلقه إياه صالحاً، وتارة بإزالة ما فيه من الفساد بعد
وجوده، وتارة يكون بالحكم له بالصلاح.
ولفظ «الإصلاح» لفظ قرآني
له دلالات عظيمة. جاء الإصلاح في القرآن والسنة بصيغ متعددة تدل في مجملها على أن
دين الله - تبارك وتعالى - يهدف إلى إصلاح الإنسان في الاعتقاد والسلوك والعبادات
والمعاملات، واعتَبَر القرآنُ في عدة آيات منه أن الإصلاح مهمة الأنبياء - عليهم
السلام - ووظيفتهم الأساسية. قال الله - تعالى - على لسـان شعيب - عليه السلام -: {قَالَ
يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي
مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إلَى مَا أَنْهَاكُمْ
عَنْهُ إنْ أُرِيدُ إلاَّ الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إلاَّ
بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإلَيْهِ أُنِيبُ}
[هود: 88].
ورغم ذلك لا يختلف
الأمر قديماً عنه في العصر الحديث؛ فقد حاول المفسدون اختطاف هذا الشعار العظيم،
ومنهم فرعون؛ حيث اتهم موسى عليه السلام - وهو من المصلحين للناس في عقائدهم،
ومرشدهم إلى ربهم - اتهمه فرعون بإظهار الفساد؛ وكأن فرعون يشير إلى أنه يتبنى الإصلاح
منهجاً ويخاف على الناس من الفساد؛ مع أنه من أكبر الطغاة والمفسدين، فقال: {وَقَالَ
فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إنِّي أَخَافُ أَن
يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر:
26].
وكعادة المنافقين
في كل زمان ومكان تشابهت قلوبهم فاتحدت مشاربهم، يظنون أنهم على خير، وأنهم حُمَاة
الإصلاح وروَّاده؛ فقد ادَّعى المنافقون قديماً أنهم مصلحون، كما ادَّعاه إخوانهم
في العصر الحديث. قال - تعالى -: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ
قَالُوا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: ١١].
والضابط الذي يميز بين
المصلح حقيقة وبين مدَّعي الإصلاح بالباطل هو رب العالمين؛ فهو وحدَه من يحدد
المصلِح والمفسِد. قال - جل وعلا -: {فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإن
تُخَالِطُوهُمْ فَإخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْـمُفْسِدَ مِنَ الْـمُصْلِحِ
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
[البقرة: 220]، ويقول - سبحانه -: {وَلا تُفْسِدُوا فِي
الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ
قَرِيبٌ مِّنَ الْـمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].
إن أعظم إصلاح جاء به
القرآن العظيم هو شريعةُ الله المحكمة وفرائضه الشرعية العادلة التي جاء بها
القرآن في الحدود والمواريث، والأحكام، والتي تسعد المجتمعات وتهنأ إذا طبقتها،
قال الله تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96]، وفي المقابل تشقى المجتمعات
عند تغييب الشرع المحكم أو إقصائه عن دنيا الناس وهذا يُحدِث خللاً واضطرابًا
كبيرًا يمحق البركة ويجلب الشقاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكدًا هذا
المعنى: «يا معشر المهاجرين خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم، أعوذ بالله أن
تدركوهن.. وذكر منها: وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم»[1] نسأل الله أن يهدي الأمة
إلى تحكيم كتاب ربها لتعيش واقعًا مباركًا تحل فيه الأمن والبركات.
القرآن منهج إصلاح:
كثر ذكر الإصلاح
والمصلحين في القرآن الكريم، في مقابل ذم الإفساد والمفسدين؛ لتكتمل الصورة
الربانية التي يريدها الله رب العالمين للبشر والمجتمعات البشـرية، ومن ذلـك قوله
- تعالى -: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ
وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْـمُصْلِحِينَ}
[الأعراف: 170].
يقول سيد قطب - رحمه الله
-: «غير أن الآية تبقى - من وراء ذلك التعريض - مُطْلَقة، تعطي مدلولها كاملاً،
لكل جيل ولكل حالة. إن الصيغة اللفظية: {يُمَسِّكُونَ}
تصور مدلولاً يكاد يُحَس ويُرَى. إنها صورة القبض على الكتاب بقوة وجِد وصرامة.
الصورة التي يحب الله أن يُؤخذ بها كتابه وما فيه في غير تعنُّت ولا تنطُّع ولا
تزمُّت، فالجِدُّ والقوة والصرامة شيء والتعنت والتنطع والتزمُّت شيء آخر. إن الجد
والقوة والصرامة لا تنافي اليسر، ولكنها تنافي التميع، ولا تنافي سعة الأفق ولكنها
تنافي الاستهتار، ولا تنافي مراعاة الواقع ولكنها تنافي أن يكون «الواقع» هو الحكم
في شريعة الله، فهو الذي يجب أن يظل محكوماً بشريعة الله!
والتمسك بالكتاب في جِدٍّ
وقوة وصرامة، وإقامة الصلاة - أي شعائر العبادة - هما طرفا المنهج الرباني لصلاح
الحياة. والتمسك بالكتاب في هذه العبارة مقروناً إلى الشعائر يعني مدلولاً
معيَّناً؛ إذ يعني تحكيم هذا الكتاب في حياة الناس لإصلاح هذه الحياة، مع إقامة
شعائر العبادة لإصلاح قلوب الناس؛ فهما طرفان للمنهج الذي تصلح به الحياة والنفوس،
ولا تصلح بسواه. والإشارة إلى الإصلاح في الآية: {إنَّا
لا نُضِيعُ أَجْرَ الْـمُصْلِحِينَ} يشير إلى هذه الحقيقة،
حقيقة أن الاستمساك الجاد بالكتاب عملاً، وإقامة الشعائرِ عبادةً هما أداة الإصلاح
الذي لا يضيع الله أجره على المصلحين.
وما تفسد الحياة كلها إلا
بترك طرفي هذا المنهج الرباني؛ ترك الاستمساك الجاد بالكتاب وتحكيمه في حياة
الناس؛ وترك العبادة التي تُصلِح القلوب فتطبِّق الشرائع دون احتيال على النصوص
كالذي كان يصنعه أهل الكتاب، وكالذي يصنعه أهل كل كتاب حين تفتر القلوب عن العبادة
فتفتر عن تقوى الله.
إنه منهج متكامل يقيم
الحكم على أساس الكتاب، ويقيم القلب على أساس العبادة. ومن ثَّم تتوافى القلوب مع
الكتاب؛ فتصلح القلوب، وتصلح الحياة. إنه منهج الله، لا يعدل عنه ولا يستبدل به
منهجاً آخر إلا الذين كتبت عليهم الشقوة وحق عليهم العذاب»[2].
وقد علَّق الله رب
العالمين عدمَ إهلاكه للناس بوجود المصلحين، الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون،
فقال - جل وعلا -: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى
بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]. قال الإمام
القرطبي - رحمه الله -: (قوله - تعالى -: {وَمَا
كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى} أي: أهل القرى. {بِظُلْمٍ}
أي: بشرك وكفر. {وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
أي: في ما بينهم في تعاطي الحقوق، أي لم يكن ليهلكهم بالكفر وحدَه حتى ينضاف إليه
الفساد، كما أهلك قومَ شعيب ببخس المكيال والميزان، وقومَ لوط باللواط. ودلَّ هذا
على أن المعاصي أقرب إلى عذاب الاستئصال في الدنيا من الشرك، وإن كان عذاب الشرك
في الآخرة أصعب. وفي صحيح الترمذي من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا
على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده»)[3].
والقرآن في حَثِّه على
الإصلاح ومدحه للمصلحين، يقرر أن المصلحين لا يعيشون لأنفسهم ولا لأجيالهم فقط، بل
ينظرون بعيداً في آفاق المستقبل في ما ينفع الأمة وما فيه عزها ومجدها، فلا ينظرون
أسفل أقدامهم، بل غاية همهم إصلاح الشبيبة والشيَّب والصغار والكبار، واليوم وأمس
وغداً.
قال الطاهر ابن عاشور -
رحمـه اللـه -: «وفي كـلام نـوح - عليه السلام - دلالة على أن المصلحين يهتمون
بإصلاح جيلهم الحاضر، ولا يهملون تأسيس أسس إصلاح الأجيال الآتية؛ إذ الأجيال كلها
سواء في نظرهم الإصلاحي، وقد انتزع عمر بن الخطاب من قوله - تعالى -: {وَالَّذِينَ
جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا
الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ
آمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر:
10] دليلاً على إبقاء أرض سواد العراق غير مقسومة بين الجيش الذي فتح العراق،
وجعلها خراجاً لأهلها؛ قصداً لدوام الرزق منها لمن سيجيء من المسلمين»[4].
ويعرض القرآن لدَور حاملي
الرسالة والوحي الإلهي في الإصلاح في الأرض، فيقرر نبي كريم ويلخص رسالته في
الإصلاح، فيقول: {إنْ أُرِيدُ إلاَّ الإصْلاحَ مَا
اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإلَيْهِ
أُنِيبُ} [هود: 88].
قال سيد - رحمه الله -:
«الإصلاح العام للحياة والمجتمع الذي يعود صلاحه بالخير على كل فرد وكل جماعة فيه؛
وإن خُيِّل إلى بعضهم أن اتباع العقيدة والخلق يفوِّت بعض الكسب الشخصي، ويضيِّع
بعض الفُرَص؛ فإنما يفوِّت الكسب الخبيث، ويضيِّع الفرص القذرة؛ ويعوَّض عنهما
كسباً طيباً ورزقاً حلالاً، ومجتمعاً متضامناً متعاوناً لا حقد فيه ولا غدر ولا
خصام.
{وَمَا تَوْفِيقِي
إلاَّ بِاللَّهِ} فهو القادر على إنجاح مسعاي في الإصلاح بما
يعلم من نيتي، وبما يجزي على جهدي. {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}
عليه وحدَه لا أعتمد على غيره. {وَإلَيْهِ
أُنِيبُ} إليه وحدَه أرجع في ما يحزبني من الأمور،
وإليه وحدَه أتوجه بنيَّتي وعملي ومسعاي»[5].
ويذكر القرآن العظيم أن
الأمم السالفة لَـمَّا فقدت الإصلاح ورفضت المصلحين، ونشرت الفساد وقربت المفسدين
عندما وصلوا إلى استمراء الفساد، عاقبهم الله رب العالمين بأن سلط عليهم آلام
الهلاك، وسوء العذاب بما كسبت أيديهم. قال أحكم الحاكمين: {فَلَوْلا
كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ
الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ
الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ 116وَمَا كَانَ
رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
[هود: 116-117].
قال سيد قطب - رحمه الله
-: «وهذه الإشارة تكشف عن سنة من سنن الله في الأمم. فالأمة التي يقع فيها الفساد
بتعبيد الناس لغير الله، في صورة من صوره، فيجد من ينهض لدفعه هي أمم ناجية لا
يأخذها الله بالعذاب والتدمير، فأما الأمم التي يَظلِم فيها الظالمون ويفسد فيها
المفسدون، فلا ينهض من يدفع الظلم والفساد، أو يكون فيها من يستنكر ولكنه لا يبلغ
أن يؤثر في الواقع الفاسد، فإن سنة الله تَحقُّ عليها إما بهلاك الاستئصال. وإما
بهلاك الانحلال والاختلال.
فأصحاب الدعوة إلى ربوبية
الله وحدَه وتطهير الأرض من الفساد الذي يصيبها بالدينونة لغيره، هم صمام الأمان
للأمم والشعوب. وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين لإقرار ربوبية الله وحدَه، الواقفين
للظلم والفساد بكل صوره؛ إنهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب، إنما هم يحولون
بهذا دون أممهم وغضب الله واستحقاق النكال والضياع».
والوحي الذي يمدح الإصلاح
ويحث عليه هو وحي الحكيم الخبير، الحكم العدل؛ ولذلك جاء على لســان رسـول الله من
لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم حديث رائع في تصديق هذه الآية السابقة؛ فعَنْ
عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: قالت: (إِنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ
الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمِ
فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ
عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْفَعُ
فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ»، ثُمَّ قَامَ، فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا
النَّاسُ، إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا
إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ أَقَامُوا
عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى
الله عليه وسلم سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»)[6].
مجالات الإصلاح في
القرآن:
غاب عن كثير من المسلمين
تفعيل القرآن في الحياة واتخاذه منهجاً للحياة، فصار القرآن يُقرأ في المآتم أو
على الأموات، ويستأجرون من يَقرأ عليهم، وهو ما طبع في أذهان كثير من العوام أن
القرآن يُقرأ في الأحزان فقط، في حين أن القرآن جاء للطمأنينة وسكينة النفس،
وإحياء القلوب والعقول والأبدان؛ حيث إن القرآن وضع الشرائع التي بها حياة الناس،
ولكن بعض المسلمين يحرص على قراءة القرآن دون تدبُّر معانيه.
وقد ظن بعض الناس أن مرور
الزمان يقلل من صلاحية القرآن في الإصلاح والهداية! وهذا خطأ على الإطلاق؛ فالقرآن
كتاب هداية وإصلاح متى فهمه الإنسان فهماً صحيحاً، وإن هداية القرآن ليست مرتبطة
بظرف أو زمان؛ ففي كل الظروف هناك هداية ربانية. القرآن الكريم له صفة الإطلاق
والقطعية التي لا يتصف بها غيره من الكتب السماوية، كما أن القرآن يُعنَى
بالكليـات والأمـور العامة والأصـول الثـابتة التـي لا علاقة لها بالمتغيرات، وكما
أن إعجاز القرآن هو إعجاز علمي يصلح في كل زمان ومكان؛ حيث نزل للناس جميعاً على
كافة مستوياتهم. يقول الشيخ عز الدين رمضاني: «مما يدل على فضيلةِ الإصلاح:
اتِّساعُ ميادينه ورحابة مجالاتِه؛ فَبِقَدْرِ ما تكثُر بين النَّاس المنازعاتُ،
وترتفعُ في مجالسهم الخصوماتُ، ويتهدَّد بناء الأُسَرِ والبيوتَات، وتَسوء علاقات
الأفـرادِ والجمـاعاتِ، بقـدرِ ما تكثُر ميادينُ الإصلاح وتَتَّسِعُ حلولُه
وتتعدَّدُ أساليبُه وطرقُه حتَّى إنَّه لَيَسَعُ النَّاسَ في دمائِهم وأموالهم
وأقوالهم وأفعالهم وكلِّ ما يقعُ فيه الإفسادُ والاعوجاجُ وتَطولُه يَدُ البغيِ
والإجرامِ.
إنَّه إصلاحٌ شاملٌ
وعادلٌ يجمع بين متخاصِمين، ويقرِّب بين متباعدين، ويَمْحُو شحناءَ المتعاديَين،
يبدأ من الأهل وذَوِي الأرحامِ، ليعمَّ الأنسابَ والجيـرانَ والخِلاَّن والإخوان
إلى أن ينتهي بعموم الناس على اختلاف مشاربهم وطبائعهم بلا تخاذلٍ أو تهاونٍ، ودون
تَعَلُّلٍ أو تَسويغ. قال الله - تعالى -: {وَلا
تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا
وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
[البقرة: 224]؛ أي لا تَتَعَلَّلُوا بالأَيْمَانِ لتتركوا البِرَّ والتَّقوى
والإصلاح بين الناس.
للإصلاحِ في الأسرة وبيتِ
الزَّوجيةِ دورٌ في الحفاظ على كَيَانِهَا وأفرادِها قبل اسْتِعْصَاء الحلول
وتفـاقُمِ المُشـكِلاتِ. قال - تعالى -: {وَإنْ
خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ
أَهْلِهَا إن يُرِيدَا إصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}
[النساء: 35]، وقال - تعالى -: {وَإنِ امْرَأَةٌ
خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن
يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْـحاً وَالصُّلْـحُ خَيْرٌ}
[النساء: 128].
وله بين أصحابِ الحقوق في
الوصايَا والأوقاف والولاياتِ إسهامٌ في حفظِ عقودِهم ومعاملاتهم ورعاية شؤُونهم
وصَوْنِها من الجَوْرِ والانحراف، ومِن تعرُّضِها للإهمال والضَّياع. قال - تعالى
-: {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إثْماً فَأَصْلَحَ
بَيْنَهُمْ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
[البقرة: 182] ، وقال في شأن اليتامى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْيَتَامَى قُلْ إصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإن تُخَالِطُوهُمْ فَإخْوَانُكُمْ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْـمُفْسِدَ مِنَ الْـمُصْلِحِ}
[البقرة: 220].
وأمَّا في نطاق جماعةِ
المؤمنين وطوائفِ المسلمين فَلَهُ سُلْطَانُ الحُكْمِ عليهم وإلزامُهم بما يحفَظ
عليهم وِئَامَهُمْ ويقوِّي أَوَاصِرَهُم ويدفعُهم إلى تقوى الله وطاعته كما في
قوله في مطلع سورة الأنفال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ
الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا
ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
[الأنفال: 1].
وحتى في الحالات
الشَّاذَّة التي قد يصل فيها الأمر إلى التَّقاطع والتَّدابر؛ بل إلى التَّقاتل
والتَّناحُرِ، فإنَّ الله نَدَب إلى الإصلاح لما فيه من قطع السَّبيل على الأعداء،
وحفظِ الأموال وحَقنِ الدِّماء، فقال - جلَ ذِكرُه -: {وَإن
طَائِفَتَانِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}
[الحجرات: 9].
وإذا كان إفسادُ ذاتِ
البَيْنِ يَحْلِقُ الدِّينَ، ويُذْكِي العَدَوات ويفرِّق بين الأحباب ويزيل وُدَّ
الأصحاب، فإنَّ إصلاحَ ذاتِ البَيْنِ يُذهب وَغَرَ الصَّدْرِ، ويَلُمُّ الشَّمْلَ،
ويعيدُ الوِئامَ ويُصلِح ما فَسَد على مَرِّ الأيَّامِ؛ فهو لهذا مَبْعَثُ الأمنِ
والاستقرار، ومَنْبَعُ الأُلْفَةِ والمحبَّة، ومصدرُ الهدوء والاطمئنان، وآيةُ
الاتحاد والتكاتف، ودليلُ الأخوَّة وبرهانُ الإيمان. قال - تعالى -: {إنَّمَا
الْـمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].
وللإصلاح في كتاب الله
فِقْهٌ لا بدَّ أن يُفهم ويُسمَع، ومَسلكٌ يَجِبُ أن يُقْتَفَى ويُتَّبَعَ، وإلاَّ
آلَتْ جهودُ المُصلحين إلى الفشل، وعَجزت مساعيهم عن إصلاح العَطَلِ أو تَدَارُكِ
الخَلَلِ، وأوَّل ما ينبغي العمل به في أوَّل خطوة من خطوات التَّغيير والإصلاح:
تصحيحُ النِّيَّة وتسخيرُ القصدِ لابتغاء مرضاةِ الله وحدَه، وتجنُّبِ الأهـداف
الشَّـخصية والأغراض الدُّنيوية الزَّائلة. قال - تعالى -: {لا
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ
مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}
[النساء: 114].
وهذا فقهٌ في الإصلاح
دقيقٌ؛ لأنَّ فَشَلَ كثيرٍ منْ مَسَاعِي الصُّلْحِ فَبِسَبَبِ تَسَرُّبِ الأخبارِ
وفُشُوِّ الأحاديث وتَشْوِيشِ الفُهُوم ممَّا يعكِّر أجواء الاتِّصال، ويقضي على
رُوح المبادرةِ والامتثالِ.
والحاصل أنَّ للإصلاح في
القرآن ميداناً رَحباً، تضيقُ الخُطَبُ والمقالاتُ عن سَرْدِهِ وتناوُله، ويَكفيه
شرفاً وفضلاً أنَّ كلَّ ما أدَّى إلى الطَّاعة وامتثال الأمر والتمسُّك بالكتاب
فهو إصلاحٌ والمتحلِّي به هو من المُصْلِحِين {وَالَّذِينَ
يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ
الْـمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170].
وأنَّ المُصلِحَ يكون في
نجاةٍ وأَمْنٍ ونعمةٍ إذا حلَّ بالمفسدين العقابُ والخوفُ والنِّقْمَةُ، {فَلَوْلا
كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ
الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ
الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ 116 وَمَا كَانَ
رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
[هود: 116-117].
وأنَّه لا صَلاح ولا
إصلاح يُعيد للأمَّة الإسلاميَّة اليومَ ما فَقَدَتْهُ من عزِّ الأخلاقِ وسُمُوِّ
المنزلةِ وشَرَفِ السُّؤْدَدِ إلاَّ بما صَلَحَ عليه الأوَّلون من رجالاتها
وأبنائها، ونسائها وبناتها[7].
ثمرات الصلاح والإصلاح:
ذكر القرآن الكريم
للإصلاح والصلاح ثمراتٍ كثيرةً وفوائدَ غزيرةً، ورفع من درجات أصحابها، وأنزلهم
أعلى المنازل، ووصفهم بجميل الصفات، ومن ذلك:
•
الصالحون مع أهل الدرجات العُلا في الجنة. قال - تبارك وتعالى -: {وَمَن
يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِـحِينَ
وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً} [النساء: 69].
•
إصلاح العمل أمان من المخاوف والأحزان. قال - سبحانه -: {فَمَنْ
آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأنعام:
48].
• الإصلاح
سبب من أسباب رحمة الله ومغفـرته. قال - سبحانه -: {وَإن
تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً}
[النساء: 129]، وقال - جل وعلا -: {إن تَكُونُوا
صَالِـحِينَ فَإنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً}
[الإسراء: 25].
•
لا يضيع الله أجر المصلحين، فأجرهم عند الله محفوظ.قال - تعالى -: {إنَّا
لا نُضِيعُ أَجْرَ الْـمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170].
•
الصالحون يستحقون ولاية الله. قال - جل وعلا -: {إنَّ
وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِـحِينَ}
[الأعراف: 196].
•
الله ينجي أهل البلاد إن كان غالب حال أهلها الصلاح، والعكس بالعكس. قال - جلَّ
وعلا -: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى
بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]، و عَنْ
أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُنَّ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا
فَزِعاً يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَـرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ
اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ،
وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ
جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ:
نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ»[8].
•
الصلاح يوجـب وراثـة الأرض والاسـتخلاف فيهـا. قـال - سبحانه -: {...
أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِـحُونَ}
[الأنبياء: 105]. وحذر القرآن من ادِّعاء الصلاح والإصلاح دون عمل نافع، فقال -
تعالى -: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي
الأَرْضِ قَالُوا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}
[البقرة: 11]؛ وإنما هو إيمان وإذعان {وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِـحِينَ}
[العنكبوت: 9].
فما أروع هذا الدين! وما أعظم القرآن! حثَّ
على الإصلاح، ومدح المصلحين، ورفع في الجنة درجاتهم، قبل أن تخرج علينا دعوات
هدامة، فولَّت الأمة وجهها شرقاً وغرباً ونأى بها طلب التقدم والإصلاح، وكان الأمر
سراباً لا حقيقة له، وشتان بين من يدعو إلى النار ومن يدعو إلى الجنة، وشتان بين
الأعمى والبصير، وفارق بين الظلمات والنور، لا يستويان؛ فما أجدر الأمة أن تعود
إلى منهج الإصلاح الأول كتاب ربها، ومصدر عزتها وتفوُّقها بين الأمم! فقد ضمن الله
السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة لمن خافه واتقاه واتبع رضوانه وتجنب مساخطه،
كما هو موضَّح ومفصَّل في الوحيين (كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم)،
واللهَ نسأل أن يصلحنا ويصلح بنا، وألا يجعلنا من المفسدين.
[1] رواه ابن ماجه 3262
وصححه الألباني.
[2] في ظلال القرآن:
3/313.
[3] تفسير القرطبي: 9/114.
[4] التحرير والتنوير:
29/199.
[5] في ظلال القرآن:
4/262.
[6] متفق عليه.
[7] موقع راية الإصلاح
(بتصرف واختصار).
[8] متفق عليه.