ماذا يعني تحرير ميناء المخا في اليمن؟
تمكنت قوات الشرعية اليمنية والمقاومة الشعبية المناهضة للحوثيين الاثنين 23يناير الجاري من استعادة مدينة وميناء المخا الاستراتيجية التي تقع غرب مدينة تعز على بعد حوالي 94 كلم على ساحل البحر الأحمر، ويبلغ سكانها قرابة 62 ألف نسمة وفقاً لآخر تعداد سكاني.
وتأتي عملية استعادة المخا إلى الدولة الشرعية ضمن عميلة عسكرية جديدة أطلقتها القوات اليمنية بالتعاون مع التحالف العربي سميت بعملية الرمح الذهبي، والتي تهدف إلى تحرير الساحل الغربي اليمني من المليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبدالله صالح، والذي من المفترض أن تشمل العملية تحرير مدينة تعز مروراً بمدينة الخوخة ووصولاً إلى مدينة الحديدة التي لا تقل أهمية عن مدينة المخا والتي يقع فيها أهم ميناء يمني يمد المحافظات الشمالية الخاضعة للحوثيين بالمواد الأساسية والنفط والغاز وحركة الاستيراد والتصدير.
ومنذ بداية حملة الرمح الذهبي خاضت القوات الشرعية معارك شرسة وواجهت عقبات كبيرة في وصولها إلى مدينة المخا نتيجة محاولة الحوثي وأعوانه في التمسك بهذه المدينة التي كانت تمثل لهم معبر هام لتهريب السلاح والممنوعات عبر مينا المخا الذي اشتهر عبر زمن طويل بأنه مينا التهريب الرئيسي في اليمن.
وقبل تحرير المخا عبرت قوات الشرعية منطقة ذوباب التي حاول الحوثي أن يدافع عنها بشراسة لكنها سقطت من تحت سيطرته وكانت تمثل بوابة العبور إلى مدينة المخا القريبة من باب المندب المضيق الأهم في العالم.
ويبدو أن عزم التحالف العربي وعلى وجه الخصوص الإمارات العربية المتحدة التي كانت حاضرة بقوة في هذه المعركة، على تحرير الساحل الغربي جاء بعد إطلاق الحوثي وأعوانه تحذيرات باستهداف خط الملاحة الدولي في باب المندب بهدف الضغط على دول التحالف العربي لإيقاف العمليات العسكرية، بل وصل الأمر إلى الاستهداف المباشر لسفينة إغاثة إماراتية في أوائل أكتوبر الفائت في مضيق باب المندب كانت تحمل مواد إغاثية ودوائية ما تسبب في تعطيل السفينة وإصابة عدد من طاقمها.
وتمثل هذه الضربة الاستباقية والخطوة المتقدمة التي حققتها الشرعية في اليمن تطور لافت في ظل تواجد المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد في العاصمة صنعاء للتشاور مع الحوثي وحليفه صالح بهدف الدخول في مشاورات جديدة لإعلان خارطة الطريق التي أُعلنت من قبل ورفضت الحكومة الشرعية بعض بنودها.
ويرى محللون أن تحرير مينا المخا يمثل انتصار واضح للشرعية اليمنية وعزل للحوثيين وحليفهم صالح من خلال حرمانهم من السيطرة على الموانئ التي تزودهم بالموارد المالية وقطع وريد تهريب الأسلحة الإيرانية من القرن الأفريقي، ويوقف تهديداتهم على طرق الملاحة الدولية، ويسقط أكبر أوراقهم التفاوضية والابتزازية للعالم.
كما يمثل هذا الانتصار كسر لشوكة الانقلابيين في تعز وتهامة ورفع لمعنويات القوات المؤيدة للشرعية خصوصاً أن هناك جبهات أخرى مشتعلة وتتقدم بشكل أفضل كجبهة البقع في صعدة وجبهة ميدي على حدود حجة وكذلك جبهتي صرواح في مأرب ونهم في مشارف العاصمة صنعاء.
ومن شأن تحرير مينا المخا أن يعزز تواجد التحالف العربي في الممر الدولي الهام "مضيق باب المندب" ومنع أي محاولات للابتزاز والمضايقة والاستهداف للسفن التجارية العابرة، ويعطي رسالة إيجابية لدول العالم بأن المنطقة باتت أكثر أماناً بعد تحريرها من المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
أضف إلى كل ما سبق أن تحرير المخا، سيعطي حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي قوة تفاوضية ووسائل ضغط أكبر وفرص أوسع في سياق الجولات القادمة من المفاوضات السياسية التي يجريها مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، وقد بدت ثقة الحكومة واضحة من خلال اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس هادي بإسماعيل ولد الشيخ قبل أيام.
ويبقى النجاح الحقيقي أمام الحكومة الشرعية ومن ورائها التحالف العربي في القدرة على الاستفادة من هذه الفرص ومحاولة التقدم السريع واستعادة العاصمة صنعاء التي تمثل ثقلاً كبيراً للانقلابيين ورمزاً مهماً للدولة اليمنية، وكذلك تحرير ميناء الحديدة ودحر الحوثي من الحدود السعودية، وقلب ميزان المعركة قبل أن تطرأ تدخلات خارجية بعد صعود ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتزامناً مع المحادثات السورية التي تقام حالياً في مدينة "أستانة" عاصمة كازاخستان.