نتنياهو يقسم القدس
شمعون شيفر/"يديعوت احرونوت"
إن من يبدي استعدادا للنظر باستقامة إلى واقع "الارهاب" غير المتوقف من حولنا، يجب عليه الاعتراف أن صناع القرارات لدينا لا يملكون وصفات موثوقة لتغيير الواقع السيئ. ما الذي يقترحه رئيس الحكومة؟ محاصرة الأحياء العربية في القدس، تجنيد وحدات الجيش لتعزيز الشرطة، وهدم بيوت الفدائيين. والحل الأساسي: نتنياهو الذي يجلس على موجات التخويف الذي خلقه بنفسه طوال سنوات، يطالب الآن ابو مازن بوقف الأكاذيب والتحريض.
سألني الحاخام "لاو" قبل عدة أيام: ما العمل؟
قبل أن نطرح الأجوبة، يتحتم علينا الاعتراف بأن المسؤولية عن التدهور في المنطقة تقع على كاهل الطرفين. من جهة تكشف ابو مازن كرافض منهجي لكل مقترحات السلام، ومن جهة أخرى آمن نتنياهو بأن كل شيء سيجري كما يرام دون أن يطرح أي اقتراح للتغيير وتحسين حياة آلاف الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة.
مصدر سياسي رفيع ويشعر باليأس قال انه خلال سنوات حكم نتنياهو الست، أودع نتنياهو مهمة معالجة الموضوع الفلسطيني في أيدي قريب عائلته، المحامي يتسحاق مولخو. وأضاف بسخرية: "وهكذا يبدو الأمر: اسمحوا لمولخو بالانتصار".
الاستنتاج من ذلك واضح: على رئيس الحكومة تشكيل طاقم مهني لإدارة المواجهة السياسية والعسكرية والدبلوماسية في خضم العاصفة التي تداهمنا. مع كل الاحترام لمولخو، إلا انه لا يمكنه أن يشكل بديلا للعصف الذهني المهني والعميق الذي يجب أن يخضع لإمرة قبطان الدولة.
ويجب الاعتراف بأمر آخر: نتنياهو يقوم عمليا بتقسيم القدس، وكل الأحلام بشأن توحيد عاصمتنا يزول عن الجدول نتيجة للهبة الشعبية الأخيرة. ومع ذلك، ما الذي يجب عمله الآن؟
أولا: تخفيض سقف لهيب الخطاب في الجانبين. على نتنياهو التوقف عن تهديد ابو مازن، لأن هذا في كل الأحوال ليس فاعلا. يجب العثور على طريق للحوار مع القيادة الفلسطينية، بوساطة دولية، من اجل التوصل إلى صيغة جديدة للأوضاع في الحرم القدسي. لبالغ الأسف، على خلفية الأجواء المسمومة السائدة بين نتنياهو وإدارة اوباما، يصعب الافتراض بأنه سيتم العثور على متطوعين في البيت الابيض لإنقاذ "إسرائيل" من الكارثة الحالية. فقط إذا توصلت الولايات المتحدة إلى أن موجة "الارهاب" يمكنها أن تغرق المنطقة كلها في انهار من الدم، ربما تقوم بإرسال موفدين من واشنطن.
باستثناء الخطوات الفورية التي سيتم اتخاذها من قبل الجهاز الأمني لضمان سلامتنا، يمكن توقع ، بل ومطالبة القيادة الصهيونية بطرح أفكار تطرح الأمل في صفوف الجيل الفلسطيني الشاب. إنهم لا يبحثون عن دولة ذات سيادة، ولا حتى عن حل الدولتين، وإنما عن حل لضائقتهم المعيشية، مثلا: الحق بالخروج من مكان سكناهم والعودة إليه، وحقوق المواطن الأساسية المشابهة لما يحظى به الصهيوني.
وعلى الحلبة السياسية من المناسب التخلي عن فكرة حكومة الوحدة. هذا هو ملاذ كل سياسي ليس مستعدا للقيادة وكشف وجهته في الموضوع الفلسطيني، وعمليا تحول إلى فكرة جنونية لا تساعد على إيجاد حل حقيقي.
توصية أخيرة: حان الوقت كي يتوقف نتنياهو عن تخويفنا بأنهم "يقفون على حافة إبادتنا". هذا ليس مطروحا على الجدول. وإذا واصل الحديث فقط عن التهديد بإبادتنا، وليس عن الجدران التي يقيمها من حولنا، يمكننا أن نتفكك داخليا.
رجاء منك سيد نتنياهو: توقف عن تخويفنا وابدأ البحث عن حلول عملية للواقع الرهيب الذي نشأ هنا، في ظل قيادتك.