الهدف الصهيوني من التدخل الروسي والإيراني في سوريا
أبدت المحافل الصهيونية ارتياحاً واضحاً من تكثيف التدخل الروسي الإيراني في سوريا، على اعتبار أنه يهدف إلى تحقيق هدف إستراتيجي صهيوني من الطراز الأول، وهو تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية.
ونوهت المحافل إلى أن كلاً من الروس والإيرانيين معنيون بشكل خاص بتعزيز قدرة نظام الأسد على الصمود، ومواصلة الاحتفاظ بمناطق النفوذ العلوية في الساحل، مما يعني إرساء دعائم أول دويلة يحلم الصهاينة بوجودها، وهي الدويلة العلوية.
وقد سبق لعدد كبير من النخب الصهيونية أن عبرت عن موقفها المنادي بتقسيم الدولة السورية إلى دويلات أو كانتونات، من أجل ضمان تصفية قدرة سوريا على العودة للعب دور في موازين القوى الإقليمي.
وتفترض تل أبيب أن التناحر بين الدويلات المذهبية والعرقية في سوريا المستقبل سيدفعها للبحث عن "حليف قوي" يتمثل في الكيان الصهيوني، الذي سيقدم خدماته مقابل خدمات تقدمها هذه الدويلات.
وقد أكد مركز "يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد، وكيل وزارة الخارجية الصهيوني أن الحل الأمثل بالنسبة لتل أبيب يتمثل في تدشين دويلة كردية شمال شرق سوريا وعلوية في الساحل، ودرزية في الجولان وجنوب سوريا وسنية في الوسط.
ويتضح من خلال سقف التوقعات الصهيونية أن تل أبيب معنية بأن تكون "الدويلة السنية بعيدة عن التماس مع الكيان الصهيوني بشكل مباشر، على اعتبار أنه فرص جذبها للقوى "المتطرفة" كبير بشكل خاص.
وقد أكدت الاستخبارات الصهيونية أن تكثيف التدخل الإيراني الروسي في سوريا لا يستهدف الكيان الصهيوني،مشيرة إلى أن هذا التدخل يهدف بشكل أساسي إلى تمكين نظام بشار الأسد من تثبيت أركانه في مناطق النفوذ التابعة للعلويين.
ونوه مصدر استخباري صهيوني إلى أن هناك قاسم مشترك بين روسيا و الكيان الصهيوني يتمثل في الاتفاق على ضرورة إلحاق هزيمة بالقوى الإسلامية،مشيراً إلى أن الروس يدركون جملة المصالح الحيوية للكيان الصهيوني في سوريا،متوقعاً أن يحترموها.
ورفض مصدر استخباري صهيوني بعض التقديرات التي توقعت أن يزيد التدخل الروسي المكثف في سوريا من احتمال المواجهة بين تل أبيب وموسكو.
من ناحية ثانية أوضحت المحافل الصهيونية الرسمية أن الجيش الصهيوني سيواصل عملياته النوعية والانتقائية ضد أهداف في سوريا في حال قرر أن هذا يخدم المصالح الصهيونية.
ونقلت الإذاعة العبرية عن هذه المحافل قولها إنه في حال توفرت معلومات استخبارية تسوغ القيام بعمليات جوية أو برية داخل سوريا، فأن الكيان الصهيوني لن يتردد في تنفيذ هذه العمليات.
وفي السياق كشف في تل أبيب النقاب عن أن المخابرات الصهيونية قد حصلت على معلومات مؤكدة مفادها أن تكثيف التدخل العسكري لكل من روسيا وإيران في سوريا جاء نتاج التفاهم الذي توصل إليه كل من الرئيس الروسي فلادمير بوتين وقاسم سليماني،قائد "قوة القدس" في الحرس الثوري الإيراني في موسكو قبل شهر، حيث اتفقا على إستراتيجية عمل لتعزيز التعاون بينهما للحفاظ على نظام الأسد.
ونقلت قناة التلفزة الصهيونية الثانية عن مصدر استخباري صهيوني قوله إن اتفاق بوتين سليمان يتضمن آليات عمل للحفاظ على المناطق الساحلية،التي تتواجد فيها الأقلية العلوية تحت حكم النظام، من خلال تعزيز المشاركة الفعلية للإيرانيين ولم قوات النظام بأسلة نوعية.
ويشير المصدر إلى أن المناطق الساحلية ذات التواجد العلوي تضم مصالح حيويةو إستراتيجية لكل من طهران وموسكو،حيث تتواجد القاعدة البحرية في طرطوس،التي تضمن للروس التدخل المباشر في البحر الأبيض المتوسط،في حين أن المنفذ للبحر المتوسط يمثل مصلحة علي اللإيرانيين.
ولا خلاف داخل تل ابيب على أن تكثيف الدعم العسكري الروسي لنظام الأسد غير المسبوق يدلل على أن بوتين لم يعد مستعد للتعاون مع أية تسوية سياسية لحل الصراع إن كانت تتضمن تخلي بشار الأسد عن الحكم.
ويرى الصهاينة أن بوتين مقتنع أنه لا توجد ثمة ضمانة للحفاظ على المصالح الروسية في سوريا والمنطقة بدون الحفاظ على نظام الأسد.
وتشير محافل التقدير الإستراتيجي في تل أبيب أن الروس يريدون إيصال رسالة لقوى المعارضة السورية المسلحة مفادها أنه في حال استهدفت هذه القوى المناطق العلوية في الساحل، فأنها ستواجه بردة فعل روسية عسكرية مباشرة، على اعتبار أن هذه المناطق تمثل منطقة نفوذ روسية حيوية.
من ناحيته قال المستشرق الصهيوني إيال زيسر أن الروس من خلال رفع شماعة محاربة "الإرهاب الإسلامي يسعون إلى تحويل سوريا إلى جزء من الصراع على قيادة العالم، مشيراً إلى أن بوتين يعتقد بأن بإمكانه ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في المنطقة، وهذا ما يفسره عدم تردده في عقد الصفقات مع مصر وإيران.
وأوضح زيسر أن التدخل الروسي المباشر لا يمس بإسرائيل ولا يعني مساعدة إيران على تحويل سوريا إلى نقطة انطلاق للعمل ضد الكيان الصهيوني، منوهاً إلى أن هذه الفترة تختلف بشكل كبير عن فترة الستينيات والسبعينيات.
وأكد "مركز يروشليم" الصهيوني أن الدعم السياسي الروسي لنظام الأسد لا يقل أهمية عن التدخل العسكري، حيث يبدو بوتين يشدد بصوت عال على أن بشار الأسد جزء مهم من الحل وليس عرض من أعراض المشكلة.
ولا خلاف في تل أبيب على أن الاتفاق النووي الذي توصل إليه إيران مع الدول العظمى أسهم في تعزيز التعاون الروسي الإيراني.
ويرى الكاتب الصهيوني أرئيل كهانا إنه لم يكن لبوتين أن يجرؤ على عقد لقاء مع قاسم سليماني في دمشق والتعاطي معه على هذا النحو من الأهمية لولا نافذة الفرص التي سمح بها الاتفاق النووي.
وينقل كهانا عن مصادر استخبارية صهيونية قولها إن الإيرانيين والروس يمكن أن يتحولوا للتعاون في مناطق نفوذ أخرى، مثل العراق واليمن ولبنان.