{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}
هذه
الزاوية:
تجيء
هذه الزاوية في سياق التجديد الذي درجت عليه مجلة البيان في مسيرتها المباركة التي
دخلت عامها السابع والعشرين، ولأن رسالة مجلة البيان هي بيان الحق وإيضاحه في
مجالاته المتعددة؛ فإن من أعظم بيانه إيضاح ما جاء به الوحي كتاباً وسنة، وإذا
كانت أجلُّ وظائف الرسالة هي إبلاغ ما أنزل الله على مراد الله، كما قال - سبحانه
-: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ
مِن رَّبِّكَ}
فإن أهم وظائف من استجاب لهذه الرسالة أن يبلِّغ ما بلَّغه رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فهذا ما وصى به صلى الله عليه وسلم في قوله: «بلِّغوا عني ولو آية»[1].
وقد
اخترنا هذا الجزء من الحديث، ليكون عنواناً لهذه الزاوية، وهي تتناول في كل عدد
آية فذة جامعة، أو حديثاً مما له دلالة على أصل عظيم في المنهج الحق، لنقف مع ذلك
النص من خلال فرائدَ وفوائدَ واستنباطات علماء التفسير أو الحديث؛ بحيث نهيئ مادة
جاهزة لمن أراد أن يوظفها في خطبة أو محاضرة، أو حلقة تربوية.
فالزاوية
وإن كانت موجَّهة للقراء عامة؛ فإنها تخاطب بوجه أخص أهل الدعوة والبلاغ والتربية،
لتساهم في تقريب وتسهيل مهمتهم الجليلة في استفاضة البلاغ المبين.
(التحرير)
«بلِّغوا
عني ولو آية»:
لعل من المناسب – قبل التعـرض لشرح الآية المختارة لهذا العدد – أن
نُلقي بإطلالة على ذلكم الحديث الجامع المختار عنواناً للزاوية، فالحديث معناه -
كما قال المناوي في فيض القدير (3/269) -: «بلِّغوا عني» «أي: انقلوا عني ما
أمكنكم، ليتصل بالأمة ما جئت به، (ولو) أي: ولو كان الإنسان إنما يبلغه مني أو عني
(آية) واحدة من القرآن، وخصها لأنها أقل ما يفيد في باب التبليغ، ولم يقل: حديثاً؛
إما لشدة اهتمامه بنقل الآيات لأنها المعجزة الباقية من بين سائر المعجزات، ولأن
حاجة القرآن إلى الضبط والتبليغ أشد؛ إذ لا مندوحة عن تواتر ألفاظه، وإما للدلالة
على تأكيد الأمر بتبليغ الحديث؛ فإن الآيات مع كثرة حَمَلتها واشتهارها وتكفُّل
حفظ الله لها عن التحريف واجبةُ التبليغ؛ فكيف بالأحاديث؟ فإنها قليلة الرواة،
قابلة للأخطاء والتغيير».
لكن يشترط في المبلِّغ أن يكون على علمٍ بالقدر الذي يبلِّغه، وهذا
ما أشار إليه العلاَّمة ابن عثيمين – رحمة الله – في كتابه (شرح رياض الصالحين -
1/1583) عند شرحه لذلك الحديث؛ حيث قال: («بلِّغوا عني: يعني بلِّغوا الناس ما
أقول وبما أفعل، وبجميع سنته عليه الصلاة والسلام، بلِّغوا عني (ولو آية من كتاب
الله و (لو) للتقليل؛ يعني: لا يقول الإنسان أنا لا أبلِّغ إلا إذا كنت عالماً
كبيراً، لا؛ إنما يبلغ الإنسان ولو آية، بشرط أن يكون قد علمها، وأنها مما بلغه
رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال في آخر الحديث: «ومن كذب عليَّ متعمداً،
فليتبوأ مقعده من النار»).
بين يدي الآية:
تكفل الله - تعالى - بحفظ كلمته الأخيرة إلى البشر (القرآن الكريم)
فقال - سبحانه -: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإنَّا لَهُ لَـحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، وذلك بعد أن أودعه
علْمه، وعلَّمه للرسول صلى الله عليه وسلم فقال: {لَكِنِ
اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْـمَلائِكَةُ
يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}
[النساء: 166]، ولم يمضِ على وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من 50 سنة حتى كان
أكثر سكان الأرض المعروفة يومئذٍ تحت سلطان (لا إله إلا الله).
أما اليوم، فالعالم يعج بمئات بل آلاف الملايين من البشر الوثنيين
الذين يعبدون الطبيعة في مظاهرها المختلفة (أرضاً وسماءً)، فنحو نصف سكان العالم
البالغين اليوم نحو سبعة مليارات نسمة في العقد الأول من الألفية الثاثة لا زالوا
يعبدون الأصنام والأوثان؛ فالصين (البوذية) وحدَها يبلغ عدد سكانها بحسب إحصاء عام
2010م نحو مليار وثلاثمائة وستة وثلاثين مليوناً من البشر الذين يعبدون (بوذا)،
وهو ما يمثل ما يقرب من 20% من سكان الأرض، عدا أقلية مقهورة من المسلمين. والهند
(الهندوسية) يبلغ عدد سكانها نحو مليار وثلاثمائة وستة وأربعين مليوناً، يقدسون -
إضافة إلى «البقر» - نحو عشرة آلهة «ذكور» وسبعة آلهة «إناث»، ويمثلون معظم سكان
(القارة) الهندوسية. ويوجد في العالم اليوم نحو مليارين ومئة وخمسين مليوناً من
النصارى الذي يعبدون (عيسى) إلهاً أو ابن إله أو ثالث ثلاثة. أما الذين ليس لهم
إله يعبدونه نهائياً كـ (الملاحدة الشيوعيين)، فقد كانت لهم حتى عصر قريب دولة
تمثل القطب الدولي الثاني في العالم بعد أمريكا. وإذا جئنا إلى خريطة العالم
الإسلامي الذي يمثل سكانُه ملياراً وستمائة مليون نسمة - منهم نحو 85% يحملون هوية
إسلامية - وجدنا من بين هؤلاء عشرات إن لم يكن مئات الملايين الذين يقعون في الشرك
الصريح بعبادة القبور والأضرحة والمزارات!
كم يحتاج كل هؤلاء من الجهد حتى تبلُغهم كلمة الله التي أنزلها هدى
للعالمين؟ وحَمَّل أهل التوحيد مسؤولية إيصالها وتبليغها وإقامة الحجة بها على
الناس أجمعين؟ إنها مسؤولية تنوء بها الجبال، لكن لا بد من استشعار رهبة المسؤولية
مهما تعلَّلنا بضعف الإمكانات، لا بد من حمل همِّها على الأقل.
لقد جاء الرسول صلى الله عليه وسلم في أجواء جاهلية عالمية شبيهة
بهذه الأوضاع التي يعيشها العالم اليوم، لكنه صلى الله عليه وسلم تحمَّل الأمانة
كلها على عاتقه، ثم حمَّلها لأصحابه من بعده بهذا القرآن حتى غيروا به وجه العالم؛
فأصبحت كلمة (لا إله إلا الله) هي العليا، وكلمة الوثنيين والنصارى واليهود
والملحدين والمنافقين هي السفلى؛ ذلك أن آية من كتاب الله - تعالى - كانت محرِّكاً
جباراً لهمم الموحدين من الناس نحو إخراج الناس (بالإسلام) من الظلمات إلى النور،
وهي قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا
أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ
وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}
[المائدة: 67].
{يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ}
سنتجول (مع المفسرين) مع ما تعطيه هذه الآية الجامعة من معانٍ
إجمالية، ثم نتوقف معهم من خلالها بعض الوقفات التفصيلية.
جاءت هذه الآية من سورة المائدة في سياق حديث القرآن عن تحريم موالاة
اليهود والنصارى الصادِّين الناس عن سبيل الله بما معهم من باطل وخرافات يدَّعونها
ديناً وقُربى، وبيَّنت الآيات أن من خالف في ذلك وسارع إلى موالاتهم من دون
المؤمنين، فإنه يدلل بذلك على مـرض قلبه بالنفاق، الذي قد يؤول إلى الردة الصريحة.
وقد ساق النظم الكريم في ذلك السياق فظائع وفضائح الانحراف الاعتقادي لدى
الطائفتين الضالتين من أهل الكتاب، بدءاً من قوله - تعالى -: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}
[المائدة: 51] وحتى قوله - سبحانه -: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا
وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْـجَحِيمِ}
[المائدة: 68].
وقد تعددت أقوال المفسرين من السلف والخلف في سبب نزول الآية، لكنَّ
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في علم الأصول. وعموم اللفظ، مع سياق
الآيات، ومقاصد السورة المتوجهِ معظمُها نحو كشف أبعاد الانحراف الاعتقادي لدى
النصارى بعد اليهود، يبين ذلك كله أن الآية جاءت أمراً للنبي صلى الله عليه وسلم
ولأمته من بعده، باستكمال البلاغ بما أنزل الله من الدين الحق الناسخ لما كان عليه
أهل الكتابين من شرائع، والمبطل لما آلوا إليه من زيغ، حتى لا يكون باطلهم منهجاً
متَّبعاً بين البشر على أنه الحق، والحال أنه يبعدهم عن الصراط المستقيم الموصل
لجنات النعيم. ولذلك قال في خاتمة ذلك السياق: {وَالَّذِينَ
كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْـجَحِيمِ}
[المائدة: 86].
وقد استُهلَّت الآية بنداء التشريف والتكليف معاً: {يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: 67] المبعوث إلى العالمين من
الثقلين. {بَلِّغْ}؛ أي أوصل {مَا
أُنزِلَ إلَيْكَ} ففيه الهداية؛ لأنه {مِن
رَّبِّكَ} المالك أمرك والحافظ لشأنك، فلا تخشَ في الدعوة
إليه أحداً، ولا تخف من مكرهم لإيقافها أبداً، فإن الله متكفل بالهداية وأنت
مكلَّف بالبلاغ {وَإن لَّمْ تَفْعَلْ}
[المائدة: 67] فتؤدي البلاغ الكامل - والأمر كذلك - بأن امتنعت عن البلاغ أو كتمت
بعضه {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:
67]؛ أي: فما أديت واجب الرسالة ومقتضاها؛ لأن كتمان بعضها إغفالاً لها
ككتم كلها، ولأن بعضها ليس أولى بالبلاغ من بعض، فجميع الرسالة يكمل بعضه بعضاً،
ويوصل بعضه إلى بعض. {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}
الذين
هم أعداؤك من الكافرين، فلن ينالوك بضر - من قتل أو أسر - يمنعك من استكمال إبلاغ
الرسالة، فما عليك أنت إلا البلاغ المبين، أما الهداية، فإنها إلى الله، لا يهدي
إليها إلا من افتقر لها، فأنصتَ إليها بعد بلوغها، أما من جحد النبوة وأنكر
الرسالة فـ {إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكَافِرِينَ} المستقرين في أمر الكفر عن علم وقصد وعناد.
هذا هو مجمل معنى الآية، مأخوذاً من مجموع التفاسير المعتبرة.
أحكام ودلالات وفوائد:
أما المعاني التفصيلية فقد حملت الآية التي نحن بصددها، عشرات
الفوائد والدلالات والأحكام المجموعة من مجموع التفاسير المشهورة، اجتهدت في
اختصارها، فما تركتُه أضعافُ ما أثبتُّهُ، حتى تحين الفرصة لبسط المجموع منها في
مواضع أخرى بإذن الله؛ فإلى تلك الدلالات والأحكام والفوائد:
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ
مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}
• نداء التكريم هذا
(يأيها) المقترن بأشرف الأوصاف التي يمكن أن يوصف بها بشر (الرسول)، تدل على أن
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو أعظم الأنبياء والرسل عند الله قَدْراً لقيامه
بأسمى الرسالات وأدائه لأعظم الأمانات؛ لهذا لم يناده الله - تعالى - باسمه المجرد
كما نادى الأنبياء قبله (يا آدم!) (يا نوح!) (ياإبراهيم!) (يا موسى!) (يا يحيى!)
(يا داوود!) (يا عيسى!)؛ إنما ناداه بلفظ الرسالة أو لقب النبوة: (يا أيها
الرسول!) (يا أيها النبي!) إكراماً له وتشريفاً؛ لأنه أعظم الرسل، المرَسل بأشرف
الكتب، لأكرم الأمم. (راجع هذا المعنى في تفسير البحر المحيط لأبي حيان، وتفسير
الكشاف للزمخشري)[2].
• النداء بوصف الرسالة
(يأيها الرسول!) يدل على أن من شأن (الرسول) ألا يكتم شيئاً من الرسالة، وفي هذا
شهادة من الله لرسوله بأداء البلاغ، وأن ما قام به كان واجباً عليه، لم يهمل منه
شيئاً واستمر واجب البلاغ بعده على أهل البلاغ من أمته؛ فالأمر هنا ليس خاصاً به صلى
الله عليه وسلم. قال الثعالبي في تفسيره لهذه الآية: «كما وجب عليه التبليغ – عليه
السلام – وجب على علماء أمته».
• عرَّف (ابن عاشور) في
تفسيره للآية حدَّ التبليغ بما حاصله أنه: هو ما يحصل به ما يكفل للمحتاج إلى
معرفة حكم، أن يعرفه في وقت الحاجة أو قبله، قال السعدي في تفسيرها: «ويدخل في هذا
كل أمر تلقته الأمة عنه صلى الله عليه وسلم: من العقائد والأعمال والأقوال
والأحكام الشرعية والمطالب الإلهية، فبلغ أكمل تبليغ ودعا وأنذر وبشَّر ويسَّر،
وعلم الجهال الأميين حتى صاروا من العلماء الربانيين».
• (ما) الاسمية هنا بمعنى
(الذي)، فتفيد استغراق جميع المنزَل من الله، فالبـلاغ المأمور به هو البلاغ
الكامل الذي لا يغفل شيئاً ولا يخفيه، وقد أدَّاه الرسول صلى الله عليه وسلم
كاملاً، وأدَّاه الصحابة من بعده كاملاً، وكذلك التابعون وتابعوهم من بعدهم، حتى
وصل إلينا الدين كاملاً، لا يحتاج إلى زيادة ولا ابتداع. (تفسير ابن كثير للآية).
• السُّنة النبوية من
البلاغ المأمور به، باعتبارها تبياناً للقرآن؛ فهي من البلاغ الذي قام به الرسول صلى
الله عليه وسلم، فحياته كلها كانت بلاغاً فِعلياً، وتفسيراً عملياً للقرآن، كما
قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إني أوتيت الكتابَ ومثله معه»[3]؛ أي السُّنة المفسرة له. قال القرطبي في تفسير
قوله - تعالى - {لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ}
[الأنعام: 19]: (تبليغ القرآن والسنة مأمورٌ بهما، كما أُمر النبي صلى الله عليه
وسلم بتبليغهما، فقال الله له: {يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}
[المائدة: 67]).
• الصحابة - رضوان الله
عليهم - شهدوا للرسول صلى الله عليه وسلم، بأنه قام بالبلاغ الكامل؛ وذلك عندما
استشهدهم في حجة الوداع فقال: «يا أيها الناس! إنكم مسؤولون عني، فما أنتم
قائلون؟» قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت، ونصحت وقضيت الذي عليك. فقال: بإصبعه
السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد! اللهم اشهد!)[4].
• والصحابة هم خير من قام
بأداء البلاغ بعده. قال ابن كثير عن الصحابة في تبليغهم للقرآن: «كانوا أحرص شيء
على أداء الأمانات، وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أودعهم ذلك ليبلِّغوه؛ كما قال الله: {يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}، ففعل - صلوات الله
وسلامه عليه - ما أُمِر به، وقال: «بلِّغوا عني ولو آية»، فبلِّغوا عنه ما أمرهم
به، فأدوا القرآن قرآناً والسنة سنةً، لم يلبسوا هذا بهذا».
• كل ما أحلَّه رسول الله صلى
الله عليه وسلم وما حرَّمه مما بلَّغ به، إنما أخذه من القرآن، وقد ثبت عن عائشة -
رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لا أُحلُّ إلا
ما أحلَّ الله - تعالى - في كتابه، ولا أُحرم إلا ما حرَّمه الله - تعالى - في
كتابه»، وهذا المعنى أشار إليه ابن تيمية - رحمه الله - عندما نقل في (مقدمة
التفسير) قول الإمام الشافعي: «كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما
فهمه من القرآن». (راجع تفسير الآلوسي للآية).
• الرسول صلى الله عليه
وسلم بلَّغ القرآن لفظاً ومعنى، والصحابة تلقَّوه عنه لفظاً ومعنى. قال ابن تيمية
في أول (مقدمة التفسير): «يجب أن تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم، بيَّن لأصحابه
معاني القرآن كما بيَّن لهم ألفاظه»، وقال ابن القيم: «النبي صلى الله عليه وسلم
بيَّن لأصحابه القرآنَ لفظه ومعناه، فبلَّغهم معانيه كما بلغهم ألفاظه، ولا يحصل
البيان والبلاغ المقصود إلا بذلك. قال - تعالى - {لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] [5]. ويستفاد من هذا أن تعليم تلاوة القرآن وضبط
ألفاظه يجب أن يقترن بمعانيه على حسب الوِسْع، فهذا من البلاغ الواجب، حتى يستفيض
العلم بالقرآن.
• سياق الآيات أعطى أمثلة
للأشياء المأمور بالتصريح بإبلاغها دون مجاملة أو مهادنة، فمنها: أن اليهود
والنصارى يوالي بعضهم بعضاً ضد المسلمين، ومنها أن اليهود وقعوا في الكفر الغليظ
عندما سكتوا عن قول بعضهم: {إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ
وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} - تعالى الله عما يقولون
- ومنها أن أهل الكتاب ليسوا على شيء معتبَر أو مقبول من الدين ما لم يعترفوا
بنبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الموجودة في التوراة والإنجيل، ومنها مواجهة
النصارى بأنهم كفار؛ لدعواهم ألوهية المسيح وقولهم: {إنَّ
اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} ونحو ذلك، وهذا يفيد في أن أمور العقائد الباطلة
لا بد من مكاشفة أهلها بها في البلاغ حتى لا يتكلوا على أوهام الاصطفاء والاختيار،
فهذا من البلاغ المبين. (انظر تفسير الظلال لسيد قطب عند هذه الآية).
{وَإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ
رِسَالَتَهُ}
• لما نودي الرسول صلى
الله عليه وسلم بأشرف الأوصاف وهي الرسالة {يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ} جاء الكلام بعدها في صيغة التهديد بالانسلاخ من هذا الشرف في حال
عدم القيام بمقتضى الرسالة ونشرها؛ وبثُّها لإخراج الناس من الظلمات إلى النور،
وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يترك البلاغ؛ ولكنَّ التعبيرَ فيه ترهيب شديد من
كتمان العلم، فغيره صلى الله عليه وسلم غير معصوم من الكتمان. (الرازي في تفسير
مفاتح الغيب).
• استعمال أداة الشرط (إن)
في قوله - تعالى -: {وَإن لَّمْ تَفْعَلْ} جاء لأن (إن) من شأنها في
كلام العرب عدمُ اليقين، بخلاف لو استعملت أداة الشرط (إذا)، فـ (إن) تفيد أن عدم
التبليغ الكامل غير مظنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، فهذه شهادة أخرى بأنه أدَّى
أمانة البلاغ كاملة، فقد اختاره الله {والله أعلم حيث يجعل رسالته}. (اللباب في علوم الكتاب
لابن عادل الحنبلي) و (تفسير الواحدي).
• افترض هذا الشرط {وَإن
لَّمْ تَفْعَلْ} افتراضاً؛ ليُبنى عليه الجواب، وهو قوله - تعالى -: {فَمَا
بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} ليستفيق الذين كانوا يرجون أن يسكت رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن قراءة القرآن النازل بفضائحهم من اليهود والمنافقين الصادين عن
سبيل الله وليبكِّتَ من قد علم الله أنهم سيفترون فيزعمون أن قرآناً كثيراً لم
يبلِّغه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة وهم الروافض، وهذا من الإعجاز
الغيبي المستقبلي للقرآن. (ابن عاشور في التحرير والتنوير).
• التأمل في سبب نزول الآية
وزمانه يبطل دعوى الرافضة أنها نزلت في يوم (غدير خم)[6]؛ لأن الذي يقتضيه ظاهر خطبة الوداع التي طلب
الرسول شهادة الصحابة بالبلاغ فيها، يدل على أن الآية نزلت قبل يوم الغدير؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم طلب شهادة الصحابة في يوم عرفة، ويوم الغدير كان بعد
عودة النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع. (الآلوسي في روح المعاني).
• في الآية ردٌّ على
الرافضة في زعمهم جواز بل وجوب كتمان الحق وإظهار خلافه دون خوف باسم (الَتِقيَّة)
التي جعلوها من أصول الدين، متذرعين بقول الله - تعالى -: {إلا
أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} مدَّعين أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كتم أموراً من الدين تقية، والآية هنا تثبت أنه بلًّغ وأظهر كلَّ
ما أنزل إليه دون تقية أو كتمان. (تفسير الآلوسي الآية 39 من الأحزاب)، و (المحرر
الوجيز لابن عطيةالآية 28 من سورة النساء).
• هذه الآية من سورة
المائدة - التي هي آخر ما نزل من سور القرآن - من أهم مقاصدها قطع تخرُّص من قد
يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبقى شيئاً لم يُبلِّغْه، أو أنه خصَّ
بعض الناس بإبلاغ شيء من الوحي لم يُبلِّغْه للناس عامة. فهي أقطع آية لإبطال قول
الرافضة بأن القرآن أكثر مما هو عليه في المصحف الذي جمعه أبو بكر ونسخه عثمان
[رضي الله عنهما] وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختص كثيراً من القرآن علياً
بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأنه ورَّثه أبناءَه، وأنه يبلُغ حمل بعير، وأنه
اليوم عند الإمام المعصوم «المهدي المنتظر». (راجع ابن عاشور- التحرير والتنوير).
• كتمان بعض البلاغ إغفالاً
له، أو استهانةً به، يساوي ترك الجميع لقوله - تعالى -: {وَإن
لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}. ومعنى ترتب هذا الجواب
على ذلك الشرط، أنك إن لم تبلغ جميع ما أنزل الله إليك فتركت بعضه، لكنت كمن لم
يبلَّغ الرسالة؛ لأن كتمان البعــض كتمــان للجميــع، ولأن المكتــوم لا يُدرى أن
يكون في كتمانه ذهاب فوائد ما وقع التبليغ به. (ابن عاشور – التحرير والتنوير).
• هذه الأوهام الشيعية في
كتمان الرسول بعضَ ما أنزل إليه، ألـمَّت مبكراً ببعض أنفس المتشيعين إلى علي –
رضي الله عنه - في مدة حياته، فدعا ذلك البعضَ إلى سؤاله عن ذلك فقال: (هل عندكم
شيء من الوحي مما ليس من القرآن، فقال: «لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! إلا
فهماً يعطيه الله رجلاً من القرآن، وما في هذه الصحيفة» قال: وما في هذه الصحيفة؟
قال: «العقل وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر»[7]).
وقد نفت عائشة - رضي الله عنها - هذا الزعم والوهم، مستدلة بهذه
الآية، فقالت لمسروق - في الحديث الذي رواه البخاري عنها -: (من حدثك أن محمداً قد
كتم شيئاً مما أُنزل عليه فقد كذب، والله يقول: {يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ})... الحديث[8].
• في الآية أيضاً ردٌّ على
الصوفية الذين يزعمون أن للدين ظاهراً هو الشريعة التي يجب إظهارها، وباطناً هو
الحقيقة التي يجب إخفاؤها، وهو ما يسمونه (علم الأسرار) فهو إن كان علماً فلا يجوز
إخفاؤه، وإذا لم يكن علماً فلا يجوز اعتماده. وإن العلم لا يهلك حتى تكون سراً كما
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
• ولنا أن نقول: يستفاد من
الآية أيضاً إبطال قول منافقي العصر، من العلمانيين (ليبراليين ويساريين) بأن
الدين تؤخَذ منه العقائد لا التشريعات، وأن العقائد هي أمور روحية بين المخلوق
والخالق، لا علاقة لها بواقع الحياة. فالإنسان يشرِّع لنفسه في زعمهم، وأنه لا
سياسة في الدين ولا دين في السياسة، والآية تبطل كل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه
وسلم أُمِر بتبليغ الدين كله (عقيدة وشريعة) ليُعمَل به كلِّه دون إغفال أو إهمال
أو تبعيض، فتعطيل الشريعة إضاعة للعقيدة، كما قال - سبحانه -: {فَلا
وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:
65].
{وَاللَّهُ
يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}
• لما كانت الرسالة بلاغاً
لكل الناس بالحق، وكشفاً لكلِّ باطل مما عليه أنواع الكفرة، كَثُر أعداء الرسول
وأعداء الرسالة من المستفيدين ببقاء الناس على الضلالة. ولهذا طمأن الله رسوله صلى
الله عليه وسلم وأمَّنه من أن يناله مكروه من أعدائه الكُثُر يتوقف بسببه اكتمال
البلاغ {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؛ أي: لا تتوقف عن البلاغ
مخافة أحد منهم مهما كانت كثرتهم وقوتهم. (الجواهر الحسان للثعالبي).
• في هذا الجزء من الآية
معجزة ظاهرة من معجزات القرآن ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث تحقق وعد
الله له بالعصمة من القتل والهلاك قبل إتمام البلاغ رغم كثرة الأعداء وتتابع
الحروب والمحن. (البحر المحيط للواحدي).
• في الآية إشارة إلى
المبلِّغين رسالات الله، ألا يخشوا أحداً إلا الله، وفيها بشارة لهم بأن الله
ينتقم من أعدائهم، ويُضِل سعيهم في إيقاف دعوتهم. كما فعل الله بأعداء الرسول صلى
الله عليه وسلم، وأن من امتثل لأمر الخالق يعصمه الله من شر المخلوق. (تفسير حقي).
وقد قال الشوكاني في هذا المعنى عند تفسيره للآية: «وهكذا من سبقت له
العناية من علماء هذه الأمة، يعصمه الله من الناس، إن قام ببيان حجج الله وإيضاح
براهينه، وصرخ بين ظهراني من ضاد الله وعانده ولم يمتثل لشرعه، من طوائف المبتدعة،
وقد رأينا من هذا في أنفسنا وسمعناه في غيرنا، ما يزيد المؤمن إيماناً وصلابة في
دين الله، وشدة شكيمة في القيام بحجة الله، وكل ما يظنه متزلزلوا الأقدام ومضطربوا
العقول من نزول الضرر بهم وحصول المحن عليهم، فهو خيالات مختلة، وتوهمات باطلة،
فإن كل محنة في الظاهر، هي منحة في الحقيقة، وأنها لا تأتي إلا بخير في الأولى
والأخرى».
• ضمان العصمة للرسول صلى
الله عليه وسلم كان منصرفاً إلى المنع من القتل أو الأسر، وهي عصمة مقترنة بأداء
البلاغ. وخوف الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن من القتل لذاته؛ لأنه شهادة في
سبيل الله تُرجى وتُغتَنم، لكنَّ هَمَّ الرسول صلى الله عليه وسلم وخوفَه كان مما
يمكن أن يحصل بسبب القتل، وهو تعطُّل اكتمال إبلاغ الهدى للناس، وهذا ما كان يخشاه
صلى الله عليه وسلم منذ بدء الرسالة؛ حتى إنه كان يقول: من يؤويني؟ من ينصرني حتى
أبلِّغ رسالة ربي وله الجنة[9]. (ابن عاشور –
التحرير والتنوير).
• الوعد بالعصمة من القتل
تكرر في مراحل سابقة عن وقت نزول آية المائدة {وَاللَّهُ
يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، كما في قوله - تعالى -: {إنَّا
كَفَيْنَاكَ الْـمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]، وقوله {فَسَيَكْفِيكَهُمُ
اللَّهُ} [البقرة: 137]؛ فآية المائدة على هذا
تثبيت للوعد وإدامة له، ودليل صدق لذلك الوعد وتحقُّقه مهما تغيرت صروف الزمن
وتعددت صنوف الأعداء. وهذا ما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوال المرحلة
المكية والمرحلة المدنية. (ابن عاشور - التحرير والتنوير).
• ارتبطت العصمة من القتل
باستمرار البلاغ، ولما انتهى أداء هذا البلاغ بقول الله - تعالى - : {الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الإسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3]. شاء الله - تعالى - أن
يكتب لنبيه صلى الله عليه وسلم أجر الشهداء، فيموت على فراشه من أَثَر السم الذي
دسَّته له يهودية في كتف شاة، فمات منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول:
لعائشة - رضي الله عنها - في مرضه الذي توفي فيه: «يا عائشة! ما أزال أجد ألم
الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدتُ انقطاع أبهري من ذلك السُّم)[10]. ولهذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون
أنه – عليه الصلاة والسلام - مات شهيداً. (ابن كثير في تفسير للآية من سورة
البقرة). وانظر هذا المعنى في تفسير ابن عثيمين لقوله - تعالى - {فَفَرِيقًا
كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87]. قال البقاعي في تفسيره
(نظم الدرر) عند هذه الآية: «ولقد وفَّى - سبحانه - بما ضمن. فلما أتم الدين وأرغم
أنوف المشركين، أنفذ فيه السُمَّ الذي تناوله بخيبر قبل سنيين، فتوفاه شهيداً كما
أحياه سعيداً».
• ترك التبليغ يأتي لسببين:
أحدهما: الخوف من القتل أو الأسر، والثاني: الخوف من عدم حصول ثمرة ذلك البلاغ،
فأجــاب النظم الكريم في سياق تلك الآيات عن الأول بقوله - تعالى -: {وَاللَّهُ
يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، وأجاب عن الثاني بقوله بعدها: {إنَّ
اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}؛ أي: ليست عليك ثمرة
البلاغ؛ إنما عليك واجب البلاغ في ذاته، ولو لم توجد ثمرته. (البقاعي في نظم
الدرر).
{إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْكَافِرِينَ}
• فيها إشارة إلى أن من حكم
الله القدري؛ أنه لا يهدي قوماً جحدوا نبوة الأنبياء، وردوا رسالة الرسل المبلَّغة
إليهم من ربهم وهذه العبارة {إنَّ اللَّهَ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} من جملة البلاغ الذي أمر الرسول صلى الله عليه
وسلم أن يبلغ به الناس؛ وهو أن الهداية محجوبة قدراً عن الجاحدين، ما داموا غير
مكترثين بالبحث عن الحق، ومعاندين لأهله، أما إذا تجرَّدوا وطلبوا الحق، فتُرجى
هدايتهم لكن على الموحدين أن يتخلصوا من إثم عدم البلاغ. (تفسير حقي).
• الهداية
نوعان: (قدرية) و (شرعية)؛ فالقدرية هي التسديد والتوفيق الإلهي لطريق الهدى ودين
الحق. أما (الشرعية) فهي بيان السبيل للوصول إلى ذلك الطريق، ومن أهل العلم من سمى
الأولى هداية التوفيق والثانية هداية البيان والدلالة. والهداية المنفية هنا عن
القوم الكافرين هي الهداية (القدرية) أو هداية التوفيق، التي يُعاقَب بحجبها أعداء
الرسل المشاقين للحق. أما الهداية الشرعية أو هداية الدلالة فقد أفاض الرسول في
بيان الشريعة الموصلة إليها، فكانت حياته كلها بلاغاً بها، امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن
رَّبِّكَ وَإن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة:
67].
[1]
الحديث أخرجه أحمد في مسنده (2/159) رقم (6486)، والبخاري (4/207) رقم (3461)،
والترمذي (2669)، وأبو داود (3674).
[2]
نظراً لتعدد طبعات كتب التفسير، ولتعذُّر الحصول على بعضها إلا في نسخة إلكترونية،
غير مطابقة في صفحاتها للمطبوع، فسأكتفي في هذه الحلقات بإذن الله بالإحالة إلى
اسم السورة ورقم الآية من كل تفسير، دون رقم الجزء والصفحة؛ حيث يسهل الرجوع إلى
الموضوع المشار إليه من خلال اسم السورة ورقم الآية فقط.
[3]
أخرجه أبو داود، رقم (4604) وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم (2643).
[4]
صحيح مسلم، رقم (1218).
[5]
مختصر الصواعق المرسلة: (2/238).
[6]
قصة (يوم غدير خم) مروية في كتب السنة، لكن الشيعة الروافض زادوا فيها وهوَّلوا،
حتى جعلوها أصلاً لمذهبهم في أحقية عليِّ - رضي الله عنه - بالخلافة بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وغاية ما فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم دافع عن علي -
رضي الله عنه - ضد من نالوا منه بسوء الظن، فاتهموه بالبخل والظلم، فغضب النبي صلى
الله عليه وسلم له وقال: (من كنت مولاه، فعلي مولاه). وكانت هذه القصة يوم الثامن
عشر من ذي الحجة، عام حجة الوداع.
[7]
رواه البخاري (4612)، ومسلم (177).
[8]
أخرجه البخاري برقم (111).
[9]
رواه الهيثمي في مجمع الزوائد (6/49) بإسناد رجاله رجال الصحيح.
[10]
أخرجه البخاري برقم (4428).