مضايا وتعز... التجويع من أجل التركيع
تتشابه مضايا السورية، بمدينة تعز اليمنية، في الحصار والجوع الذي تفرضه الميليشيات الشيعية على المدينتين. في تعز تفرض جماعة الحوثي الموالية لإيران وحليفها المخلوع علي عبدالله صالح حصاراً شاملاً على المدينة ويمنعون وصول الأدوية والغذاء وعبوات الأكسجين حتى توقفت أغلب المستشفيات من تقديم خدماتها الطبية لسكان المدينة.
أكثر من مليوني مواطن في تعز يقبعون تحت الحصار الشامل، ولم يكتف الحوثي وصالح بحصار المدينة فقط، بل يرسل يومياً عشرات القذائف والصواريخ والرصاص الحي على السكان المدنيين، ويسقط فيها عشرات من الأطفال والنساء والمدنيين، وتعجز المستشفيات عن إنقاذ الجرحى، وأصبح السكان يُهرِّبون الغذاء والدواء عبر الجبال على ظهورهم وعلى ظهور الجمال والحمير في طرق وعرة وصعبة للغاية.
أما في مضايا السورية فهي أشد وطأة في الحصار والتجويع، فلا يمكن أن نتخيل أن يموت طفلٌ من الجوع بسبب الحصار والحرب في زمن القرن الواحد والعشرين.
معاناة سكان بلدة مضايا السورية المحاصرة من قبل نظام الأسد وميليشيات حزب الله في ريف دمشق مستمرة في ظل انعدام وسائل الحياة داخل البلدة، ورفض الميليشيات المحاصِرة للمدينة إدخالَ أي مساعداتٍ إنسانيةٍ للمحاصَرين المدنيين، وأصبح شبح الموت يخيم على أجساد أبناء مضايا بسبب الجوع أو نقص الخدمات والمواد الطبية.
أكثر من 32 حالة وفاة في مضايا بسبب الجوع ونقص التغذية، وأكثر من 200 حالة إغماء يومياً جراء سوء التغذية، فضلاً عن حالات التهاب الأمعاء والجفاف عند الأطفال، حتى وصل سعر الكيلو غرام الواحد من حليب الأطفال إلى أكثر من 350 دولار أمريكي، بسبب الحصار الخانق للمدينة. أما تعز فقد وصل عدد القتلى من المدنيين فيها إلى أكثر من 1277 بينهم 133 طفلاً، و 65 امرأة، في حين وصل عدد الجرحى إلى أكثر من 8786 جريح بينهم 800 طفل و 360 امرأة وأكثر من 7644 رجلاً أغلبهم حالتهم خطيرة وسببت لهم إعاقة دائمة، أما المعتقلين فقد بلغ عددهم أكثر 214 معتقلاً منهم 54 سياسياً، و4 إعلاميين، و 93 ناشطاً وعدد من السكان المدنيين، أما عدد الأسر النازحة بسبب الحصار فقد وصلت إلى أكثر من 9500 أسرة.
ووفقاً للإحصائيات التي نشرها المرصد اليمني لرصد حقوق الإنسان، فقد تم القصف والاعتداء على 55 مؤسسة تعليمية، و 21 مؤسسة صحية، وأكثر من 96 منشأة عامة، في حين تم تدمير وقصف ونهب أكثر من 1778 منزلاً وممتلكات خاصة.
ولعل ما يجمع ما بين مضايا السورية وتعز اليمنية هو الحصار والتجويع من قبل الميليشيات الشيعية، فالقاتل واحد والذي يفرض الحصار واحد، إنه إيران ومن ورائها ميليشياتها متعددة الأسماء.
ولعل الفارق البسيط بين البلدتين - بحسب الكاتب اليمني مأرب الورد - يكمن في أن سوريا ترزح تحت احتلال إيراني مباشر ممثلة بقوات الحرس الثوري والباسيج وإشراف ميداني من قاسم سليماني الذي تتعزز الشكوك حول إصابته بمعارك في حلب، فضلاً عن 54 ألف مقاتل من الميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية والأفغانية وغيرها، وبدعم دولي من ورسيا. أما في اليمن فهو احتلال غير مباشر لعوامل كثيرة لكن إيران حاضرة وموجودة عبر ميليشيات الحوثي التي صنعت قادتها ودعمتها بالمال والسلاح والخبراء العسكريين، ناهيك عن الدعم السياسي والإعلامي والدبلوماسي.
وكلما ارتفعت فاتورة الضحايا في هاتين المدينتين يخرج الأمين العام للأمم المتحدة ليعبر عن قلقه كالعادة دون تقديم أي مساعدة لفكِّ الحصار عن مضايا وتعز سوى بعض الشاحنات التي تعد على أصابع اليد دخلت إلى مضايا الأسبوع الماضي، وعشرات الأطنان من المواد الغذائية والدوائية وصلت إلى مدينة تعز عبر الإنزال الجوي من مركز الملك سلمان الإغاثي، وما دون ذلك فلا أحد يلتفت لمن يموت جوعاً في مضايا، أو تحت أزيز القناصة في تعز.