هل تطيح احداث البصرة بحكومة العبادي

هل تطيح احداث البصرة بحكومة العبادي


فشلت الحكومات المتعاقبة في حل المشاكل الاقتصادية وتحسين مستوى العيش في العراق فمثل ذلك وقودا للحراك الاجتماعي وحركة الاحتجاج المستمرة حتى داخل المناطق الشيعية والتي تبناها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

فقد انطلقت في 3 أيلول / سبتمبر احتجاجات واسعة النطاق في البصرة على إثر تسمم آلاف الأشخاص من جراء تلوث مياه الشرب ومطالبات بتحسين واقع الخدمات العامة وخصوصاً الماء والكهرباء أسفرت عن سقوط  أكثر من 10 قتلى وما يزيد عن 67 جريحا مما زاد من وتيرة الاحتجاجات في البصرة.

وعمت المظاهرات مدنا كثيرة في جنوب العراق الى جانب البصرة  بعد الانقطاعات المستمرة للكهرباء خلال أشهر الصيف الحارة وبسبب عدم توافر فرص العمل والافتقار للخدمات الحكومية الملائمة واشتبك مئات المحتجين مع قوات الأمن في البصرة أثناء محاولتهم اقتحام مقر الإدارة المحلية.

وتطورت الاحتجاجات حيث طال غضب المتظاهرين القنصلية الايرانية وأقدموا على حرق أعلام ايران وصور رموزها كما أضرم المحتجون النيران في عدد من مقار الأحزاب والميليشيات الموالية في غالبيتها لطهران وفي مقدمتها مقرات حزب الدعوة الإسلامية الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة  حيدر العبادي ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومقرات فصائل الحشد الشعبي ومنظمة بدر التي يتزعمها رئيس تحالف الفتح هادي العامري وأحد القصور الرئاسية وسط المدينة كما تسللوا إلى أراضي حقل غرب القرنة 2 النفطي الواقع بالقرب من المدينة واشتبكوا مع رجال الشرطة هناك.

وطالب المتظاهرون العبادي بالاستقالة من منصبه كما طالبت القائمتان الرئيسيتان اللتان فازتا في الانتخابات التشريعية التي جرت في أيار/ مايو 2017 في أعقاب جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة الأزمة القائمة في البصرة باستقالة حكومة العبادي والاعتذار للشعب العراقي وأجمعوا على أن حكومة العبدي قصرت وفشلت في ادارة أزمة البصرة.

من جهتها عززت وزارة الداخلية بأوامر من العبادي تواجدها العسكري في محافظة البصرة ومحافظات جنوبية أخرى لإلقاء القبض على المتهمين بإحداث أعمال العُنف الأخيرة في البصرة كما خول القوات الأمنية التعامل بحزم مع أعمال الشغب التي ترافق التظاهرات في محافظة البصرة.

إن الازمات التي تعصف وما زالت بالعراق تؤكد بما لا يدع مجالا للشك على أن الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق فشلت في تحقيق أدنى متطلبات الحياة الاساسية للشعب العراقي الذي ما زال ينهشه الفقر  وسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وانتشار للجهل وتدني خدمات التعليم والبنى التحتية وتدلل على عدة جوانب أهمها:

-       عدم الاستقرار داخل المدن العراقية واندلاع الاحتجاجات بين الفترة والاخرى يؤكد أن مطالب أهل العراق المستمرة و المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي  لم تجد لها أذان صاغية.

-       معظم الحكومات تعاقبت على حكم العراق لم تستجب للمطالب الشعبية وبقيت الممارسة السياسية نخبوية واستغلت أطراف عدة نظام المحاصصة الطائفية لتكريس نفوذها مما ولّد سخطا مجتمعيا كبيرا تجسده الاحتجاجات الأخيرة وما قبلها.

-       استشراء الفساد داخل الحكومات العراقية المتعاقبة بشكل كبير أهم أسباب الاحتجاجات المستمرة حيث تشير بعض الأرقام التي نشرتها هيئة النزاهة إلى أن أكثر من ألف مليار دولار دخلت موارد الدولة العراقية منذ عام 2003 في وقت تراجعت فيه الخدمات الأساسية إلى أقل ما كانت عليه في زمن الحصار.

-       الأحزاب والميليشيات المتنفذة في العراق هي من تتقاسم المصالح الاقتصادية وتسيطر على موارد الدولة وأهمها حقول النفط وموانئ التصدير والشركات الخدماتية والمطارات ومعامل البتروكيماويات وحقول الغاز مما يعني أن الوفرة المالية والاقتصادية الكبيرة في العراق تذهب لجيوب المتنفذين من قادة الأحزاب وحرمان الشعب من خيرات بلادهم.

إن المتتبع لهذا الاحتجاجات التي يقودها الشيعة لن تتوقف بهذه الاجراءات العنيفة التي تقودها وزارة الداخلية بأوامر من العبادي وأن العنف الذي تواجه به قوات الشرطة المتظاهرين لن يولد إلا مزيدا من الاحتجاجات وربما تتوسع دائرتها خارج حدود الجنوب العراقي اذا كان هناك تصعيد كبير من قبل حكومة العبادي الامر الذي ينذر بتطور الاحداث لتصبح ثورة شاملة للإطاحة بحكومة العبادي الموالية للولايات المتحدة ما لم يقوم العبادي باستيعاب هذه الاحتجاجات ووضع حلول سريعة واتخاذ اجراءات جريئة وقوية كحل مجالس المحافظات واقالة المحافظين وتحسين مستوى الخدمات وزيادة الانفاق على البنية التحتية.

وفي ظل غياب الحلول الجذرية في هذه المرحلة نتيجة ارتباطات الحكومات المتعاقبة على حكم العراق بأجندات الخارجية وتوجهات حزبية وطائفية داخل العراق لن يكون هناك حلول قريبة لازمات العراق التي خلفها الاحتلال الامريكي منذ ما يزيد عن عقد من الزمان ولن تجد حكومة العبادي وقتا كافيا لإسعافها في حل هذه المشكلات مما قد يعجل برحيلها.

أعلى