الجيش الصهيوني يتعلم من الموصل!!
في الاسبوع الثاني للمعركة على الموصل، لم تدخل قوات التحالف التي تحارب ضد داعش الى المدينة العراقية، بعد. فالجيش العراقي من الجنوب والقوات الكردية من الشمال يتقدمون ببطء وحذر ويتوقعون مقاومة قوية، رغم أنه من المتوقع أن تنتهي الحرب بطرد داعش من المدينة.
والى أن يحدث ذلك، سيكون هناك المزيد من الدمار والقتلى المدنيين، اضافة الى الخسائر العسكرية في الطرفين. آلاف اللاجئين الذين يتمكنون من الهرب من داعش، باتوا يهربون من المدينة. ويعتقد المحللون العسكريون أن مصير الموصل لن يكون مختلفا عن مصير مدينة أصغر مثل الرمادي، التي تم تحريرها من داعش في كانون الثاني، فقط بعد حدوث دمار كبير. وباستعارة الكلمات التي استخدمها ضابط امريكي اثناء الحرب في فيتنام، ستكون هناك حاجة إلى تدمير الموصل من اجل انقاذها.
الى المعركة في المنطقة المدنية المكتظة، المليئة بالأنفاق والمباني المفخخة وعناصر "داعش"، ينظر ايضا المهنيون الذين لا يشاركون في الحرب بشكل مباشر. هكذا، الى درجة كبيرة، ستبدو معارك المستقبل في الشرق الاوسط: احتكاك شديد في المناطق المأهولة، والسكان المدنيين سيعلقون بين الاطراف المتحاربة ويتحولون رغم ارادتهم الى درع بشري. كما ينظر حزب الله، الذي يعمل بعض مستشاروه مع المليشيات الشيعية التي تساعد الجيش العراقي، الى ما يحدث عن كثب، وبالتأكيد بمساعدة النيران الكثيفة التي تطلقها القوات الامريكية في صالح المهاجمين.
وينظر حزب الله ايضا من زاوية قريبة الى ساحة مدنية اخرى: حصار حلب في سورية. حيث تقود روسيا هناك، التحالف العسكري مع نظام الاسد والمستشارين الايرانيين ضد الثوار. وقد نشرت هذا الاسبوع على حساب يتمثل مع النظام السوري على شبكة تويتر، صورة من غرفة العمليات المشتركة في منطقة حلب، ويظهر فيها عدد من قادة المليشيات المختلفة، وفي الخلفية أعلام روسيا وإيران وسورية وحزب الله. المنظمة الارهابية الشيعية أصبحت الآن عضو مركزي في التحالف مع قوة عظمى، وشريكة فاعلة، حتى لو كانت هامشية، في التحالف الذي شكلته القوة العظمى المنافسة. وسيكون لحزب الله ما يتعلمه في الجبهتين.
دروس الموصل لها صلة بالكيان الصهيوني ايضا، التي ستدار حروبه القادمة، اذا نشبت، في المناطق المكتظة في غزة وفي جنوب لبنان. ليبرمان الذي يقول المقربون منه بأنه طلب من الجيش الصهيوني تعديل الخطط العسكرية لاحتلال غزة، يجدر به متابعة ما يحدث في العراق. لكن القوى العظمى التي تحارب في المعارك الصعبة داخل المدن، تتمتع بامتيازات لا تملكها الحكومة الصهيونية.
الساعة السياسية في الحرب التي تخوضها تل ابيب تعمل بسرعة أكبر (والدليل على ذلك هو عدم تحرك المجتمع الدولي امام المجزرة المستمرة التي ترتكبها طائرات روسيا والاسد في حلب). في حلب والموصل لن توقف صور الاطفال القتلى استمرار القصف، كما حدث في الكيان الصهيوني مرتين، في عملية “عناقيد الغضب” في قرية قانا في العام 1996، وبعد عقد زمني في حرب لبنان الثانية. الامريكيون والروس لا يواجهون ايضا تهديد الصواريخ والقذائف على سكانهم المدنيين اثناء الحرب.
بالتوازي مع معركة الموصل يتحدث قادة في الجيش الامريكي عن الاستعداد القريب لبدء معركة الرقة في شمال شرق سورية، عاصمة "داعش". هنا ايضا يتوقع أن يُهزم التنظيم الارهابي، لكنه سيزيد من جهوده في تنفيذ العمليات في الغرب، والتي تتلقى التوجيه، وأحيانا التمويل، من قيادة التنظيم في سورية.
الجيش الصهيوني يقلل من اهمية التهديد الحالي لداعش، لأن العمل العسكري لأذرعه في المناطق المتاخمة للحدود الصهيونية، في جنوب سورية وسيناء، ليس موجها ضد المدن الصهيونية. جهاز الشاباك قلق بشكل أكبر لأن تأثير داعش يتغلغل في الداخل، وجر عشرات العرب في الكيان الصهيوني.