• - الموافق2024/09/04م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل أصبحت السودان مستنقع للصراعات الإقليمية؟!

لا ينحصر الصراع الدائر في السودان منذ السبت، بين قوتين عسكريتين بقيادة عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)

 

البيان/فرانس برس: لا ينحصر الصراع الدائر في السودان منذ السبت، بين قوتين عسكريتين بقيادة عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، بل ويحاول كل طرف استخدام شبكة حلفاء نسجها خلال الأعوام الماضية من سياسيين واقتصاديين ودبلوماسيين للحصول على دعم.

ولطالما اجتذب موقع السودان الاستراتيجي المطلّ على البحر الأحمر وثراء موارده الطبيعية الساعين إلى كسب وتقوية مصالح أو نفوذ في المنطقة، ويعتبر السودان ثالث منتج للذهب في أفريقيا. وتأتي الاستثمارات الروسية والإماراتية من بين الأمثلة على ذلك، إذ يستثمر البلدان في قطاع الموانئ، وفي التعدين والذهب، الذي تسيطر عليه بشكل كبير قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.ويملك حميدتي ورقة اقتصادية قوية، إذ تدير قواته، وفق مركز أبحاث المجلس الأوروبي حول العلاقات الخارجية، العديد من مناجم الذهب في البلاد.

وتؤكد الولايات المتحدة أن قوات "فاغنر" وهي الذراع المسلح لروسيا في دول أفريقية عديدة، وتعمل في السودان التي تتواجد فيها منذ 2017 مع قوات الدعم السريع في تلك المناجم للاستحواذ على مواردها. و"كانت قوات فاغنر تعمل في السودان بعيدا عن الأضواء لأن حاجة البلاد إلى مساعدة أمنية كانت أقل مما هي عليه في مالي أو جمهورية أفريقيا الوسطى" حسب المؤرخ الفرنسي والباحث في معهد العلوم السياسية بباريس رولان مارشال.

وتعد الإمارات أكبر مشتر للذهب المنتج بشكل رسمي في السودان. على الرغم من هذه الروابط بين الإمارات وحميدتي، يقول خبير في الشأن الخليجي فضل التحفظ على هويته، إن أفضل وصف لموقف أبو ظبي في النزاع هو "البراغماتية التي تصل إلى مستوى اللامبالاة". ويضيف لوكالة الأنباء الفرنسية "إذا استمرت الحرب، فهذا ليس بالضرورة أمرا سيئا من وجهة نظر روسية أو إماراتية". وِيشير إلى أن الوضع الحالي "يتيح لدولة الإمارات الاحتفاظ بنفوذها، وهو ما قد لا يكون متاحا في ظل وجود سلطة ذات هيكلية واضحة وجيش لا منازع له".

ويقول الباحث بمعهد "ريفت فالي" إريك ريفز لوكالة الأنباء الفرنسية "البرهان وحميدتي حاربا الحوثيين"، في إشارة إلى إرسالهما قوات للمشاركة في قوات التحالف العربي الداعم للحكومة في اليمن عام 2015 واستخدام القائدين العسكريين مشاركتهما لتعزيز صورتهما في المنطقة. لكنه يرى أن دول الخليج من جهتها "ستختار المنتصر، وسوف تنتظر لذلك حتى تتضح الصورة تماما".

وجه حميدتي الشكر لإيطاليا خلال مقابلة تلفزيونية بعد نحو عام من انقلاب 2021، باعتبارها الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تعاونت مع قواته لمدة عامين في "التدريب من الناحية الفنية". وقد يكون اهتمام إيطاليا هذا متصلا بنشأة حميدتي في إقليم دارفور في غرب البلاد المتاخم لدولتي ليبيا وتشاد، وهو يملك نفوذا واسعا في المنطقة، ما يتيح إمكانية التعاون معه في محاولة الحد من الهجرة غير القانونية عبر البحر المتوسط نحو إيطاليا ودول أوروبية أخرى. ويرى ريفز أن حميدتي قد يحاول "استغلال علاقته بتشاد وسلطته في دارفور لتأمين خط إمداد" لقواته في الصراع الحالي.

في المقابل، قد يعول البرهان على دعم دولي منبثق من تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، على ما أشارت وسائل إعلام صهيونية. وعقب انضمامه إلى "اتفاقات أبراهام"، حصل السودان على مساعدات مالية أمريكية تلت سنوات طويلة ظل فيها على لائحة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب ومعزولا من جانب المجتمع الدولي.

وقد تكون هناك ورقة أخرى مصرية في يد البرهان الذي تخرج من الكلية الحربية المصرية، ويمكن أن يسعى للحصول على دعم القاهرة، الجار الكبير المؤثر. وتقول الباحثة بمعهد الشرق الأوسط ميريت مبروك إن بين مصر والسودان "حدودا بطول 1200 كلم، ونهرا مشتركا، ومخاوف أمنية متبادلة". وتتابع "كانت هناك بالفعل تداعيات على مصر"، جراء الصراع الدائر عندما "أسرت" قوات الدعم السريع عددا من الجنود المصريين كانوا في تدريب مشترك مع القوات السودانية في قاعدة مروي في شمال البلاد.

بالنسبة للباحث المتخصص في شؤون السودان بجامعة السوربون كليمان دييه "يبدو أن وجود الجنود المصريين في مروي كان القشة التي قصمت ظهر البعير". ويوضح لوكالة الأنباء الفرنسية أن "حميدتي شعر بالتهديد من مصر"، لا سيما بعد أن استضافت القاهرة قبل أسابيع حوارا بين سياسيين مؤيدين للجيش.

ولإستيعاب الموقف الغربي من الأزمة في السودان، فإن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لم يصدر عنهما أي مواقف رسمية تشي بالإعتراف بالطرف الشريعي في هذه الحرب وهو القوات المسلحة السودانية التي أعلنت عن حل مليشيات الدعم السريع وإعتبارها مليشيا متمردة حذرت من التعامل معها أو دعمها، فقد أجرت واشنطن إتصالات رسمية مع حميدتي وكذلك الأمر بالنسبة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإعتباره طرفاً في الصراع لا يمكن التخلي عنه في المعادلة السياسية السودانية وهذا الأمر يمكن تفسيره على أنه حصانة دولية لقائد مليشيات متمرد.

 

أعلى