فلينفجر الأردنيون
عيناف شيف - "يديعوت أحرونوت"
ان قضية الحارس زيف تحمل في طياتها العديد من الأمور العبثية التي وصلت اليها الدولة في الاسبوعين الأخيرين. وكانت بدايتها في خليط ضخم من المعلومات الخاطئة، في ظل فرض التعتيم على تفاصيل القصة، في الوقت الذي احتفلت فيه الشائعات على الشبكة الاجتماعية بشكل ما كان سيخجل ايام احشفروش. حتى عندما تم السماح بنشر تفاصيل، فان الوقت القصير بين الحادث والعملية في حلميش وازمة الحرم، خلق لدى الكثيرين الشعور وكأن سفارة تل ابيب في عمان تعرضت لهجوم ارهابي قاد الى اطلاق النار والتحصن داخل البناية.
لكنه تبين منذ يوم الثلاثاء، من خلال التقرير الذي نشرته سمدار بيري في هذه الصحيفة، ان ما حدث هو مجرد حادث ينطوي على طابع جنائي. لا الحرم الشريف ولا البوابات، ولا الكاميرات الذكية ولا الكاميرات الغبية كانت مرتبطة بالحادث ونتائجه – موت فتى عمره 17 عاما (ليس من الواضح حتى الان ما اذا كان هو الذي طعن زيف بالمفك او فعل ذلك شخص آخر) وطبيب يملك العمارة التي اقام فيها الحارس. ويوم امس كشفت طوبا تسيموكي، انه بناء على معاهدة فيينا، سيتم استدعاء زيف للتحقيق وتحويل النتائج الى الأردن.
لقد تصرف رئيس الحكومة كما يتوقع منه، في اعادة طاقم السفارة بأمان الى الكيان الصهيوني، وفي المقابل – بالصدفة بالتأكيد – قرر المجلس الوزاري ازالة البوابات. لكنه بدلا من الاكتفاء بذلك، ومواصلة العمل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، والذي لا يحتاج في كل حال الى المزيد من الذرائع من اجل البدء برقصة الدم والنار، قرر نتنياهو تضخيم المكاسب: في البداية بمساعدة المحادثة الهاتفية المؤثرة التي اجراها مع السفيرة عينات شلاين، ومع الحارس زيف، وبعد ذلك من خلال لقاء بين الاثنين. لم يستطع حتى من حاول بذل جهد، تفويت الاحتضان الساخن الذي منحه نتنياهو لزيف، والاطراء الذي اغدقه عليه وعلى شلاين ("تصرفتم بشكل جيد، برباطة جأش").
لم يكن احد سيرغب باستبدال زيف، شلاين او أي فرد من طاقم السفارة في تلك الليلة. ومع ذلك، فان اجواء المهرجان من قبل نتنياهو خلقت عرضا واهيا كما لو اننا نتعامل مع عملية بطولية وراء خطوط العدو، والتي انتهت بإنجاز كبير للحكومة وأمنها. بالنسبة لمن يفاخر بقدراته الدبلوماسية وبقدرته على عقد تحالفات مع جهات من كل الأنواع والأجناس، لم يأخذ نتنياهو في الاعتبار كيف سيتم استقبال هذه الصور في الأردن.
ما الذي حدث اذن؟ يبدو ان احاسيس نتنياهو الحادة سارعت الى تبشيره بما تحقق فعلا في الاستطلاع الذي عرضته القناة الثانية امس الاول: غالبية الجمهور لا يشعر بالرضا، في اقل تقدير، عن ادائه في قضية الحرم. ومن هنا فان الاغواء على التغطية الاعلامية لعودة الحارس بشكل احتفالي، ينطوي على رسالتين: الاولى هي اثبات ادارته الصحيحة لقضية حساسة ومشحونة، والثانية هي الدعم القاطع لمندوب صهيوني تورط خلال تواجده خلف الحدود. يمكن تفسير ذلك كنوع من التصحيح الرمزي من قبل نتنياهو لتلاعبه الشهير في قضية اليؤور ازاريا، رغم الاختلاف المطلق بين الحادثين وعدم صحة المقارنة بينهما.
لكنه لم يتم بعد اختراع احتفال اعلامي لن يتم دفع الحساب في نهايته. العلاقات مع الأردن هشة كالخزف، ورغم ذلك تسمح تل ابيب لنفسها بالتصرف مثل فيل. ليس صدفة ان وزير الخارجية الاردني اعرب عن غضبه خلال اللقاء مع CNN على احتفال تل ابيب وطالبها بالتوقف عن الاستفزاز وتشويه الحقائق. ما لم تحققه البوابات الالكترونية، يثير خطوة تسويق زائدة للاحتياجات الداخلية، وذلك قبل هدوء الفوضى في موضوع الحرم.
والأمر الأصعب، هو الشعور بأن السياسة ذاتها عملت في ظروف عشوائية ومؤقتة: من امر غير مخطط الى استطلاع، من حصار من اليمين الى ضغط دولي، من دقيقة الى ثانية. صحيح ان غالبية المدنيين لا يزالون يتحصنون داخل برامجهم لشهري تموز – آب، ولكن عندما لا يتم ادارة الامور، وانما تحدث من تلقاء نفسها، يمكن للحر ان يتحول الى طوفان.