حصاد عام 2017.. المؤامرات مستمرة
انقضى العام 2017 بأيامه الثقال، ولياليه الحزينة، كيف لا والدم العربي والإسلامي يراق في كل مكان، والهيمنة الغربية حاضرة في كل شؤون الناس، حتى أصبحنا وكأننا مكبلين بالأغلال.
كان من أبرز أحداث العام الفائت سقوط ألعوبة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وتراجعه إلى أدنى مستوى بعد أن كان سيطر على مساحات شاسعة من الدولتين عام 2014 في فترة وجيزة وبطريقة دراماتيكية وصفت بالمسرحية الهزلية، ليأتي بعد ذلك التدخل الدولي لمحاربة داعش وصناعة مليشيات طائفية حلت محل السكان الأصليين في المدن العراقية السنية.
ترامب المربك
أما الحدث الأكبر خلال هذا العام فهو صعود نجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتنصيبه في الحكم، ليضع العالم أيديهم على قلوبهم خوفاً من الخطوات التي يمكن أن يتخذها هذا الرجل المغامر والطامح .
وبالفعل قد بدأ ترامب بتلك الخطوات المربكة، فقد قام بالانسحاب من عدة اتفاقيات من ضمنها اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، وأصدر قراراً بمنع مواطني سبع دول بينها 6 ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي لقي إدانة واسعة من عدة دول حول العالم.
أما الحروب الكلامية مع زعماء دول أخرى فلم يكن ترامب يتوقف عن معركة حتى ينتقل إلى أخرى، ولعل أشدها التهديدات بعمل عسكري ضد كوريا الشمالية، وتبادل الاهانات الشخصية مع زعيم كوريا الشمالية حيث وصفه ب"الرجل الصاروخ"، بينما كان يصف كيم ترامب بأنه "خروف".
الطعنة الكبيرة التي وجهها لترامب للعرب والمسلمين هو اعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونيته عزم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، متجاهلاً كل التحذيرات الاقليمية والدولية، وخطورة الوضع في المنطقة، ولا يزال مصراً على قراره رغم معاضة 128 دولة لهذا القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الشيء المخيف أن إدارة ترامب الجديدة لا تلتف لأي أحد، وهذا الاستكبار قد يدفع بالعالم بأسره إلى موجة أشد دموية مما شهدناه في العام 2017.
سوريا.. إلى أين؟
وعندما يتم الحديث عن أمريكا في هذا العصر، فمن الطبيعي أن يتم ربطها بكل المشاريع في المنطقة، فتدخلاتها ضاربة في كل مكان وعلى سبيل المثال في سوريا، حيث أغظت الطرف عن ما يجري من مجازر تمارسها قوات بشار الأسد بمساندة روسيا ضد الشعب السوري، وبدأت بتفكيك قوى الثورة السورية، وجرها إلى المؤتمرات الدولية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
الشعب السوري يعيش أسوأ أيامه التي لم يعشها من قبل، فقد كان عام 2017 أكثر دموية وفتكاً وتنكيلاً، وزادت أعداد القتلى والنازحين، وتداخلت الكثير من العوامل الخارجية في الوسط السوري حتى تاه الشعب السوري وسط مطامع القوى الخارجية.
أزمة مسلمي الروهينجا
ومن وجع سوريا إلى مسلمي الروهينجا في ميانمار (أراكان) الفئة التي وصفت بالأكثر انتهاكاً حول العالم، على يد جماعات بوذية متطرفة تحت سمع وبصر حكومة المستشارة أونغ سان سو تشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام.
احصائيات منظمة الصحة العالمية تقول إن 9 آلاف شخص من الروهينجا قتلوا بين 25 أغسطس و24 سبتمبر، من بينهم 730 طفلاً دون الخامسة.
تسببت موجة العنف ضد المسلمين في ميانمار بنزوح أكثر من 647 ألف فرد من الأقلية المسلمة إلى بنجلاديش، وهناك في مخيمات النزوح يعانون الجوع والبرد والمرض دون أن يلتف لهم أحد.
مقتل علي عبدالله صالح
ومن الخليج إلى اليمن حيث لا تزال المعركة على أشدها بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والحوثيين في الطرف الآخر، لكن الجديد خلال عام 2017 هو إعلان فض الشراكة بين طرفي الانقلاب (صالح والحوثي) والحرب بين الطرفين في مواجهات استمرت لمدة ثلاثة أيام فقط حسمت لصالح الحوثي وقتل خلالها علي عبدالله صالح، واستفرد الحوثي بالسلطة والقرار في المناطق التي لا يزال يسيطر عليها، وقام باعتقال وتهجير عدد كبير من قيادات المؤتمر الشعبي العام ونهب منازلهم وممتلكاتهم الخاصة الكثير من أموال الحزب الثابتة والمتحركة.
مقتل علي عبدالله صالح كان دافعاً قوياً لتحركات عسكرية قوية للحكومة الشرعية في الساحل الغربي، ومنطقة نهم، وعدد من الجبهات الأخرى، الأمر الذي فسر بأن مقتل صالح كان نهاية الأوراق التي كان يراهن البعض عليها للخروج من فرضية الحسم العسكري.
الربيع الإيراني
ليأتي نهاية العام 2017 بتغيرات جوهرية في الداخل الإيراني، حيث انطلقت تظاهرات غاضبة في عدد من المدن الإيرانية مطالبة بإسقاط نظام الملالي، حيث توسعت المظاهرات والدعوات إلى 70 مدينة امتدت إلى عاصمة طهران.
بدأت الاحتجاجات الإيرانية قبل ثلاثة أيام في مشهد، وكرمانشاه، وشهركورد، وبندر عباس، وزنجان، وأبهر، وخرم آباد، والأهواز، وغيرها من المدن، وقابلها الأمن الإيراني بالعنف والقوة.
حتى الآن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بنتائج ما يجري في إيران، فالنظام الإيراني لن يقف متفرجاً وبالتأكيد يستخدم كل أنواع القوة ضد المتظاهرين، لكن من يدري لعل الربيع الإيراني يزهر وتتدحرج كرة الثلج رويداً رويداً، فتدخلات إيران في الدول العربية قد تكون سبباً في نهاية زوال نظام الملالي.