• - الموافق2024/11/21م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
شمال إفريقيا: المخاطر الخفية على الاستقرار الإقليمي

شمال إفريقيا: المخاطر الخفية على الاستقرار الإقليمي

 كلير سبينسر
برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
شاتام هاوس ـ أبريل 2009م[1] 

  

   نشر مركز “شاتام هاوس” البحثي البريطاني تقريراً عن المخاطر الخفية على الاستقرار الإقليمي لدول شمال إفريقيا، والتي يُعنَى بها في هذا التقرير دول ليبيا، وتونس، والجزائر والمغرب، وموريتانيا. ويشير التقرير إلى أن المخاطر على تلك الدول لا تنبع من الإرهاب أو الجريمة المنظمة، ولكن تنبع من داخل تلك الدول التي تفتقد إلى المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ويقول التقرير: إن غياب المشاركة الفعّالة من أبناء تلك الدول في صنع القرارات السياسية والاقتصادية يهدد باستقرار تلك الدول، وتقترح الدراسة أن تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالضغط على تلك الدول من أجل تسريع وتيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية من أجل مزيد من المشاركة في عمليات صنع القرار، من أجل ضمان استقرار تلك البلدان.
ويقول ملخص التقرير: إن منطقة شمال إفريقيا ليست مستقرة هادئة كما يبدو عليها: فهناك ضغوط اقتصادية واجتماعية وسياسية تؤدي إلى تهديد الإجماع بين الحكومات وشعوبها، وربما تتخطى تلك الضغوط الإرهاب والجريمة في كونهما المصدر الأساسي للقلاقل في المنطقة. فالقيادة السياسية في تلك المنطقة تُعد وظيفة مدى الحياة، وتؤدي زيادة الدكتاتورية إلى تقويض آمال التوصل إلى حريات سياسية واقتصادية هناك.
وبالرغم من تدهور المناخ الاقتصادي العالمي إلا أن هناك نافذة من الأمل في تلك المنطقة من أجل تسريع وتيرة الاستثمارات الداخلية سريعة التأثر بالظروف الاجتماعية، كما توجد نافذة أخرى من الأمل، ومساحة من أجل التنمية الاقتصادية والسياسية لتلك الدول، والنجاح في ذلك يتطلب إعادة التفاوض بشأن العقود الاجتماعية بين المواطنين والدولة في منطقة شمال إفريقيا، ويجب أن يكون هناك توسيع للمشاركة من خلال زيادة فرص العمل القانونية، وأن تستهدف الاستثمارات المجالات التعليمية والصحية، وتنمية المهارات، كما يجب إنشاء أُطر قانونية وتنظيمية مستقلة، وكل ذلك من شأنه أن يقاوم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول.
والتغير في البيئة السياسية لدول شمال إفريقيا يتطلب إعادة تقييم المناخ الأمني من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بإجراء تعديلات بشأن الدعم الذي تحظى به تلك الحكومات من شركائها الغربيين. ويهدف الاهتمام الغربي بمنطقة شمال إفريقيا إلى تسليط الضوء على المظاهر الأكثر دلالة على غياب الأمن في تلك المنطقة، سواء تلك المتعلقة بالإرهاب، أو بتهريب المخدرات والسلاح، أو بالمصادمات بين الشرطة وبين المهاجرين الذين يستهدفون أوروبا للعيش هناك.
كما يجب مخاطبة المظاهر الأخرى الأقل دلالة على غياب الأمن في تلك المنطقة من العالم، وتشير الظواهر إلى أن التهديدات الحقيقية على أمن تلك الدول لا تأتي من الخارج، ولكن تأتي من الداخل وذات أبعاد إقليمية وإنسانية، ومن مظاهر ذلك وأعراضه: تلك الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة التي انتشرت نتيجة حالات الفساد والبطالة المتوطنة والمزمنة هناك، بالإضافة إلى أن المواطنين في تلك الدول ينأون بأنفسهم عن السياسة والانتخابات؛ حيث يهدف الساسة هناك إلى إرضاء المجتمع الدولي والأطراف الخارجية، وليس إرضاء ناخبيهم الذين يمثلونهم.
وقد أدى الإصلاح الاقتصادي الذي شهدته تلك الدول إلى تحسين نِسَب النمو العامة ومستويات الدخل الاسمية، ولكن تجاهل الإصلاح المؤسسي، خاصة على المستويات القانونية والسياسية، شجَّع نماذج غير شرعية من المعاملات الاقتصادية، كما تزايدت النشاطات الإسلامية عبر المنطقة وازدادت الهجرة غير الشرعية، وكل تلك الممارسات من شأنها تقويض الروابط ما بين الدولة والمجتمع.
ومن ناحية أخرى فتحت النجاحات على مستوى الاقتصاد الكلي نافذة من الأمل للحكومات الإقليمية لإعادة التفكير في استراتيجياتها التنموية، وإعادة التلاحم مع مواطنيها، وربما تكون تلك الدول بحاجة إلى قيادات جديدة؛ لكي تستطيع النظر في التغيرات الأساسية التي يجب اتخاذها لإصلاح شئونها الداخلية، ولكن ما تفتقر إليه تلك المنطقة بالعموم، وبتوليفة خاصة بكل دولة، هي المكونات الأساسية التالية:
قوى عاملة ماهرة، ومتدربة ومتعلمة، وعلى استعداد للتكيُّف والتأقلم مع متغيرات ومتطلبات العولمة.
إعادة توزيع استثمارات القطاعين العام والخاص لتلبية احتياجات التنمية، وبخاصة زيادة التمويل للمجالات التعليمية والصحية ولأنظمة الرعاية والرفاهية.
بيئات اقتصادية وسياسية تشجع وتدعم الابتكار والإبداع والتجريب.
وكان يجب على تلك المنطقة القريبة من أوروبا أن تتمتع بميزات تنافسية، ولكنها فشلت في ذلك حتى الآن، ويتوقف ذلك على مدى التقدم الذي يجب تحقيقه بالتوازي مع تلك المتطلبات الثلاثة المذكورة سابقاً. ولكن هذا لا يعني التقليل من أهمية الاستمرار في تطوير البنية التحتية لتلك المنطقة، ولكن معناه أن يسير كل ذلك جنباً إلى جنب مع تطوير المسارات التنموية الحالية التي تمثل التحدي الأكبر للاستقرار في المنطقة.
وبينما تقود تونس الطريق إلى الإنجاز التعليمي ومهارة القوى العاملة، إلا أنها تفتقد بصورة حادة إلى الحريات السياسية التي يفترض أن تغذي اقتصادها المتنوع بالقوة الدائمة.
والجزائر بدورها لديها مجموعة من أهداف الاستثمار الطموحة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا إذا قللت اعتمادها على البدائل الاستيرادية، وسمحت للقطاع الخاص بأن يتطور في إطار الاقتصاد المحلي.
والمغرب لديها المناخ السياسي والاقتصادي الأكثر انفتاحاً، ولكن لا يزال الطريق أمامها طويلاً لتمزج ما بين القطاعات العصرية باقتصادياتها التقليدية في المناطق النائية.
وتظل ليبيا النظام الأكثر أبوية وسيطرة على مواطنيه في المنطقة، فبالرغم من أنها دولة غنية إلا أنها تخنق الإبداع والابتكار عن طريق الاعتماد المبالَغ فيه على عائدات النفط من أجل إطالة أمد نظام الحكم هناك، البعيد كل البعد عن المؤسسية.
لذا يجب على دول شمال إفريقيا أن تتعرف على أهم النقاط التي يجب أن يوجهوا فيها جهودهم من أجل تحقيق أهدافهم، ليصبح اقتصادهم أكثر فاعلية، وبالطبع لا يتحقق ذلك بشراء الأسلحة؛ حيث أنفقت الجزائر وحدها 15 مليار دولار ما بين عامي 2006 و2007م على المعدات العسكرية الروسية، في حين أن تلك الصفقات لا تتعلق من قريب أو من بعيد بأي مخاطر أمنية حالية أو مستقبلية، أو حتى بتهديدات سواء داخليّاً أو خارجيّاً أو حتى على حدودها. كما يجب ألا تتدخل تلك الدول لتحديد وتيرة التحرر الاقتصادي والسياسي بدون تطبيق وسائل الضمان القانونية والاجتماعية والمالية.
لذا يجب على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إعادة النظر في علاقاتهم مع تلك الدول، ويجب أن تغير من سياساتها الخاصة بكل دولة على حدة، من أجل القضاء على الإقصاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي لمواطني تلك الدول.
هذا وتشير الأرقام إلى أن الحريات في تلك الدول متدنية للغاية، فيقول مؤشر “فريدم هاوس” لعام 2009م بشأن الدول الأكثر حرية أن دول الجزائر وتونس وليبيا ليست دولاً حرة، بينما المغرب هي “حرة جزئيّاً”، وجاءت الجزائر في المرتبة 84 عالميّاً من أصل 125 دولة، في حين جاءت المغرب في المرتبة 86 وتونس 73 وليبيا 97
شمال إفريقيا: الانخراط في التعليم ونسب الأمية:

الدولة

مؤشر التنمية البشرية (الترتيب من أصل 179 دولة)

نسب الأمية من سن 15 عاماً فأكثر

1995 ـ 2005م

نسب الانخراط في التعليم الأساسي

2005م

نسب الانخراط في التعليم الثانوي

2005م

الإنفاق الحكومي على التعليم كنسبة من إجمالي الإنفاق الحكومي

2002 ـ 2005م

الجزائر

100

69.9 

97

66

-

ليبيا

52 

84.2

-

-

-

موريتانيا

140

51.2

72

15 

8.3

المغرب

127

52.3 

86 

35

27.2

تونس

95

73.4

97

65

20.8


المصدر: مؤشر التنمية البشرية، برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، ديسمبر 2008م.


[1] شاتام هاوس، مركز دراسات بريطاني مستقل يعنى بالشئون الدولية، مقره لندن.

أعلى