تعاظم "الإرهاب" اليهودي بعد كشف قتلة دوابشة
رجحت وسائل إعلام ونخبٌ صهيونية وازنة أن يفضيَ إعلان الأجهزة الأمنية عن تحديد هوية منفذي جريمة إحراق عائلة دوابشة الفلسطينية إلى تعاظم فعل التنظيمات الإرهابية اليهودية ضد الفلسطينيين.
ونوه كتاب ومحللون صهاينة إلى أن حصر تهمة إحراق العائلة في اثنين من الإرهابيين اليهود يهدف بالأساس إلى تبرئة تنظيم "فتية التلال" الإرهابي، الذي يضم الآلاف والذي خرَّج منفذا العملية من صفوفه ويعملون ضمن هياكله التنظيمية.
وأشار الصحفي أمنون أبراموفيتش إلى أن تبرئة ساحة "فتية التلال" يعني إفساح المجال أمامهم لمواصلة تنفيذ العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين، والانتقال لتنفيذ عمليات ذات طابع استراتيجي قد يفضي إلى نزاع إقليمي قد يتطور إلى عالمي.
وحذر أبراموفيتش من أن الآلاف من أعضاء تنظيم "فتية التلال" يتلقون دعماً من حاضنة اجتماعية كبيرة في طول الكيان الصهيوني وعرضه، وهو ما يعني أن كل الظروف تسمح لهم بالعمل مستقبلاً.
من ناحية أخرى قال الصحافي الصهيوني رفيف دروكير إن التحقيقات التي أجراها جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" تبرئ عملياً كبار الحاخامات والمرجعيات الدينية التي حرضت علناً على القتل، ومنحت تسويغات "فقهية" لتنفيذ محرقة عائلة دوابشة.
وأشار دروكير إلى أن هؤلاء الحاخامات سيواصلون التحريض على الإرهاب في أجواء "مثالية" على اعتبار أن عدم التعرض لهم يعني إضفاء شرعية على مواصلتهم إصدار الفتاوى التي تحث على القتل.
كذلك قال شاحر إيلان (الصحافي المتخصص بشؤون التنظيمات الإرهابية) إن أعضاء التنظيم والمرجعيات الدينية يعتقدون أن تنفيذ عمليات إرهابية واسعة ضد العرب يمكن أن تفضي إلى انفجار الأوضاع ونشوب حروب يمكن أن تفضي إلى ظهور يأجوج ومأجوج.
وأشار إيلان إلى أن ظهور يأجوج ومأجوج يعني - في نظر المرجعيات الدينية اليهودية - مقدمة لظهور "المخلص المنتظر"، الذي سيعمل على إعادة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى.
وأشارت الإذاعة العبرية إلى أن المخابرات الصهيونية تحفظت على الكشف عن بعض المخططات التي كان ينوي التنظيم تنفيذها، والتي يمكن أن تفضي إلى اضطراب المنطقة والعالم بأسره.
وأوضحت الإذاعة أن قادة الأمن الإسرائيلي يلمِّحون إلى أن أعضاء التنظيم كانوا يخططون أيضاً لتفجير مساجد في أرجاء مناطق الضفة الغربية.
ونوهت الإذاعة كذلك إلى أن أعضاء التنظيم خططوا لإحراق الكنائس، بعد أن حصلوا على "فتاوى" تحث على المس بها، بناء على الفتوى القائلة بأن "المسيحية ضرب من ضروب الوثنية".
وقال الصحافي الصهيوني المتدين يوسي إليطوف إن المرجعية الدينية التي كان منفذا عملية إحراق العائلة يتبعونها هو الحاخام إليعازر برلند، الذي يعد أحد أهم مرجعيات التيار الديني الصهيوني.
وعبَّر إليطوف عن استهجانه لأن برلند كان ينظَر إليه على أساس أنه من الحاخامات "المعتدلين"، مشيراً إلى أن وقوف برلند خلف التحريض على إحراق عائلة دوابشة يدلل على أن منفذي الجريمة يمثلون التيار العام في الصهيونية الدينية.
ويذكر أن وسائل الإعلام الصهيونية قد كشفت النقاب عن أن المتهمين الرئيسيين في جريمة إحراق عائلة دوابشة هما نجلا حاخامين بارزين، أحدهما يحمل الجنسية الأمريكية.
وأشارت المصادر الإعلامية الصهيونية أن والد أحد منفذي العملية هو الحاخام دفيد بن أولئيل، حاخام مستوطنة "كرمي تسور".
وذكرت الإذاعة العبرية أن التنظيم الإرهابي اليهودي الذي عمل ضمنه منفذا إحراق عائلة دوابشة تأسس عام 2013م، في الوقت الذي كان الهدوء يسود منطقة الضفة الغربية، وفي ظل تعاظم التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
في الوقت ذاته قالت وسائل إعلام صهيونية إن تقديم لوائح اتهام ضد منفذي إحراق عائلة دوابشة لا يعني أن هؤلاء المنفذين سيدانون في النهاية بسبب "المزايا" التي يتمتعون بها.
ونقلت الإذاعة العبرية عن مصادر قضائية في تل أبيب قولها إنه على الرغم من أن منفذي الجريمة اعترفا بها وقاما بإعادة تمثيلها، إلا أن المحكمة يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار ظروف اعتقالهم لكي تبرر تبرئتهم وإطلاق سراحهم.
إضافة إلى ذلك حمَّلت نخب صهيونية وازنة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المسؤولية عن تعاظم دور التنظيمات الإرهابية وجرائمها ضد الفلسطينيين.
وقال الصحفي نداف إيال إن تشديد نتنياهو على أن هناك فرقاً بين الإرهاب اليهودي و "الإرهاب" الفلسطيني يعني منح شرعية للتنظيمات الإرهابية.
وخلال مداخلة في قناة التلفزة الصهيونية العاشرة، نوه إيال إلى أن الإرهاب اليهودي أكثر خطورة من "الإرهاب" الفلسطيني، على اعتبار أن الأخير يستند إلى رواية "وطنية"، بينما الأول يستند إلى تطرف ديني غير مبرر، على اعتبار أن الكيان الصهيوني بأجهزته الأمنية يتولى مواجهة الفلسطينيين.
من ناحية أخرى قال المفكر الإسرائيلي البارز سافي ريخفليسكي إن نتنياهو شخصياً قام بتمجيد الحاخامات الذي يصدرون الفتاوى التي اعتمدت عليها التنظيمات الإرهابية في تنفيذ جرائمها الفظيعة ضد الفلسطينيين، وضمنهم منفذي عملية إحراق عائلة دوابشة.
وأضاف ريخليفسكي أن نتنياهو ألقى كلمة أمام مؤتمر نظمه الحاخام إسحاق غيزنبيرغ، الذي قدم كل الفتاوى التي اعتمد عليه التنظيم اليهودي المسؤول عن إحراق عائلة دوابشة.
ونوه ريخليفسكي إلى أن مئير إيتنغير أحد المتهمين الرئيسيين في جريمة إحراق عائلة دوابشة سبق أن كتب كل ما ورد في كتب غيزنبيرغ وفتاويه.
وأشار ريخليفسكي إلى أن نتنياهو امتدح الحاخام دوف ليئور، الحاخام الأكبر لمستوطنة "كريات أربع"، الذي أيد إحراق عائلة دوابشة، مشيراً إلى أن نتنياهو وصف ليئور بأنه "الكتيبة التي تقود شعب إسرائيل".
وسبق لليئور أن أفتى بوجوب عدم تغسيل الإرهابي باروخ غولدشيتاين منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي في الخليل عام 1994م بحجة أنه "شهيد"، مع العلم أنه قتل 29 مصلياً وجرح العشرات أثناء ركوعهم في صلاة الفجر.
وسبق لليئور أن تشفَّى بضحايا الهجمات التي استهدفت باريس مؤخراً، حيث قال: "يستحق هؤلاء الأشرار ما حدث لهم بسبب ما فعلوه ببني شعبنا قبل 70 عاماً".
وفي السياق نفسه ذكرت الإذاعة العبرية أن نتنياهو ينوي المشاركة في مؤتمر تنظمه دانيلا فايس أبرز زعماء المستوطنين في الضفة الغربية الأسبوع القادم، على الرغم من إعلانها أكثر من مرة تأييدها للاعتداءات التي تنفذها منظمة "شارة ثمن" الإرهابية اليهودية، والتي تضمنت إحراق مساجد وكنائس واتلاف ممتلكات والاعتداء على الآمنين من الفلسطينيين في بلداتهم وقراهم.