• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل يُطلُّ أوباما برأسه من جديد؟

خرج أوباما من الحكم وأمريكا مُثْقَلة بملفات خارجية خطيرة وحساسة أهمها سياسة احتواء إيران. لقد نجحت إدارة بوش باستغلال إيران وتوظيفها في احتلال أفغانستان والعراق وتعويم نظام الأسد

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه، وبعد:

من اللافت للنظر تواري أوباما عن الساحة أيام حكم ترامب، ويكون ذِكره غالباً ضمن تعريض ترامب بفشل سياسات الديمقراطيين، ولكن اختيار بايدن الطاعن في السن مرشحاً للحزب الديمقراطي دفع بأوباما إلى الواجهة السياسية مدافعاً عن بايدن ومهاجماً شرساً لترامب بما يملكه من قدرات خطابية، وذلك في المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية.

ثم عزز ذلك الحضورَ بنشر مذكَّراته قبيل الإعلان المرتقب لفوز بايدن، وذلك لهدفين أساسيين: الأول مادي، والثاني محاولة لحجز مقعد ضمن القوى الفاعلة في رسم سياسة أمريكا في المرحلة القادمة. ولذا نحتاج إلى دراسة متأنية وحذرة لفترة حكم أوباما ومذكراته، ومحاولة تقويم قدرات أوباما ومدى تأثيره المحتمل على تعاطي الإدارة المقبلة مع كافة الملفات العالمية التي زادت تعقيداً وتشابكاً بحيث يستحيل على رئيسٍ هرمٍ التعاطي معها بصورة صحيحة. ولذا يُتوقَّع أن ُتدار أمريكا بواسطة إدارة منقسمة على شكل أجنحة تتنافس على توجيه الرئيس. وقد تتمثل هذه القوى بقيادات الأجهزة الحساسة مثل الخارجية والدفاع والاستخبارات والأمن القومي. وإذا دخلت البلاد باضطرابات داخلية فيعني ذلك تنامي دور المباحث الفيدرالية ووزارة الداخلية وسيفقد الناس الرئيس القوي المندفع الذي يقيل المسؤولين الكبار حتى وزراء الخارجية والدفاع بتغريدات التويتر، وسنشهد عندها ما يمكن تسميته بـ (مراكز القوى).

لقد أوضح جو بايدن في تصريحه الانتخابي أن الأولوية بالنسبة له هي إصلاح ما أفسده ترامب من فشل النظام الصحي في مواجهة جائحة كورونا، وتنامي التوتر والانقسام داخل المجتمع الأمريكي، ويضاف إلى ذلك ترميم السياسة الخارجية وإعادة الدفء للعلاقة مع الدول الأوروبية وحل المشكلات بين دول حلف الناتو المهدَّد بالتفكك والانهيار، ولكن الأهم بالنسبة لنا هو تعامل إدارة بايدن مع بؤر التوتر في العالم الإسلامي، وكيف ستتصرف الإدارة الجديدة في ظل تنامي التنافس الدولي على النفوذ الذي يذكِّرنا بمرحلة الحرب الباردة؛ فهل سنشهد توازن رعبٍ بين الكبار، وعودة انتشار الحروب بالوكالة، وانتهاء عصر تفرُّد أمريكا وحروبها المباشرة وغزواتها لدول العالم الضعيفة كما في هاييتي وبنما والصومال وأفغانستان والعراق هذه الحروب التي هي أقرب لاستعراض العضلات، وهو ما لا يمكن تكراره حالياً مع وجود دول صاعدة ومنافسة تتحين الفرص لإغراق أمريكا في الوحول.

لقد تبيَّن أن وصـول أوباما إلى الحكم يقصد به الالتفاف على حالة الغضب والحقد المتولدة من جرائم أمريكا في أفغانستان والعراق، ومن يستمع إلى خطابه في جامعة القاهرة ويقارنه بممارسات إدارته يكتشف بسهولة كم كانت الجُمَل المنمَّقة تخفي وراءها حقيقة أنهم يبيعون الكلام والوهم للشعوب المطحونة التي يتوقعون أنها عاطفية بلهاء!

خرج أوباما من الحكم وأمريكا مُثْقَلة بملفات خارجية خطيرة وحساسة أهمها سياسة احتواء إيران. لقد نجحت إدارة بوش باستغلال إيران وتوظيفها في احتلال أفغانستان والعراق وتعويم نظام الأسد، إلا أن إحساس أمريكا بأن إيران تحقق مكاسب خاصة بها خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن دفع الأمريكان إلى إنزال الملف النووي من الرف وفَرْض سلسلة عقوبات وحصار لمنع إيران من التمـرد. ولكن أوباما غيَّـر الدفة إلى التودد وفوجئ العالم والدول المحيطة بإيران بتوقيع اتفاق مسقط بين أمريكا وإيران الذي يتم بموجبه تخفيف العقوبات والإفراج عن ودائع إيران المجمدة منذ إسقاط الشاه؛ وما يعنيه ذلك من دعمٍ وتقويةٍ للنفوذ الإيراني في المنطقة وإعادة حرارة التنسيق الأمريكي الإيراني مع تصاعد عمليات تهجير أهل السنة من العراق وسوريا ومحاولة ملء الفراغ بشيعة جُلِبوا من إيران والعراق وأفغانستان وباكستان (وهو ما يتباكى عليه أوباما في مذكراته!).

ما من شكٍّ أن العلاقات الأمريكية الإيرانية مقبلة على مرحلة تنسيق عالي المستوى؛ فحرب ناغورنو كارباخ كشفت ضعف التأثير الغربي والحاجة الماسة لحليفٍ موثوقٍ به في المنطقة، ولا يوجد سوى إيران التي يمكن أن تخدمهم بإخلاص لمواجهة بوادر تشكل تحالف الدول التركية في وسط آسيا وغربها الذي يحظى بترحيب روسي كبير بسبب حاجة الروس الماسة أيضاً لِـمَا يساعد في الحد من النفوذ الغربي والصيني في المنطقة.

إن ما ينبغي على دول المنطقة أن تضعه في حسابها أن أمريكا ستحاول في المرحلة المقبلة كسب ثقة إيران؛ وهو ما يحتم إعادة تقويم شاملة للسياسات وخريطة التحالفات؛ خاصة أن أمريكا ما زالت منشغلة بالملف الثاني الذي طرح في عهد أوباما وهو كيفية استمرار السيطرة على المنطقة العربية في ظل ما يسمى بـ (الربيع العربي)، ويتبين من تصرفات الإدارات الأمريكية المتعاقبة أن كلَّ شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية تتبخر ويبقى الشيء الأهم في الحاكم، وهي القدرة على خدمة مصالح أمريكا.

من مذكرات أوباما حول مصر في تلك الفترة وحواراته المتكررة مع حسني مبارك يتبين أن خدمات مبارك الجليلة طيلة ثلاثين عاماً لم تشفع له بل طُلِب منه التنحي لترتيب تسليم السلطة لمعارضة غير إسلامية. ويُصدَم المطَّلع بحقيقةِ أن أوباما كان يتصرف كأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن مبارك كان مجرد واجهة للحفاظ على المصالح الأمريكية، ولذا فإن لأمريكا يداً في كل الأحداث التي عصفت بالمنطقة، وكان النجاح الظاهري في التحكم بمصر دافعاً لتكرار الأمر في تركيا في سلسلة طويلة من محاولات إسقاط النظام التي توِّجت بانكشاف دور أمريكا بالانقلاب وإرسال أوباما نائبه بايدن للاعتذار. ومع عدم نجاح تلك الزيارة بالإضافة إلى تورط بايدن بتصريحات انتخابية في مقابلة متلفزة قديمة نسبياً حول نيته العمل على إسقاط (الدكتاتور التركي أردوغان)؛ فإن العلاقات ستبقى متوترة يسودها مناخُ عدم الثقة في كل الملفات المشتركة، وما لم ينفِّذ بايدن وعده الانتخابي سريعاً - وهو ما يبدو بعيد المنال - فإنه يتوجب على أمريكا تقديم كثير من التنازلات لإقناع تركيا بالتعاون؛ خاصة مع وجود المنافس الروسي الذي يسعى لإقناع تركيا بفائدة التعامل معه كما حصل في سوريا وجنوب القوقاز (أذربيجان، وأرمينيا) وليبيا، ولذلك نجد أن أمريكا تحاول تجنب الاحتكاك المباشر مع تركيا في شمال سوريا والعراق وشرق المتوسط وليبيا والقوقاز، وبدلاً من ذلك نجد أن فرنسا تتصدر المواجهة وتقودها، والخطورة في ذلك أن فرنسا المنهكة المأزومة التي تتخبط في محاولة الحفاظ على إرثها الاستعماري بقيادة رئيس شابٍّ عديم الخبرة خلط الملفات وعجنها واختلطت عليه الأمور؛ فصرَّح أن الإسلام يمر بأزمة، وحذَّر من الميول الانفصالية عند المسلمين في فرنسا، وأصبح ما يدعيه من (مُثُلٍ) فرنسية تتمحور حول إجبار المسلم على تقبُّل الإساءة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبدأ تعريض الأطفال المسلمين في المدارس للإذلال بالإساءة المتعمدة لمن تجب عليهم محبته وإجلاله صلى الله عليه وسلم ، وقيام الشرطة باعتقال الأطفال الممتعضين والتحقيق مع أهاليهم وتهديدهم في صورٍ تذكِّر بمحاكم التفتيش! ومن الواضح أن دوافع هذه التصرفات المنكرة هو كسب تأييد اليمين المتطرف وجسُّ ردة فعل المسلمين ومن ثَمَّ محاولة نشر هذه السياسات في أوروبا وتعميمها، ولا ننسى أن ظاهرة منع الحجاب بدأت في فرنسا.

إنَّ كَسْب ماكرون لليمين المتطرف لهدف انتخابي قريب المدى سيكون ثمنه غالياً؛ فمـع دخول فرنسا في مهمة متابعة المشاريع الاستعمارية القديمة ومن أهمها دويلات الأقليات التي تمر بأزمات خانقة سواء منها ما هو قائم كأرمينيا ودولة النصيرية في الشام أم التي في طور التكوين مثل كردستان الكبرى، يضاف إلى ذلك هَمُّ الحفاظ على النفوذ والمصالح في المستعمرات السابقة في إفريقيا، وهو ما كان يقتضي من ماكرون أكثر من خطاب أوباما التاريخي في القاهرة، ولكنها العنجهية وسوء التدبير وقبل ذلك قلة التوفيق؛ فهو كمن يثير الغبار الكثيف أمامه عند المسير! إن فرنسا مقبلة على نكسة خطيرة؛ فسياسة الاستهانة بالمسلمين واستعدائهم والتعرض لنبيهم صلى الله عليه وسلم  ستكون أهم عوامل انهيار الدور الفرنسي بل خروجه من دائرة التأثير؛ ذلك أنها غير قادرة وحدها على مواجهة التهديدات الجدية لمناطق السيطرة الفرنسية في وسط إفريقيا وشمالها وغربها من قِبَل كلٍّ من تركيا وروسيا والصين التي تتنافس فيما بينها على تحقيق المكاسب على حساب الفرنسيين. وهو وضع خطير يزيد من خطورته أن اضطهاد المسلمين المقيمين في فرنسا ومحاربة هويتهم وثقافتهم سيكون له انعكاس حتمي على التيار الفرنكوفوني المتنفذ بل المتنمر داخل كل البلدان الإفريقية المفرنسة، ولا شك أن المرحلة القادمة ستشهد موجة رفض شعبي للثقافة الفرنسية المسيطرة مصحوبة بنشاطات سياسية واقتصادية بل عسكرية من قبل الدول الراغبة في إزاحة فرنسا وتصفية مصالحها في المنطقة، وسيكون حرمان فرنسا مما تمارسه حالياً من النهب الإجرامي لثروات البلدان مثل غاز الجزائر وذهب مالي ويورانيوم تشاد والنيجر؛ عاملاً في تقزُّمٍ فرنسيٍّ جديدٍ، والكارثة الغربية في هذا الأمر أن الهزيمة الفرنسية ستدفع أمريكا إلى ملء الفراغ والتصدي للقادمين الجدد، وقد يؤدي ذلك إلى تورطها بصراع مسلح يتحول إلى مستنقع يعيد إلى الذاكرة ما عانته أمريكا وما زالت من آثار هزيمة فرنسا المنكرة في فيتنام وانسحابها المذِل من هناك، وهو الذي دفع أمريكا آنذاك إلى الدخول بدلاً منها.

يجدر بنا في هذا المقام أن نعطي لمحة موجزة عن مسار تصفية النفوذ الفرنسي فيما كان يسمى بالهند الصينية (فيتنام، ولاوس، وكمبوديا) التي جثم عليها الاستعمار الفرنسي وفرنسها بل تكونت طبقة جديدة في فيتنام فرنسية الثقافة نصرانية الديانة يحكمون من خلالهم، ومع ذلك فقد كان احتلال الألمان لفرنسا واليابان لفيتنام أثناء الحرب العالمية الثانية عاملاً مهمّاً في بروز حركات مقاومة عسكرية للوجود الياباني دعمها الغرب والروس؛ ولذا فإن انسحاب اليابان وعودة الفرنسيين الذين لم يتقبلـوا تغيُّر الأوضاع المحلية والعالمية وعاندوا الواقع ودخلوا في صراع مرير توِّج بهزيمةٍ عسكريةٍ مدويةٍ في معركة ديان بيان فو (1954م)، وهي قاعدة فرنسية متقدمة لحماية جنوب فيتنام، وكان خروج الفرنسيين متزامناً مع دخول الأمريكيين. ومع أن هناك حكومة موالية للغرب في الجنوب فقد بدأ الوجود الأمريكي يتزايد باضطراد، ولَـمَّا أصبح النفوذ الأمريكي كافياً قامت أمريكا بالخطوة التي اعتادت على ممارستها كثيراً حول العالم وهي إسقاط الأنظمة الديمقراطية أو لنسمِّها البرلمانية، وتستبدل بها نُظُماً عسكرية متوحشة بدعوى أنها الأقدر على مواجهة مدِّ الحركات التحررية! والحقيقة أنها طبيعة الشخصية الأمريكية التي لا تعرف الدبلوماسية وإنما سياسة الإملاءات؛ وهو ما يكون أكثر سلاسة وقبولاً من شخصيات عسكرية اعتادت على السمع والطاعة وتقبُّل الأوامر وتوصيلها لمن دونهم؛ ولذا فقد شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية وبروز أمريكا قوة عالمية سلسلةً طويلةً من الانقلابات العسكرية، نالت منها أمريكا الوسطى والجنوبية نصيب الأسد، وفي منطقتنا كانت أمريكا وراء إدخال سوريا بنفق الانقلابات العسكرية بانقلاب حسني الزعيم، وكذلك بانقلاب جمال عبد الناصر في مصر، ومن يصدق أن إسقاط الـمَلَكية في العـراق كان على يد الإنجليز، وأسقطت أمريكا مصدق رئيس وزراء إيران المنتخب بانقلاب عسكري، وكذلك رئيس وزراء تركيا المنتخب عدنان مندريس الذي انقلبت عليـه عصابة من عسكر أمريكا وأعدموه... وغير ذلك كثير.

وبالعودة إلى فيتنام فمع رغبة أطراف في الإدارة الأمريكية بتوسيع الحرب وزيادة الوجود العسكري الأمريكي؛ كان لا بد من تحطيم النظام البرلماني الفاسد في فيتنام الجنوبية التي تحكمها مجموعات أسرية تدين بالنصرانية خلافاً لديانة الغالبية وهي البوذية. ففي شهر نوفمبر عام 1963م قام جنرالات بانقلاب عسكري على رئيس وزراء فيتنام الجنوبية ديم وقتلوه مع شقيقه، وذلك قبل أسبوعين من اغتيال الرئيس الأمريكي وقتها جون كيندي، وكانت بداية التدخل العسكري الأمريكي الواسع في عهد خليفته جونسون. ومع تزايد عدد القوات الذي تعدَّى نصف مليون عسكري، وشراسة الحرب، وبدعوى إيقاف طريق إمدادات العدو الذي يمر من كمبوديا الدولة الملكية المسالمة المحايدة والعاجزة عن منع الطرفين، قامت أمريكا بتدبير انقلاب عسكري تمكنت به من إبعاد الملك نوردوم سيهانوك عام 1970م، وبالطبع دخل البلد في بؤرة الصراع تحت حكم عسكر أمريكا الكمبوديين الذين تمَّت إزاحتهم على يد حمر الصين الكمبوديين. وبالمحصلة كان الثمن الفادح الذي دفعته أمريكا للخروج الآمن من فيتنام هو التفاهم مع الصين وفك الحصار عنها. وفي الوقت الحالي تمثل الصين الخطر الإستراتيجي الأول ضد أمريكا؛ فهل ستشهد الفترة القادمة إعادةً لمشهد الهند الصينية في إفريقيا وسيورِّط الفشل الفرنسي أمريكا من جديد في صراع أكثر خطورة تكون نتيجته: إما سيطرة أمريكا عسكرياً على المنطقة بتكلفة عالية، وإما تسيطر الأطراف الأخرى على التركة الفرنسية وينعكس الوضع وتتم محاصرة القارة العجوز؟

مما لا شك فيه أن أمريكا تتصرف في المنطقة على أساس انهيار النفوذ الفرنسي؛ إذ عقدت مؤخراً اتفاقيات عسكرية مع البلدان الإفريقية مثل تونس والمغرب والجزائر، وينتشر نحو سبعة آلاف عنصر من القوات الخاصة في مناوبات في إفريقيا للقيام بعمليات مشتركة مع قوات محلية، ويقوم 2000 جندي آخرين بمهمات تدريب في نحو 40 بلداً إفريقياً ويشاركون في عمليات مشتركة مع قوة (برخان) الفرنسية في مالي حيث يوفرون لها المساعدات اللوجستية.

وقد كشفت مجلة (زون ميليتير) الفرنسية المتخصِّصة بالقضايا العسكرية والإستراتيجية عن إنشاء واشنطن ما لا يقل عن 12 قاعدة (سرية) في عدة دول إفريقية تتكتم عن حقيقة وجودها.

ومن اللافت للنظر أن القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، أو ما يُعرَف اختصاراً بـ (أفريكوم)، توجد في مدينة (شتوتغارت) الألمانية، وهي وحدة أُنشِئت في عام 2007م تتكون من قوات مقاتلة موحَّدة تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية.

وفي الختام: يبدو أن الغرب مقبل على خيارات صعبة بسبب تنامي التيارات الشعبوية المصحوبة بممارسات عنصرية تناقض الشعارات التي يتغنى بها دائماً، وما مشروع الأمن الشامل في فرنسا إلا مقدمة لمرحلة قمع يريدونها أن تبقى بعيدة عن الأعين، فالمشكلة لدى عِلْيَة القوم ليست في ممارسة السلطة للعنف بل في تصويره ونشره، وكل الاضطرابات في أمريكا بسبب نشر المقاطع التي كانت تجري سابقاً في الظلام؛ فوداعاً للشعارات الجوفاء، فهي ليست للجميع ولن يُصلِحَ أوباما ما يفسده ماكرون؛ فَلْيعُد كلٌّ إلى مكانه الطبيعي، فلا نابليون الذي لبس الجبة والقفطان وادَّعى الإسلام كان صادقاً ولا التركي المسكين الذي ألبسوه قهراً القبعة والبنطال مدة مئة سنة أصبح أوروبياً.

إن حركة التاريخ التي تسير وَفْقَ سنن إلهية ثابتة لا تتبدل تبشِّر بعصر جديد تتراجع فيه الهيمنة الغربية، ونسأل الله أن يكون للمسلمين مكان في العالم الجديد، وهو أمرٌ وعد الله به عباده؛ فكما أن شاتم ومنتقص الرسول صلى الله عليه وسلم  إلى زوال فإن الساعين إلى الخير والثابتين عليه موعودون بالفلاح في الآخرة والتمكين في الدنيا.

فقوله تعالى: {إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣]، وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْـجَنَّةَ وَلَـمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214] من المبشرات وهي كثيرة ومبثوثة في الكتاب والسنة.

 

أعلى