هأرتس: غزة أعادت اليهود إلى التيه والبحث عن وطن الأمان

في تقرير نشرته صحيفة هأرتس العبرية ذكرت أن الكثير من اليهود يغادرون الدولة العبرية منذ إندلاع الحرب على قطاع غزة بحثا عن أماكن أكثر أمانا، واصفة ذلك بأنها "عودة إلى التِّيهِ من جديد".

البيان/صحف: في تقرير نشرته صحيفة هأرتس العبرية ذكرت أن الكثير من اليهود يغادرون الدولة العبرية منذ إندلاع الحرب على قطاع غزة بحثا عن أماكن أكثر أمانا، واصفة ذلك بأنها "عودة إلى التِّيهِ من جديد".

وفي تقرير نُشر تحت عنوان "في إسرائيل وخارجها: اليهود يغادرون منازلهم بحثا عن أماكن أكثر أمانا"، عرضت الصحيفة قصصا لأشخاص تركوا الدولة العبرية؛ إما بسبب الحرب أو بسبب تراجع الديمقراطية.

من بين هؤلاء، إيما ماغن توكتالي، التي لم تفكر سابقا بمغادرة الدولة العبرية. لكن في أغسطس الماضي، قامت هي وزوجها ببيع جميع ممتلكاتهما، واستأجرا شقة في تايلاند قبل أن ينتقلا مع طفليهما للعيش هناك.ووفقا لـ"هآرتس"، فإن الزوجين "لا يعرفان أين سيستقران في المستقبل، ولا ما إذا كانا سيعودان إلى إسرائيل من عدمه".أما درور سدوت (29 عاما)، فغادرت إلى العاصمة الألمانية برلين مع شريكها في نوفمبر.

وتعتبر أن الانتخابات الأخيرة والاحتجاجات ضد الانقلاب القضائي شكلت "نقطة الانهيار" بالنسبة لها.تقول سدوت للصحيفة: "الجميع تظاهر دفاعا عن الديمقراطية دون التطرق إلى الاحتلال. القضايا التي كانت جوهرية لدى اليسار تم تهميشها، والحرب سرعت هذه العملية".وتضيف: "لا أعرف ما سيحدث مستقبلا، لكن إسرائيل لم تعد بيتي الآن".

وشهد العام الماضي، قبل اندلاع الحرب على غزة، مظاهرات حاشدة في إسرائيل احتجاجا على خطة "إصلاح القضاء" التي دفعت بها حكومة بنيامين نتنياهو، والتي تهدف إلى تقليص دور السلطة القضائية لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما وصفته المعارضة بــ"الانقلاب السلطوي".

على الجانب الآخر، هاجر الأمريكي اليهودي جوناثان روغول (48 عاما)، وهو مهندس في إحدى شركات التكنولوجيا الفائقة، من واشنطن في أبريل الماضي إلى الدولة العبرية تضامنا معها بعد الحرب.

ومن منزله الجديد في تل أبيب، يعترف روغول بأنه يشعر بالقلق على مستقبل الديمقراطية في الدولة العبرية، ويشارك في المظاهرات ضد الحكومة ويؤيد إبرام صفقة مع حركة حماس لاستعادة الأسرى المحتجزين في غزة.

وذكرت صحيفة هآرتس: "منذ 7 أكتوبر، غادر عشرات الآلاف من اليهود في إسرائيل وخارجها بحثا عن وطن جديد، على أمل أن يكون أكثر أمانا".

وأوضحت الصحيفة أن الدوافع تتنوع بين الخوف من الحرب، انهيار الديمقراطية، معارضة الحكومة، ارتفاع تكاليف المعيشة، أو الخوف من معاداة السامية، والتضامن مع الدولة العبرية.وأشارت إلى أن يهود القرن الحادي والعشرين قد يعودون إلى حالة التيه مجددا.

يقول إيلان رابيفو (50 عاما) من مدينة رمات هشارون وسط إسرائيل، والذي يدير شركة أسسها والده في أواخر الثمانينات في مجال النقل، لتوفير خدمات النقل وإعادة التوطين لليهود الفرنسيين: "في البداية كان الاتجاه واحدا: إلى إسرائيل، لاحقًا في التسعينيات، بدأت الشركة في تقديم خدمات البحث عن شقق ومساكن بالخارج لليهود الراغبين في مغادرة إسرائيل، إضافة إلى المساعدة في البحث عن مدارس وإصدار التأشيرات.

يضيف رابيفو: “"لقد غادر الناس دائمًا، لكن منذ بدء خطوات الإصلاح القضائي شهدنا زيادة كبيرة في هذا الاتجاه، وازداد الأمر وضوحًا منذ 7 أكتوبر (تاريخ بدء الحرب على غزة)".

وأوضح أنه قبل بضعة أسابيع، قامت شركته بنقل عائلة كبيرة من مدينة كريات موتسكين شمالي الدولة العبرية إلى إسبانيا، شملت ثلاث أجيال: آباء مسنين، أبناء، وأحفاد.

وعبّرت العائلة عن استيائها من الحياة في الدولة العبرية بسبب التدهور السياسي والاقتصادي، وشعرت بأن البلاد لم تعد مناسبة للعلمانيين الليبراليين، وأن الأمور قد تزداد سوءا.

وذكر رابيفو أن هناك زيادة ملحوظة في طلبات المساعدة لإعادة توطين المهاجرين من الدولة العبرية، حيث تشمل هذه الطلبات العديد من العائلات الشابة، خاصة من سكان وسط البلاد وبعض الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الشمال نتيجة الحرب مع "حزب الله".وأضاف: "ساعدت الشركة مجموعة من 30 عائلة، تضم أكثر من 100 شخص، على الانتقال إلى مدينة سالونيك في شمال اليونان".

ويشير إلى أن شركته تتلقى العديد من الاستفسارات من الدولة العبرية يمتلكون جوازات سفر أجنبية ويفكرون في المغادرة، لكنهم لم يتخذوا قرارهم النهائي بعد.

الواقع الذي يصفه رابيفو يتجلى أيضا في البيانات الأخيرة الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية الصهيونية (رسمية)، والتي تكشف عن مغادرة عشرات الآلاف من الصهاينة البلاد خلال السنوات الأخيرة.

ووفقا للبيانات، غادر 42 ألفا و185 صهيونياً بين أكتوبر 2023 ومارس 2024، ولم يعودوا حتى يوليو ، بزيادة قدرها 12بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

أما في أكتوبر 2023، مع اندلاع الحرب، فشهدت الهجرة قفزة دراماتيكية؛ حيث غادر 12 ألفا و300 صهيوني ولم يعودوا بعد؛ ما يمثل زيادة بنسبة 400 بالمئة مقارنة بأكتوبر 2022.

غير أن موجة الهجرة بدأت بالفعل في الصيف السابق للحرب، نتيجة رد الفعل على خطة نتنياهو لإصلاح القضاء.ففي الفترة من يوليو إلى أكتوبر 2023، غادر 34 ألفا و500 صهيوني ولم يعودوا حتى نهاية مايو 2024، وهو ضعف العدد مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022.

وبحسب المحامي ليام شوارتز، رئيس قسم إعادة التوطين في إحدى شركات الهجرة، شهد مكتبه منذ اندلاع الحرب زيادة بنسبة تقارب 40 بالمئة في الطلبات المقدمة للحصول على المساعدة في إصدار تأشيرات إعادة التوطين في الولايات المتحدة، خاصة من موظفي الشركات التجارية.

وقال شوارتز، لصحيفة هآرتس: "هناك شركات تعمل في مجالات الإلكترونيات والتكنولوجيا الفائقة تغادر إسرائيل نظرًا للاعتبارات الأمنية. يدركون أنه إذا اندلعت الحرب في الشمال أيضًا، سيتعين عليهم نقل أقسام كاملة".وأضاف: "شركات أخرى تتعرض لضغوط متزايدة من موظفيها الذين يرغبون في الانتقال إلى الخارج ولا يرغبون في العودة".

وأوضح شوارتز أن مكتبه تلقى عشرات الطلبات من موظفين على مستويات وظيفية مختلفة يسعون للإقامة في الولايات المتحدة، حيث تعامل المكتب مع مئات طلبات النقل منذ أكتوبر، وهو أعلى رقم شهده منذ سنوات.

من جانبه، ذكر آشر توريئيل، المحاسب المتخصص في ضرائب الهجرة بالدولة العبرية، أن العديد من الصهاينة بدؤوا منذ أكتوبر في طلب المشورة بشأن تحويل أموالهم إلى الخارج، بما في ذلك صناديق الاستثمار والمعاشات التقاعدية، مؤكدا أن "التغيير ملحوظ للغاية".

 

أعلى