سوريا.. شبح الحصار يهدد حلب
موجة جديدة من النزوح ومدينة أخرى تستعد للحصار والموت تحت قصف صواريخ "سوخوي" الروسية، وبراميل النظام السوري، في مدينة حلب بعد تقدم نظام الأسد مدعوماً بمليشيات إيرانية ولبنانية وعراقية وأفغانية في ريف حلب الشمالي مستفيداً من الغطاء الجوي الروسي.
تطور لافت في المعركة بسوريا وتحركات جريئة وانتقامية على حد سواء للنظام السوري ومن ورائه نظامي روسيا وإيران من أجل إجهاض أي مفاوضات والسعي لكسب أكبر مساحات على الأرض في ظل خيانة أممية ودولية للشعب السوري الصابر، ولذلك كانت حلب هي الوجهة القادمة للإجرام الروسي السوري.
وبدأت معظم الفعاليات والمبادرات الثورية داخل مدينة حلب بالاجتماع لمواجهة "شبح الحصار" ودعم جبهات القتال الحساسة في المدينة وريفها، حيث تمت مناقشة السبل والمشاريع التي يمكن العمل عليها في ظل الظروف الراهنة لإبعاد شبح الحصار عن المدينة.
وقد خرجت معظم مشافي ريف حلب الشمالي عن الخدمة بعد قصفها المستمر من الطيران الروسي بالصواريخ الفراغية للمرة الثانية على التوالي.
وتؤكد المعلومات الأولية نزوح عشرات الآلاف من سكان المدينة نحو معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا لليوم الرابع على التوالي، خوفاً من القصف الروسي الذي يستهدف السكان المدنيين، ومن المتوقع أن تبلغ موجه النزوح الجديدة نحو ربع مليون مواطن.
عشرات الآلاف من النازحين يقفون الآن على بوابة معبر السلامة التركي بعد أن سمحت السلطات التركية لعدد كبير منهم الدخول إلى الأراضي التركية خصوصاً أصحاب الحالات الإنسانية من المرضى والجرحى، وسط ضغط كبير على تركيا لاحتواء أزمة تدفق النازحين حيث تستقبل تركيا يومياً عشرات الآلاف من النازحين، في حين عجزت أوروبا عن استقبال عدد بسيط منهم.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات التركية استعدادها لمواجهة أزمة نازحي حلب، إذ أبدى الهلال الأحمر التركي وإدارة الكوارث والطوارئ استعدادهما لاستقبال جميع النازحين الذين يفدون على الحدود السورية التركية؛ عبرت واشنطن عن قلقها من فرض النظام السوري حصاراً على مدينة حلب ووصفت الوضع الإنساني في سوريا بالمريع، لكنها لم تقدم شيئاً يستحق الذكر من أجل إنقاذ هؤلاء النازحين بل تمارس الضغوط المستمرة على السطات التركية من أجل إيواء النازحين وتحمل المسؤولية بشكل منفرد.
وقد وصفت صحف بريطانية قصف حلب ونزوح عشرات الآلاف منها بأنه أسوأ مأساة في الحرب السورية، وستكون له نتائجه الكبيرة على هذه الحرب وعلى أوروبا والعلاقات بين روسيا والغرب.
وقالت صحيفة تايمز في تقرير لها إن عشرات الآلاف من النازحين أصبحوا عالقين الليلة الماضية على الجانب السوري من الحدود مع تركيا واتخذوا من الأرض المفتوحة مكانا للنوم في طقس بارد، بينما تقول منظمات العون إن القصف الروسي تسبب في أسوأ أزمة إنسانية خلال الحرب في سوريا.
وأضافت الصحيفة أن المنطقة شمال حلب فاضت بالنازحين، ونقلت عن مدير عمليات ميرسي كوربس (فيالق الرحمة) راي ماكقراس قوله إن هناك ما بين 70 و80 ألفا على الطريق، بالإضافة إلى الآلاف الموجودين في أعزاز والمدن شمال حلب.
وخاطب ماكقراس المجتمع الدولي قائلا إن هذا ليس وقت الإعراب عن الاستنكار والإدانة للقصف الذي لا يميز بين مدنيين ومسلحين، في إشارة إلى ضرورة الإسراع بإغاثة النازحين.
وحسب تعبير الكاتبة ناتالي نوغايريد في صحيفة ذي غارديان، فإن الهجوم على حلب هو لحظة التغيير في العلاقة بين الغرب وروسيا لأنه يقضي على وجود فصائل المعارضة في هذه المدينة، ويقضي على أي أمل في التوصل إلى تسوية معها".
وأضافت أن هذا هو الهدف الذي عملت له روسيا منذ فترة طويلة، وهو الدافع الرئيسي للتدخل الروسي في سوريا قبل أربعة أشهر، وأشارت إلى أنه ليس من الصدفة أن يبدأ قصف حلب مع بداية مفاوضات جنيف.
خذلان الشعب السوري سيبقى هو العنوان الأبرز للنقاشات في الحاضر والمستقبل، فمشاهد النزوح حسب –ناشطين- ليست هي الحدث في حد ذاته، بل نتيجة متفرعة عن تخاذل عربي ودولي عن تقديم نصرة حقيقية للسوريين في معاناتهم وحربهم ضد نظام الأسد.