البيان/متابعات: الاشتباكات التي شهدتها القدس المحتلة الليلة الماضية بين الشرطة الصهيونية ويهود “حريديم” المعارضين للتجنيد الإلزامي لا تعكس مجرد اضطرابات ميدانية، بل تكشف عن أزمة عميقة تمس طبيعة العلاقة بين الدين والدولة في الكيان الصهيوني.
منذ عقود، يشكل الحريديم — الذين يمثلون نحو 13% من سكان الدولة العبرية — حالة استثنائية في البنية المجتمعية، حيث أعفي معظم شبابهم من الخدمة العسكرية بذريعة الدراسة الدينية. لكن قرار المحكمة العليا في يونيو 2024 بفرض التجنيد الإلزامي على هذه الفئة، قلب المعادلة وفتح مواجهة مباشرة بين المؤسسة العلمانية للدولة والمؤسسة الدينية المتشددة.
احتجاجات الحريديم ليست مجرد رد فعل على اعتقال متهربين من الخدمة، بل هي رفض شامل لتغيير مكانتهم الخاصة في المجتمع الصهيوني، التي كانت محمية باتفاقات سياسية طويلة الأمد. فبالنسبة لهم، التجنيد ليس مجرد واجب مدني، بل تهديد مباشر لهويتهم الدينية المغلقة.
في المقابل، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا متزايدة من المعارضة التي تتهمه بمحاولة تمرير قانون خاص يعفي الحريديم من التجنيد مقابل دعمهم السياسي، ما يجعل الملف ورقة مساومة مركزية في المشهد السياسي.