• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
محنة المسلمين في فرنسا

محنة المسلمين في فرنسا


لم يكن مُخطئاً مراسل قناة الجزيرة في باريس عندما ذرف الدموع وهو على الهواء مباشرة قائلاً "إن أيام المسلمين في فرنسا بعد تفجيرات فرنسا ستكون صعبة للغاية؛ خاصة إذا دخل اليمين المتطرف على الخط"، وهو الأمر الذي قد بدأت معالمه تتشكل ليس في فرنسا فحسب، بل في أغلب الدول الغربية.

وقد بدأت بالفعل السلطات الفرنسية تشدد الخناق على أنشطة المسلمين وأعمالهم، وبدأت أعين السلطات مفتوحة على المساجد والجمعيات الخيرية ودور القرآن،  بل وصل الأمر إلى إعلان رئيس الوزراء الفرنسي عزمه إغلاق المساجد والجمعيات المتطرفة، على حد تعبيره.

إيطاليا وألمانيا ودول أوروبية أخرى، سلكت الطريقة نفسها، وأصبح المسلمون يترقبون أي ردود أفعال حكومية وشعبية لتصفية حساباتهم مع كل من يعتنق الديانة الإسلامية في تلك الدول.

ومن واشنطن جاء الخطاب الموازي لقرار رئيس الوزراء الفرنسي؛ حيث طالب المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، بإغلاق المساجد داخل الولايات المتحدة الأمريكية، قائلاً: "إن الولايات المتحدة لا تمتلك خياراً سوى إغلاق عدد من المساجد لمنع تكرار هجمات باريس على أراضيها".

بعد ذلك خرج رئيس جمهورية التشيك ميلوش زيمان ليدلي بتصريحات عنصرية طالب فيها بطرد المسلمين من دول أوروبا، وذلك خلال مشاركته في احتفال بالذكرى السادسة والعشرين للثورة المخملية، وهو الأمر الذي أدانته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيكو)، وقالت إن إصرار زيمان على مواقفه العنصرية تجاه المسلمين بعامة ومسلمي أوروبا بخاصة وانحيازه إلى التيار اليميني المتطرف في بلاده هو دليل واضح على أنه لا يحترم القانون الدولي ولا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

هذه ثلاثة نماذج بسيطة تُعبر عما يعتمل في الساحة الغربية والدولية، وما يحدث من إرهاصات قد يكون لها ما بعدها، وكأننا أمام مسرحية تم الإعداد لها بكل حِرَفية، من أجل تنفيذ أهداف عليا للمصلحة الغربية، أولها محاربة الإسلاميين في تلك الدول، وغلق منابع التدين الإسلامي، وإلصاق تهمة الإرهاب والتفجيرات والقتل بكل ما له علاقة بالإسلام.

الحديث عن أن المسلمين أصبحوا خطراً على هوية وقيم وأمن المجتمع الغربي، أصبح عنواناً عريضاً يتداوله السياسيون وحكام تلك البلدان، ويبدو أنهم يضمرون في أنفسهم أشياء كثيرة تجاه المسلمين، لكنهم يخشون ردَّة الفعل الكبيرة من الجاليات المسلمة ومن العالم الإسلامي إذا اتخذوا خطوات مباشرة بدون أن يصطنعوا المبررات، ولذلك قد تأتي هجمات باريس في هذا السياق.

وقد أصبح مئات الآلاف من المسلمين في الدول الغربية والأوروبية يضعون أيديهم على قلوبهم، في انتظار أي خطوات قد تتخذها السلطات الأمنية في تلك الدول، كردَّة فعل على الهجمات التي نفَّذها مسلحون في باريس وعددٍ من عواصم الدول، ويزداد قلقُهم أكثر من سماح تلك الدول لليمين المتطرف بمواصلة تطرفه ضد كل ما هو إسلامي، وتدعيم ثقافة "الإسلاموفوبيا" التي ألقت بثقلها على عدد من الدول الأوروبية.

إجمالاً، المسلمون في دول الغرب على موعد آخر من تضييق الخناق على ممارساتهم الدينية، وأشغالهم اليومية، ولن تقتصر تلك التأثيرات على المسلمين في دول الغرب، بل قد يصل التأثير إلى دول عربية وإسلامية أخرى في ظل الحملة المسعورة ضد ما أصبح يطلق عليه "الحرب على الإرهاب"، الإرهاب الذي لم يجد له أي تعريف إلا بأنه كل ما هو إسلامي.

ويبدو أن ما يجري يصب ضمن الحملة الطويلة التي تحاول تلك الدول من خلالها تكريس صورة نمطية لدى الرأي العام، بتشويه صورة الإسلام المسلمين، وربط الكراهية والعنف بكل ما هو إسلامي.

أعلى