• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
أولى ثمار الانتفاضة الفلسطينية

أولى ثمار الانتفاضة الفلسطينية

للأسبوع الخامس على التوالي تستمر انتفاضة القدس التى انطلقت فى بداية شهر أكتوبر الحالي مستخدمة أساليب المقاومة " البدائية" الأولي والتي كانت عنوان الانتفاضة الفلسطينية المباركة الأولي في الثامن من ديسمبر 1987.

هذه الانتفاضة -أو الهبة- المباركة وهي تسير في ظل منحى تصاعدي يزداد يوماً بعد يوم و يلحق به كل أطياف الشعب الفلسطيني من كافة أبناء و فصائل العمل الوطني ، من الرجال و من النساء وبل وحتى طلاب المدارس .

ولعلنا من المهم أن نتفق جميعاً  أن هذه الانتفاضة هي محصلة لحالة الفشل الكامل والذريع لجهود السلطة الفلسطينية في السلام الُمنتظر الموعود  منذ أكثر عشرين عاما عدا عن فشل وعود المجتمع الدولي و الرباعية الدولية فى تحقيق السلام والتنمية والرفاه للفلسطينيين ، بل وفى عدم قدرتهم على إلزام الاحتلال الصهيوني بوقف الاستيطان في الاراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967 حسب قرارات الأمم المتحدة !

وكان أخر هذه العنجهية الصهيونية التلاعب والعبث بأقدس المقدسات لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين ألا وهو القدس الشريف و المسجد الأقصى المبارك

فعلى صعيد مدينة القدس شهدت الأعوام الخمسة الأخيرة إجراءات احتلالي صهيونية  شديدة  وقاسية تجاه المدينة وسكانها العرب ، حيث عملت جاهدة على تهويد المدينة المقدسة بكل الطرق والأساليب من :

تغيير الأسماء العربية، وتزييف المناهج الفلسطينية، والتضييق على الشخصيات المقدسية ومنعهم من دخول المسجد الأقصى المبارك، وهدم بيوت المقدسيين، وإجبارهم على دفع ثمن هدم بيوتهم ! وإقامة الكتل الاستيطانية فى القدس الشرقية لإحداث تغيير ديمغرافي لصالح  الاحتلال وإستهداف المقدسيين بمصادرة هوياتهم واعتقالهم، وطردهم وإبعادهم عن المدينة المقدسة، ومنعهم من بناء بيوت جديدة بل وفرض رسوم كبيرة وباهظة عليهم عند ترميم منازلهم، ومحاربتهم في لقمة عيشهم، وفرض الضرائب الباهظة عليهم.

كما تحدث عن الاعتداءات على المرابطين ومصاطب العلم باعتقالهم، وفرض الضرائب الباهظة عليهم، فضلاً عن إغلاق المسجد الأقصى لأول مرة ليوم كامل وعدم السماح لأحد بالدخول إليه كما حرقوا سجاده وكسروا نوافذه الأمر الذي رآه مؤشر يبعث الخوف والوجل مما هو آت تدبر المكائد ضد المسجد الأقصى.

أما على صعيد المسجد الأقصى- قلب مدينة القدس والذي يتعرض لإقتحامات شبه يومية -   فقد شهدت الأعوام الأخيرة عدوانا وانتهاكا غير مسبوق في التاريخ الحديث إذ ارتفع معدل  الاقتحامات الشهرية من 800 اقتحام خلال أشهر عام 2013،  ليصل الى ما يزيد على 1250 اقتحاما شهريا خلال العام الجارى 2015 .

 وهذا ما يتأتى ضمن محاولات الاحتلال لفرض سيادته على المسجد الأقصى المبارك المحتل منذ عام 1967، وتنفيذا  للأفكار المبرمجة والمساعي المتواصلة التى إزدادت بعد عام 2000 والتي كانت تنادى بضرورة  تحويل هذا الاقتحام إلى إطار التقسيم الزماني والمكاني مع المسلمين،  ثم تطورت هذه الأفكار الى مسودة قانون إسرائيلي تم طرحها عام  2012 في البرلمان الصهيوني ، وكان ينص على تخصيص وقت محدد للمسلمين للصلاة في الأقصى، ووقت محدد أيضا لليهود ليقوموا بصلواتهم وطقوسهم، أي بنفس الطريقة التي فرضها الاحتلال في المسجد الإبراهيمي بالخليل، والتي انتهت بسيطرة اليهود على 60% من المكان، والمسلمين على 40%.   والهدف من ذلك كله هو تهيئة الأجواء لبناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان قبة الصخرة المشرفة  .

عام 2015 كان بالفعل هو العام الأشد سواً و الأكثر اقتحاماً للمسجد الأقصى الشريف ، حيث تم ترجمة  الحديث الإسرائيلي العلني عن التقاسم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى إلى فعل ، بل إننا وجدنا تقاسماً زمانياً بدأ في التنفيذ عبر الاقتحام الصباحي اليومي لليمين المتطرف الإسرائيلي للمسجد الأقصى حتى باتت  مشاهد الاقتحام اليومي  و أداء الطقوس التلمودية فيه خبراً عادياً في الإعلام العربي ولدى الساسة العرب و المسلمين بل وللمجتمع الدولي .

كما انه و لأول مرة فى التاريخ الحديث يتم إغلاق المسجد الأقصى ليوم كامل وعدم السماح لأحد من المقدسيين بالدخول عدا عن  حرق  سجاده وكسر نوافذه.

لذلك يمكن القول أنه من أهم محركات هذه الهبة -الانتفاضة هو الاستهانة الإسرائيلية المستمرة بالمقدسات و العمل اليومي المنظم على تكريس هذه الانتهاكات بانتظار تحقيق حلم اليمين الصهيوني بتقسيم الاقصى زمانياً ومكانياً .

 إلا أننا وبفضل الله اولاً ثم هذه الانتفاضة المباركة وعنوانها الرئيس ثورة الدهس والدعس  بالسيارات وثورة الطعن بالسكاكين  وهذه الدماء الزكية الطاهرة والصدور النازفة والتي كان لها الفضل والاثر الكبير في وضع حـد- ولو بصورة مؤقتة - لإسطورة التقسيم الصهيوني في بعديه للمسجد الأقصى وبعد ان فشلت كافة الجهود الرسمية فى وقف هذا الجنون المتمثل بالعبث في قضية من أقدس القضايا لدى العرب والمسلمين ، وهنا ممكن أن نتوقف عند بعض الشواهد التى تدعم بل تؤكد هذا التوجه :

1-  إصدار رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قراراً مفاجئا في 8/10/2015 وبعد إسبوع من إندلاع الانتفاضة  " بمنع كافة الوزراء الاسرائيليين وأعضاء البرلمان الاسرائيلي من زيارة المسجد الاقصى " ، مع العلم أن هؤلاء الساسة كانوا يشكلون الدعم و الغطاء الرسمي المستمر لعمليات الاقتحام اليومي للاقصى.

2-   إصدار 120 من كبار الحاخامات اليهود فتوى دينية بتحريم زيارة اليهود وإقامة الشعائر التلمودية في  المسجد الأقصى المبارك فى  23/10/2015 ، مع العلم أن فتاوى سابقة للحاخامات اليهود كانت تدعو اليهود  لمواصلة الاقتحام اليومي عبر منحهم الغطاء الشرعي الديني مع وعد بالغفران لكل من يقتحم باحات المسجد الاقصى ويُقيم فيه صلواتهم.

3- متابعة استطلاعات الرأي لدى مراكز البحث الصهيونية التي تحدثت عن أن 70 % من الإسرائيليين يؤيدون الانسحاب الصهيوني من القدس الشرقية ، وهذا ما يحدث للمرة الاولى في التاريخ حيث أننا كنا نجد – في استطلاعات سابقة - أن النسبة التي تؤيد الانسحاب من القدس لا تزيد عن 20% في السنوات السابقة ،و- هذا لا يعفى ألا تكون هذه الاستطلاعات موجهة0

4-  أنه ولأول مرة منذ عدة أعوام يتم السماح لجميع الفلسطينيين من كافة الأعمار بالصلاة في المسجد الأقصى يوم الجمعة 23/10/ 2015 مع العلم أنه يتم حرمان فئات عديدة من الدخول للصلاة فى يوم الجمعة وتحديدا فئة الشباب

بكل الأحوال يمكن القول أن هذه الانتفاضة المباركة وضعت حداً- ولو مؤقتا - لأحلام التقسيم الزماني و المكاني للمسجد الاقصى المبارك والذي عجزت عنه السلطة الفلسطينية عبر مفاوضاتها العبثية خلال عشرين عاماً ، وأيضا عجز الموقف الرسمي العربي عن رغم بيانات الشجب و الاستنكار الشديد

 ولكن مطلوب أن نستمر في حماية وتوفير الحاضنة لهذه الانتفاضة حتى تتمكن من الاستمرار وممارسة مزيد من الضغط على الجانب الصهيوني حتى يتم الإسقاط الكامل لخيار تقسيم المسجد الأقصى وأية خيارت يأتى بها  جون كيرى أو غيره ، و كمقدمة حقيقية لتحقيق الكثير من الانجازات السياسية التى عجز الساسة عنها.

أعلى