شاهد الملك وأزمة الحكم في "إسرائيل"
انبرت الصحافة العبرية خلال الأيام الماضي للتفرع في قراءة ملفات فساد رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو التي حاول المماطلة والهروب منها عبر تقديم رشى داخل
مؤسسات الدولة، إلا أن ما عرفت مؤخراً بقضية
"شاهد
الملك[1]"
أسقطت كل جهود نتنياهو في قعر سحيق في السياسة
الصهيونية، فمدير عام وزارة الاتصالات شلومو فيلبر وقع على إتفاق مع الدولة على
"شد حبل المشنقة على رقبة نتنياهو"
عبر شهادته أمام محققي الشرطة.
وبحسب إفادات الصحافة العبرية فإن
فيلبر الذي حصل على حصانة من الشرطة بعدم ملاحقته جنائياً، تلقى تعليمات صريحة من
نتنياهو لمساعدة شركة
"بيزك"
وهي كبرى شركات الاتصالات العبرية، مقابل أن تدعم
"بيزك
"
بنيامين نتنياهو عبر موقع
"واللاه"
الشهير، وقد قام مدير الموقع، ايلان يشواع، تسجيلاً للشرطة يطلب فيه مالك
الموقع، شاؤول ايلوفيتش، وهو مالك معظم اسهم شركة بيزك، يطلب منه جعل تغطية رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو وعائلته اكثر إيجابية، وملف بيزك هو آخر الملفات التي طفت
على السطح من ملفات فساد بنيامين نتنياهو، فقد وجهت اتهامات لنتنياهو بتلقي هدايا
بعشرات الآلاف من الدولارات من رجل أعمال يهودي مقيم في الخارج مقابل تقديم خدمات
للرجل، وعرفت هذه القضية بملف
"1000".
كذلك اعتقلت الشرطة الصهيونية العام الماضي 6 مسؤولين من المقربين من رئيس الوزراء
على خلفية فضيحة صفقة الغواصات، و تم وضع نتنياهو ضمن دائرة المشتبهين، وقد كشف
الصحفي الصهيوني البارز، رافيف دروكر (القناة العاشرة) عن
"قضية
الغواصات"
(المعروفة بملف 3000) للمرة الأولى، أمام
الجمهور في عام 2016، حيث كان هناك شك حول تحريف المناقصات ذات الصلة بشراء غوّاصات
"الدولفين"
وسفن من نوع
"ساعر 6"
من شركة
"ThyssenKrupp"
الألمانية، تلقي رشاوى، وتناقض في المصالح. أمام هذه الكومة من ملفات الفساد
فأمام حكومة بنيامين نتنياهو التي يسيطر عليها اليمين اليهودي عدة خيارات، أولها
تصدع الإئتلاف الحاكم وهذا هو أسوأ سيناريو بالنسبة لنتنياهو. فانسحاب أحد الشركاء
أو إنذار حزب الليكود بتعيين زعيم بدلا من نتنياهو، أو يتم إسقاط الحكومة، سيؤدي
إلى فقدان نتنياهو للسيطرة على ما يحدث. أما السيناريو الآخر فهو يتعلق بتخلي
نتنياهو عن السياسية وتقديم استقالته، لكن هذا ليس مدرجا على جدول الأعمال حاليا
بالنسبة لنتنياهو، فالتدهور الكبير في الوضع القانوني له، سيكون في حال قام فيلبر
بتقديم أدلة استثنائية في الملف 4000؛ خصوصا إذا قال المحامون لنتنياهو أن الحرب
الآن لا تدور حول بقائه في منصبه، وإنما على حريته الشخصية.
أما السيناريو الثالث فهو يتعلق بتبكير موعد الانتخابات، وهذا الأمر من المرجح أن
يعيد نتنياهو إلى الحكم مرة أخرى لا سيما كون الليكود من أكبر الأحزاب شعبية
حالياً، وإذا فاز نتنياهو في الانتخابات، سيتمكن من الادعاء بأنه حصل على تفويض
جديد، ولذلك فإن مطالبته بترك منصبه أو إعلان عجزه عن مواصلة أداء مهامه ليست
موضوعية. لكن الأمر السلبي في قرار كهذا، أن تبكير موعد الانتخابات الآن، باستثناء
إمكانية الخسارة، يمكن ألا يجنبه تقديم لائحة اتهام ضده بعد عدة أشهر أو سنة من
الانتخابات. ووفقا للتقديرات، وعلى الرغم من أن القانون لا يلزمه على الاستقالة،
إلا أن رئيس الوزراء لا يمكنه العمل في ظل لائحة اتهام ضده -
وهذا يعني أنه سيكون عليه المثول لمحاكمته وهو في منصب رئيس الوزراء.
و
يعتقد أن السيناريو الأصوب للتطبيق يتعلق في استمرار نتنياهو في الانتظار إلى أبعد
حد ممكن ورصد التقدم في إجراءات التحقيق. نتنياهو مقتنع بأنه كلما جعل موعد
الانتخابات قريبا من موعد قرار المستشار القانوني، فانه سيتمكن من الادعاء بأنه حظي
بثقة الجمهور مجددا. وهو يعتقد أن هذا الحدث ليس قريبا، وأن المستشار القانوني
يعتزم إغلاق جميع القضايا ضده.
إذا تم اتهام نتنياهو بعد الانتخابات، فان التقدير هو أن التهمة ستتمحور حول
مخالفات الرشوة أو مخالفات سيعتبرها المستشار القانوني شديدة، وعندها لن يتمكن
نتنياهو من التمسك بالادعاء بأنه حصل على الثقة وسيتعين عليه الاستقالة. ولكن إذا
كانت التهم خفيفة لا ترافقها وصمة عار، يمكن لنتنياهو استغلال الثقة المتجددة من
اجل الضغط على المستشار لإغلاق الملفات بواسطة صفقة ادعاء ومواصلة شغل منصبه.
أما بالنسبة لموقف حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو فقد عبر عنه الأخير من
خلال نشره صورة عن استطلاع الرأي الذي نشرته صحيفة
"يسرائيل
هيوم"،
وكتب على الشبكات الإجتماعية
"وعندما
يعذبونه، سيتعزز وسيواصل الاختراق – الليكود يقفز إلى 34 مقعدا!"
وفي وقت لاحق، شارك على صفحته مقالة للصحفية كارولين غليك التي سألت في بداية
المقال: "ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم؟"
التحقيقات ضد نتنياهو هي في الواقع هي جوهر الحملة التي تشنها وسائل الإعلام ضده
منذ انتخابه زعيما لليكود في أوائل التسعينيات. الشرطة تعمل كقوة ساحقة في خدمة
وسائل الإعلام".
وغالبية قيادة الليكود بحسب الصحف العبرية لديها إنطباع بأن نتنياهو سيواصل
التصدي لمؤسسات القضاء في الكيان الصهيوني ويكذب أي تهم ضده، بالإضافة إلى مساندة
وزراء الحكومة له.
[1] "شاهد الملك":
مصطلح يطلق على الشخص الذي يكون ضمن دائرة الجريمة ويختار الشهاد ضد زملاءه.